الملخص
یعد الائتمان اساس التعامل فی الحیاة التجاریة ، بل ان الملاحظ على نجاح التاجر (سواء أکان فردا ام شخصا معنویا) أنه مرتبط ارتباطا وثیقا بمدى الثقة التی یمنحها له المتعاملون معه ، خاصة اذا ما علمنا ان النشاط التجاری أداته رؤوس الاموال التی تکون فی اغلب الأحیان أموالاً ضخمة قد لا تتوافر لدیه فی الحال مما یدفعه الى تأجیل الوفاء بها وطلب آجال لاحقة لذلک من قبل دائنیه الذین یمنحونه ذلک استنادا الى هذا الائتمان ومدى ثقتهم به ، لکن هذا الأجل لا یمکن ان یترک بدون وسیلة حمایة تؤمن للدائنین مطالبتهم بحقوقهم اذا أخل التاجر المدین فی سدادها ، لذا نلاحظ المشرع فی القوانین المختلفة لم یترک الامر بدون تنظیم تشریعی فأسس نظام للافلاس کأداة مهمة ووسیلة للضغط على التاجر الممتنع او المتوقف عن سداد دیونه.
الموضوعات
أصل المقالة
إفلاس المصرف فی ضوء القانون رقم (40) لسنة 2003 - دراسة تحلیلیة مقارنة -
Bank bankruptcy In view of Law No. (40) for the year 2003
زینة غانم الصفار کلیة القانون/ جامعة الموصل Zina Ghanem Al-Saffar College of law / University of Mosul Correspondence: Zina Ghanem Al-Saffar E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 7/3/2007 *** قبل للنشر فی 25/6/2007.
(*) Received on 7/3/2007 *** accepted for publishing on 25/6/2007.
Doi: 10.33899/alaw.2007.160501
© Authors, 2007, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
مقدمة:
یعد الائتمان اساس التعامل فی الحیاة التجاریة ، بل ان الملاحظ على نجاح التاجر (سواء أکان فردا ام شخصا معنویا) أنه مرتبط ارتباطا وثیقا بمدى الثقة التی یمنحها له المتعاملون معه ، خاصة اذا ما علمنا ان النشاط التجاری أداته رؤوس الاموال التی تکون فی اغلب الأحیان أموالاً ضخمة قد لا تتوافر لدیه فی الحال مما یدفعه الى تأجیل الوفاء بها وطلب آجال لاحقة لذلک من قبل دائنیه الذین یمنحونه ذلک استنادا الى هذا الائتمان ومدى ثقتهم به ، لکن هذا الأجل لا یمکن ان یترک بدون وسیلة حمایة تؤمن للدائنین مطالبتهم بحقوقهم اذا أخل التاجر المدین فی سدادها ، لذا نلاحظ المشرع فی القوانین المختلفة لم یترک الامر بدون تنظیم تشریعی فأسس نظام للافلاس کأداة مهمة ووسیلة للضغط على التاجر الممتنع او المتوقف عن سداد دیونه .
وبذلک نجد أن أهم المبادئ الاساسیة التی یقوم علیها نظام الإفلاس یمکن ایجازها بما یلی :
1- حمایة مصلحة دائنی التاجر المفلس وذلک من خلال غل ید المدین عن ادارة امواله والتصرف بها بمجرد صدور قرار بذلک ، فضلاً عن خضوع المدین المفلس الى بعض الجزاءات الجنائیة فیما لو کان افلاسه نتیجة تقصیرمنه او تدلیساً إضراراً بالغیر .
2- مراعاة مبدأ المساواة بین الدائنین عند توزیع أموال المدین المفلس ووصف أمین التفلیسة بانه ممثل قانونی عن جماعة الدائنین مع الأخذ بنظر الاعتبار مراعاة أصحاب الدیون الممتازة التی تمنحها حق التقدم والافضلیة فی استیفاء الدین .
3- إن قواعد الإفلاس تعد من النظام العام نظراً لما یمثله إفلاس التاجر – فرداً کان ام شرکة- من آثار سلبیة تنعکس علیه بحیث یمثل قرار الإفلاس حکماً ینهی وجوده فی الحیاة التجاریة وهذا ما استدعى جانباً من الفقه الى اطلاق وصف (الموت المدنی للتاجر) على التاجر المفلس مما دفع المشرع الى التدخل بنصوص قانونیة صریحة لتحقیق العدالة والتوازن، فأخضع إجراءات الإفلاس لمراقبة ومتابعة الجهة القضائیة ، وعلیه لا یجوز الاتفاق على مخالفة أحکام نظام الإفلاس کونها من نصوص النظام العام .
وفی بادئ الأمر لابد لنا أن نوضح أن المشرع العراقی قد وضع نظاماً للافلاس التجاری الذی یطبق على طائفة التجار کی یمیزه عن حالة الإعسار المدنی التی تطبق على المدین الذی لا یکون تاجرا والمنظم وفق نصوص القانون المدنی العراقی النافذ لسنة 1951 .
وبالرجوع الى قانون التجارة رقم (149) لسنة 1970 الملغی فقد خصص الباب الخامس منه للإفلاس والصلح الواقی منه فتناول الموضوع من کل الجوانب وکان موفقا فی الوصول الى الحلول القانونیة لکل المسائل التی تثار فی هذا الصدد ، وحتى بعد صدور قانون التجارة رقم (30) لسنة 1984 النافذ فقد تضمنت المادة (331) نصا یقضی بما یلی (1- یلغى قانون التجارة رقم (149) لسنة 1970 وتعدیلاته باستثناء الباب الخامس منه المتضمن احکام الافلاس والصلح الواقی منه لحین تنظیم احکام الاعسار بقانون ……..) .
وهذا یدل دلالة واضحة على ان المشرع حینها لم یهمل موضوع الافلاس بل تریث فی اصدار قانون مستقل خاص بالافلاس الى وقت لاحق نظرا للظروف السیاسیة والاقتصادیة التی کان یمر بها العراق آنذاک عند صدور قانون التجارة الاخیر لسنة 1983 .
الا انه فی السنوات الاخیرة الماضیة وبعد الاحداث التی حلت مؤخرا واحتلال العراق فی سنة 2003 صدر قانون المصارف رقم (40) لسنة 2003 . وتضمن نصوصاً قانونیة وأحکاماً عامة لتنظیم مهنة المصارف فی العراق أی المصارف المؤسسة فی العراق بغض النظر عن جنسیتها وطبیعة رؤوس الاموال التی تساهم فیها وطنیة کانت ام اجنبیة وهذا ما أکدته المادة الأولى منه فی أحکام التعاریف بأن مصطلح مصرف یعنی شخصا یحمل ترخیصا او تصریحا بمقتضى هذا القانون لمباشرة الاعمال المصرفیة والأنشطة المصرفیة الأخرى ، إذ یلاحظ أن الغایة من تشریع هکذا قانون هو تشجیع وتوسیع نطاق الاستثمار الأجنبی فی العراق واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبیة لاستثمارها فی العراق .
إلا أنه یجدر التنویه فی هذا الصدد ، الى أن الملاحظ على القانون المذکور آنفاً انه قانون لم یخلُ من المثالب القانونیة واللغویة کما یبدو على نصوصه التعقید وعدم الوضوح والسبب مؤکد هو ظروف تشریعه والجهة المصدرة له .
ورغم ما تقدم ، فقد ارتأیت أن أتناول فی بحثی المتواضع هذا تسلیط الضوء على مواد هذا القانون فیما یتعلق (بافلاس المصرف) موضحة أسباب الخلل فی هذه النصوص مع الاستعانة بأحکام الافلاس الواردة فی قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 ، والمقارنة أیضاً مع قانون التجارة المصری رقم (17) لسنة 1999 ساعیة فی ذلک الى التوصل الى اقتراح نحث من خلاله المشرع العراقی على إعادة النظر مجدداً فی موضوع الإفلاس بصفة عامة وذلک من خلال تفعیل القواعد العامة للافلاس التی وردت فی قانون التجارة لسنة 1970 الملغی وتنظیمها بالمنهج والفلسفة ذاتها ضمن أحکام قانون التجارة الحالی رقم (30) لسنة 1984 کقواعد أساسیة تحکم إفلاس التاجر فرداً کان أم شخصاً معنویاً ولا ضیر من اعتماد قانون خاص یحکم عمل المصارف بضمنها النصوص القانونیة الخاصة بإفلاسها ، على أن یکون هذا القانون تشریعاً وطنیاً یتسم بالوضوح وبساطة الأسلوب وقوة التأثیر کی یکون دلیلاً قانونیاً تستعین به المحاکم العراقیة فی هذا الخصوص ، وعلى المحکمة المختصة بنظر إفلاس المصرف الرجوع الى القواعد العامة بالإفلاس فیما لم یرد بشأنه نص فی القانون الخاص وبذلک یکون المشرع العراقی قد وضع الحلول المناسبة للوقوف على ما یثیره الموضوع من خلاف وجدل أثناء تطبیقه على الواقع .
ولابد من التنویه ابتداءاً الى أن موضوع الإفلاس موضوع واسع جداً لا تغطیه عشرات الصفحات فی بحث متواضع ، بل إن استیفاء دراسته تتطلب مؤلفات ضخمة نسبیاً.
وعلیه ستنحصر دراستی بالموضوع فی هذا البحث بالقواعد القانونیة التی تناولت إفلاس المصارف فی القانون رقم (40) لسنة 2003 . معلقة على هذه النصوص ومحللة لها مع الأخذ بنظر الاعتبار مدى امکانیة الاستعانة بالنصوص الواردة فی قانون التجارة العراقی رقم (149) لسنة 1970 الملغی ومقارنتها مع قانون التجارة المصری رقم (17) لسنة 1999 ومن الله أرجو العون والتوفیق .
ولما تقدم سنتناول موضوع بحثنا هذا فی خطة على الوجه التالی :
المبحث الاول : التعریف بافلاس المصرف
المطلب الاول : المقصود بافلاس المصرف وشروطه
المطلب الثانی : المصارف التی یطبق علیها نظام الافلاس
المبحث الثانی : اجراءات اشهار افلاس المصرف
المطلب الاول : صاحب الحق فی طلب اشهار افلاس المصرف
المطلب الثانی : المحکمة المختصة باشهار افلاس المصرف
المطلب الثالث : ادارة تفلیسة المصرف
المبحث الثالث : آثار افلاس المصرف
المطلب الاول : آثاره بالنسبة للمصرف المدین
المطلب الثانی : آثاره بالنسبة لدائنی المصرف
الخاتمة
المبحث الأول
التعریف بإفلاس المصرف
سنتناول فی هذا المبحث مطلبین یتضمن الاول المقصود بإفلاس المصرف من خلال البحث فی تعریفه وشروطه ویلیه مطلب ثانٍ نوضح فیه المصارف التی یطبق علیها نظام الإفلاس .
المطلب الأول
المقصود بإفلاس المصرف وشروطه
الإفلاس لغةً : هو حالة الانتقال من الیسر الى العسر وقانونا : هو توقف التاجر عن دفع ما علیه من دیون تجاریة .
ومما تقدم یمکن استخلاص شروط الإفلاس بصفة عامة بما یلی :
1- أن یکون الشخص تاجراً وهو کل شخص طبیعی أو معنوی یزاول باسمه ولحسابه الخاص عملا تجاریا على وجه الاحتراف .
2- أن یتوقف هذا الشخص عن دفع دیونه التجاریة حصرا ، فلو کان الدین مدنیاً بحکم ماهیته فلا یقود الى اشهار الافلاس وعلیه فان امتناع المدین عن دفع دین مدنی لا یبرر شهر إفلاسه لأن الإفلاس نظام یسری على التجار فقط ویجب أن یکون الدین الذی توقف المدین المفلس عن دفعه حالاً ومحققاً وخالیاً من النزاع ، فإذا کان سبب امتناع المدین لبطلان الدین او انقضائه بالوفاء او التقادم او المقاصة فعلى المحکمة رد الدعوى بطلب افلاس التاجر لعدم توافر شروط معینة فی الدین ، ویشهر إفلاس التاجر لمجرد توقفه عن الدفع حتى لو کان یملک اموالاً تزید على مجموع دیونه ، أی إنه یحکم على التاجر المتوقف عن الدفع مهما کانت قیمة الدین صغیرة او کبیرة ، وهذا تأکید لمبدأ الائتمان والثقة التجاریة التی تسود الواقع التجاری .
3- صدور قرار بإشهار إفلاس التاجر إذ لا یترتب على مجرد التوقف عن دفع الدیون آثار ما لم یصدر قرار من المحکمة المختصة بذلک ، وهنا یلاحظ على المشرع العراقی والمصری أنهما لم یأخذان بنظام (الإفلاس الفعلی) کأثر من آثار التوقف عن الدفع ویقصد به توقف التاجر عن دفع دیونه المستحقة وقبل صدور قرار من المحکمة المختصة بإشهار افلاسه أی یکون فی الفترة الواقعة بین التوقف وبین تاریخ صدور القرار .
والشروط المذکورة آنفاً تستدعی التوقف عندها لمعرفة کیفیة شمول المصرف بهذا النظام . فقد بات معروفا لدینا أن المصارف تقوم بدور أساس فی النشاط التجاری والاقتصادی لما تقدمه للعمیل من ائتمان وخدمات مصرفیة أخرى کی تمکنه من الحصول على الأموال التی یحتاجها مما یدفع بالعملیة الاقتصادیة نحو الأمام فی أجواء تسودها الثقة والاطمئنان ما بین المصرف والعمیل .
وهذه العملیات والخدمات تعد تجاریة بحکم القانون وذلک استنادا الى نص المادة (الخامسة والسادسة) من قانون التجارة العراقی النافذ لسنة 1984 .
فیقوم المصرف بهذه الاعمال قاصدا تحقیق الربح على وجه الاحتراف والمضاربة بأسعار النقد والاسهم والسندات التی یتعامل فیها والفوائد المستحصلة من القروض وغیرها .
وعلیه فلا جدال فی وصفه (تاجرا) رغم کونه شخصا معنویا یزاول أعمالاً تجاریة معینة .
وهنا تجدر الإشارة الى أن المشرع المصری قد جاء بنص یمثل استثناءاً على القاعدة التی تقضی بأن نظام الافلاس ینطبق على کل شخص یکتسب صفة التاجر وهذا ما أکدت الفقرة الاولى من المادة (704) من القانون المذکور ، إذ إنها أجازت إشهار إفلاس أی شخص (وإن کان لا یحمل صفة تاجر) بأنه قام مستتراً بالشرکة التی أشهر إفلاسها بأعمال تجاریة تنصرف آثارها لحسابه الخاص ، وتصرف بأموال الشرکة کما لو کانت أمواله الخاصة وهذا ما یطلق علیه بـ (التاجر المستتر) ، وبهذا أجاز المشرع للمحکمة أن تشمله أیضاً بإشهار إفلاسه ولو لم یکن تاجراً . وهذا النص ما هو الا تأکید أورده المشرع المصری على نص المادة (18) من القانون التجارة المصری ، جاء فیه (تثبت صفة التاجر لکل من احترف التجارة باسم مستعار او مستتر وراء شخص آخر) ، وافترض المشرع أیضاً شمول صفة التاجر فیمن ینتحلها بواسطة الإعلان عنها فی صحف او منشورات او وسائل الإعلام الأخرى وذلک فی المادة (19) من القانون ذاته .
وعلیه أخذ قانون التجارة المصری بما استقر علیه الفقه من وصف الشخص الظاهر تاجراً ویجوز إشهار إفلاسه وذلک حمایة لمبدأ الوضع الظاهر الذی تقوم علیه التجارة.
وبالرجوع الى قانون التجارة العراقی الملغى لسنة 1970 نجد أن المادة (721) قد نصت على ما یلی (إذا طلب إشهار إفلاس الشرکة جاز للمحکمة أن تقضی أیضاً بإشهار إفلاس کل شخص قام باسمها بأعمال تجاریة لحسابه الخاص وتصرف فی اموالها کما لو کانت امواله الخاصة) ، بینما خلا قانون المصارف العراقی رقم (40) لسنة 2003 من نص مماثل رغم الآثار المهمة لهذا النص فی حمایة دائنی المصرف المدین.
لذا نجد أن نظام الإفلاس ینطبق بوضوح على المصرف کونه تاجرا قد یتوقف فی یوم من الأیام عن تنفیذ التزاماته تجاه الغیر أی تسدید دیونه التجاریة سواء أکان الغیر من القطاع العام او الخاص .
وهذا التاجر غالبا ما یتخذ شکل شرکة مساهمة تتکون فی هیئة مؤسسات مالیة تهدف الى ممارسة النشاط المصرفی المنصوص علیه فی القانون او ما جرى العرف على اعتباره من قبیل العملیات والخدمات المصرفیة .
ویقتضی التنویه فی هذا الصدد أن المشرع العراقی فی قانون الشرکات النافذ رقم (21) لسنة 1997 قد أوجب أن تکون الشرکة التی تتخذ من نشاطها مؤسسة مصرفیة کی تقدم خدماتها للجمهور ان تکون شرکة مساهمة حصراً وهذا ما اکدته الفقرة الثانیة من المادة العاشرة من القانون المذکور إذ جاء فیها (ثانیا. یجب ان یأخذ شکل شرکة مساهمة من یمارس ایاً من النشاطات الآتیة : 1- المصارف 2- التأمین واعادة التأمین 3- الاستثمار المالی) ، ولکن تجدر الاشارة الى ان النص المتقدم قد تم تعدیله على النحو التالی (ثانیاً. یجب على الشرکات التی تمارس ایاً من النشاطات التالیة ان تکون شرکة مساهمة 1- التأمین واعادة التأمین 2- الاستثمار المالی) وبذلک استثنى التعدیل الاخیر المصارف ولم یلزمها اتخاذ شکل شرکة مساهمة أی ان مفهوم المخالفة للنص یجیز للمصارف المؤسسة فی العراق ان تأخذ شکل أی شرکة من الشرکات المنصوص علیها فی هذا القانون .
والحکمة من هذا النص هو فسح المجال للمستثمرین من العراقیین والاجانب لامکانیة تأسیس مصرف على شکل شرکة قد تکون تضامینة او بسیطة او أی نوع آخر ، وهذا فی حقیقته یتماشى مع الاسباب التی دفعت الى إدخال هذه التعدیلات على قانون الشرکات النافذ من أجل تبنی منهج اقتصادی یعتمد على القطاع الخاص بشکل رئیسی وتفعیل دوره فی تطویر المشاریع التجاریة والصناعیة فی العراق .
وبذلک سیخضع المصرف حتما لنظام الافلاس شأنه شأن باقی التجار الذین قد یتوقف أی منهم فی فترة ما عن دفع وتسدید دیونه التجاریة مما یدفع الدائنین فی هذه الحالة الى اللجوء الى القضاء لتثبیت حالة التوقف ومن ثم اصدار قرار باشهار افلاسه لضمان حصولهم على دیونهم منه .
لکن الملاحظ على قانون المصارف العراقی رقم (40) لسنة 2003 أن المادة (71) منه قد ذکرت اسباب اشهار افلاس المصرف بالنقاط الآتیة :
1- عدم وفاء المصرف بالتزاماته المالیة بما فیها الالتزامات المتعلقة بالودائع عند استحقاقها او.
2- اذا قرر البنک المرکزی العراقی ان رأسمال المصرف یقل عن 25 فی المائة من رأس المال المطلوب عملا بالفقرة (1) من المادة 16 او .
3- اذا قرر البنک المرکزی العراقی ان قیمة أصول المصرف تقل عن قیمة مسؤولیاته ، وبخصوص الفقرة الاولى من المادة المذکورة آنفاً فانه کان الاولى بالمشرع النص صراحةً على ان الاصل فی الافلاس هو مجرد التوقف عن دفع الدیون ولیس عدم الوفاء بها.
وهنا تجدر الاشارة الى ان مشرع القانون قد أضاف سببا آخر لافلاس المصرف ألا وهو صدور قرار من البنک المرکزی العراقی بوصفه جهازاً یدیر النظام النقدی فی العراق اذا وجد ان المصرف یقل رأسماله عن حد معین او ان قیمة اصوله تقل عن خصومه دون ان یضع معیاراً دقیقاً وکأنه ترک الامر للسلطة التقدیریة للبنک وسیاسته النقدیة .
ومن المسلم به ان البنک المرکزی العراقی لا یعد جهة قضائیة أی غیر منوط به إصدار الاحکام وکان الاجدر بالمشرع القانون ان یمنح البنک المرکزی العراقی حقاً یتمثل برفع طلب او توصیة للمحکمة المختصة بإصدار قرار الإفلاس على المصرف .
لذا نقترح ان یکون النص على الوجه الآتی (1-یعتبر المصرف فی حالة افلاس اذا توقف عن دفع دیونه والوفاء بالتزاماته او اذا صدر قرار من المحکمة بناءاً على طلب البنک المرکزی العراقی اذا وجد مبرر لذلک ، 2-یکون قرار المحکمة بهذا الشأن قابلا للاعتراض علیه امام محکمة الاستئناف بصفتها التمییزیة خلال 30 یوم من تاریخ التبلغ به ویکون قراراها قطعیاً) .
المطلب الثانی
المصارف التی یطبق علیها نظام الإفلاس
وضحنا مقدماً ان نظام الافلاس یقتصر على کل من تثبت له صفة التاجر قانوناً، وبالتالی سیخضع لهذا النظام فیشهر افلاسه اذا توقف عن دفع دیونه التجاریة المستحقة الاداء، فیشمل التاجر الفرد والشرکة ایضاً التی تأسست وفقا لاحکام قانون الشرکات سواء اکانت شرکة تضامنیة او مساهمة او بسیطة او حتى شرکة الشخص الواحد طالما انها تتمتع بالشخصیة المعنویة فستخضع لهذا النظام.
ولم یوضح قانون المصارف العراقی رقم (40) لسنة 2003 شروط الشرکة او المصرف الذی یخضع لنظام الافلاس ، بینما اشار المشرع العراقی فی قانون التجارة الملغی لسنة 1970 فی المادة (715) منه على ذلک ، اذ تضمنت الفقرة الاولى ما یلی (فیما عدا شرکات المحاصة یجوز اشهار افلاس کل شرکة تجاریة اذا وقفت عن دفع دیونها التجاریة اثر اضطراب اعمالها المالیة ویجوز اشهار الافلاس ولو کانت الشرکة فی دور التصفیة) ، ولما کان المصرف یتخذ شکل شرکة من الشرکات المنصوص علیها فی القانون لاسیما بعد التعدیل الاخیر من قانون الشرکات العراقی فی المادة العاشرة منه بحیث اجاز المشرع تأسیس مصرف على شکل شرکة قد تکون مساهمة او تضامنیة او ذات مسؤولیة محدودة او حتى مشروع فردی ، وعلیه نقترح على المشرع العراقی النص فی قانون المصارف على ما یأتی (یخضع لنظام الافلاس کل مصرف یتخذ شکل شرکة من الشرکات التجاریة المنصوص علیها فی القانون 2- لا تسری احکام الافلاس على مصارف قطاع الدولة وهیئاتها) .
لذلک نجد ان نظام الافلاس ینطبق حصرا على مصارف القطاع الخاص التی تعود ملکیتها وتمویلها للافراد سواء اکانت تتخذ شکل شرکات اموال (مساهمة) او شرکات العوائل او ما یعرف عندنا فی العراق بشرکات (الاشخاص) ویطلق على هذا النوع من المصارف فی العراق (بالمصارف الاهلیة) وبالتالی لا یشمل نظام الافلاس المصارف المملوکة لقطاع الدولة أی (المصارف الحکومیة) فتعود ملکیتها الى الدولة وبالتالی لا یخضع هذا النوع من المصارف لنظام الافلاس نظرا لما تتمتع به الدولة من ملاءة مالیة کبیرة ، اذ حسم المشرع الامر فمنح صفة التاجر لشرکات قطاع الدولة وتسری علیها الاحکام الخاصة بالتاجر باستثناء الافلاس ، ویرى البعض ان لهذا الاستثناء خطورة تنعکس على الضمان العام لدائنی المصرف الحکومی وعلى الرغم من وجاهة الانتقاد فانه یصعب تصور إفلاس هذه المصارف کونها مدعومة مالیاً من قبل الدولة ، الامر الذی یدفع العملاء فی بعض الاحیان الى اللجوء للتعامل معها نظرا لقدرتها على تلبیة التزاماتها فی أی وقت کان دون ان تصبح فی حالة عجز او توقف عن أداء دیونها کونها مملوکة للدولة .
والمصرف یتخذ شکل شرکة تجاریة تهدف للمضاربة وتحقیق الربح من خلال العملیات المصرفیة والخدمات التی تقدمها للعملاء وتمتلک شخصیة معنویة مستقلة ومن الممکن ان یتعرض للافلاس نتیجة لسوء استخدامه للاموال باستثمارها فی مشاریع غیر مجدیة او نتیجة حسابات خاطئة دفعت المصرف الى الدخول فی عملیات غیر ناجحة .
وبما ان المصرف شرکة فیشترط ان یکون متمتعاً بالشخصیة المعنویة المستقلة من شخصیة الشرکاء لان الافلاس نظام یهدف الى تصفیة ذمة المدین المفلس فرداً کان ام شرکة لانها تمثل الضمان العام للدائنین ، وبالتالی یخضع لنظام افلاس الشرکات التی نظمها المشرع فی القانون التجاری .
لکن الذی استوقفنا أمام هذا الموضوع ودفعنا للبحث فیه هو صدور قانون المصارف العراقی رقم (40) لسنة 2003 الذی وضحنا مقدما کونه قانوناً غیر واضح وغیر دقیق الصیاغة اللغویة والقانونیة فنجد فی المادة (70) منه ما یلی وتحت عنوان (عدم انطباق القانون العام للاعسار على المصارف) : (لا ینطبق على المصارف قانون اشهار الافلاس ولا أی احکام اخرى تعدل قانون اشهار الافلاس او تحل محله کلیا او جزیئا).
وکأن النص استبعد ابتداءً تطبیق نصوص الافلاس الواردة فی قانون التجارة العراقی رقم (149) لسنة 1970 الملغی بینما تشیر نصوص کل القوانین الى أن الافلاس نظام خاص بالتاجر شخصا طبیعیا کان ام معنویا ، والمصرف تاجر یمارس على وجه الاحتراف عملا تجاریا معینا بقصد الربح فکیف نصادر تطبیق قواعد الافلاس علیه؟ وکان الأولى بمشرع هذا القانون ان ینظم نصاً مقتضاه (تخضع المصارف المؤسسة فی العراق للقواعد العامة بنظام الافلاس التی یخضع لها التاجر المتوقف عن دفع دیونه التجاریة والواردة فی قانون التجارة مع مراعاة خصوصیة النشاط المصرفی وفقا لاحکام قانون المصارف العراقی رقم (4) لسنة 2003) وتکمن الحکمة من التأکید على اسناد موضوع افلاس المصارف الى تشریع خاص بذلک هو حمایة الائتمان التجاری فی العراق وضمان رصانة التعامل فی اطر تسودها الثقة والاطمئنان خاصة بعد السماح لغیر العراقیین بتأسیس مصارف فی العراق استناداً الى قانون الاستثمار الاجنبی .
وبهذا یشمل النص کل المصارف الاهلیة المؤسسة بالعراق سواء اکانت برأس مال وطنی او حتى بمساهمة رؤوس اموال اجنبیة استنادا الى تشجیع الاستثمار فی العراق، بینما نجد المشرع فی القانون العراقی لسنة 1970 قد تنبه جلیا لهذه المسألة فی الفصل السابع منه وذلک فی المادة (715) الخاصة بافلاس الشرکات إذ تنص على انه (1-فیما عدا شرکات المحاصة یجوز اشهار افلاس کل شرکة تجاریة اذا وقفت عن دفع دیونها التجاریة اثر اضطراب اعمالها المالیة ویجوز اشهار الافلاس ولو کانت الشرکة فی دور التصفیة ….) .
وهذا التوضیح الذی سنه المشرع العراقی یشمل المصارف بوصفها شرکات باستثناء شرکة المحاصة التی لا تخضع لهذا النظام کونها کیاناً لا یتمتع بالشخصیة المعنویة ولیس لها ذمة مالیة مستقلة عن ذمم الشرکاء فیها اذ لا یشهر افلاسها بل یجوز اشهار افلاس الشریک او الشرکاء الذین یتعاملون مع الغیر باسمهم الخاص .
وهذا النوع من الشرکات (شرکات المحاصة) لم ینظمه المشرع العراقی فی قانون الشرکات رقم 21 لسنة 1997 المعدل .
وعند تطبیق نظام الافلاس عن الشرکات التجاریة بضمنها المصارف ، یقتضی طرح التساؤل التالی : هل یجوز افلاس المصرف فی مرحلة التصفیة کصورة من صور انقضاء الشرکة ؟
لقد أجاب المشرع العراقی والمصری على ذلک بالنص (ویجوز اشهار الافلاس ولو کانت الشرکة فی دور التصفیة) ، اما قانون المصارف العراقی رقم (40) لسنة 2003 فلم یورد نصاً مشابهاً لما تقدم ، فلا مانع من شمول المصرف بوصفه شرکة تجاریة لهذا النص التشریعی ، وندعو المشرع العراقی الى التأکید على ضرورة اسناد حالات افلاس المصرف الى القواعد العامة المنظمة لاحکام الافلاس فی قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970.
ولما کانت تصفیة المصرف عملیة ضروریة وملازمة لانقضائه کشرکة اذ یهدف المشرع الى تمکین دائنی المصرف من استیفاء حقوقهم من المساهمین او الشرکاء فی المصرف، وبالتالی فان انقضاء نشاط المصرف لا یؤدی الى فقدان شخصیته المعنویة وذلک بنص القانون . اذ یحتفظ بها رغم ارادة الشرکاء والغیر ، ویرى الفقه ان الحکمة من احتفاظ المصرف بالشخصیة المعنویة سیحول دون ان تصبح امواله مملوکة للشرکاء بمجرد انقضائه فیتزاحم دائنی المصرف مع دائنی الشرکاء الشخصیین ویتنافى مع ارادة المشرع التی کرسها فی نصوص آمرة ویضعف الضمان العام لدائنی المصرف فتضعف فرصة حصولهم على دیونهم المستحقة على المصرف المفلس.
واخیراً لابد من التطرق الى امکانیة اشهار افلاس المصرف الذی لم تتم اجراءات تأسیسه کشرکة تجاریة بصورة صحیحة وانما اعترى هذا التأسیس خلل فی الاجراءات دون تلافیها ویستمر مؤسسو المصرف بالتعامل مع الغیر وقبل ان یحکم القضاء ببطلان العمل فی هذا المصرف وهذا ما یمکن ان یطلق علیه (بالشرکة الفعلیة) فلو تم ابطال عمل المصرف بقرار قضائی فیسری البطلان على کل تصرفاته واثارها وهذا یتعارض ومبدأ استقرار المعاملات المالیة ، فلو توقف هذا الکیان عن دفع دیونه المستحقة ازاء الغیر (الدائنین) فهل بالامکان اشهار افلاسه ؟ ستکون الاجابة عن هذا الافتراض بالنفی لان المشرع نص صراحة على امکانیة اشهار افلاس الشرکة المتمتعة بالشخصیة المعنویة القانونیة واستثنى شرکات المحاصة ، وبالقیاس على الشرکات الاخیرة یمکن الحاق الشرکة الفعلیة بها کونها شرکة لم تتمتع بالشخصیة المعنویة ایضاً .
بینما یرى جانب من الفقه أن الشرکة الفعلیة لو توقفت عن دفع دیونها خلال مزاولتها للنشاط وقبل الحکم ببطلانها فانه یجوز اشهار افلاسها ، ونرى فی ذلک خروجاً عن مورد النص بعدم جواز اشهار افلاس الشرکة او المصرف الذی لا یتمتع بالشخصیة المعنویة .
المبحث الثانی
إجراءات إشهار إفلاس المصرف
سنوضح فی هذا المبحث من له الحق فی طلب اشهار افلاس المصرف ومن هی الجهة القضائیة المختصة باشهار الافلاس وکیف تکون ادارة التفلیسة وذلک فی ثلاثة مطالب .
المطلب الأول
صاحب الحق فی طلب إشهار إفلاس المصرف
نصت المادة (72) من قانون المصارف العراقی رقم 40 لسنة 2003 التی جاء فی عنوانها (تقدیم التماس لاقامة دعوى لاشهار الافلاس) ویلاحظ ابتداءاً ضعف الصیاغة القانونیة الناجمة فی الغالب عن عدم الدقة فی الترجمة الحرفیة للقانون فمصطلح (التماس) قد قصد به (طلب) وهذا المصطلح غیر مرادف للاخیر وکان الاولى ان یکون عنواناً او مقدمة المادة المذکورة (من له الحق فی طلب اشهار الافلاس) وقد جاء فی منطوق المادة المذکـورة ما یلی :
(1-تقدم التماسات اقامة دعوى اشهار افلاس على المصرف خطیا الى محکمة الخدمات المالیة ، 2-لا تجوز موافقة المحکمة على أی التماس لاقامة دعوى اشهار افلاس على مصرف الا اذا :
أ . کان الالتماس مقدما من البنک المرکزی العراقی ، ومشفوعا ببیانات مالیة للمصرف مصدقة من البنک المرکزی العراقی تبین الاساس الذی ینطبق بناء علیه سبب قانونی واحد او اکثر من اسباب اقامة دعوى لاشهار الافلاس المبنیة فی المادة 71 ، او
ب. کان الالتماس مقدما الى المحکمة وابلغ الى البنک المرکزی العراقی من جانب ثلاثة او اکثر من دائنی المصرف لهم التزامات مستحقة على المصرف وغیر مدفوعة تتجاوز قیمتها 4 ملیارات دینار مشفوعا بادلة مستندیة تبین ان المصرف لم یسدد التزاماته المالیة عند استحقاقها بمقتضى الفقرة (أ) من المادة 71 )
واستنادا الى مضمون المادة المذکورة اعلاه فقد اشترط مشرع القانون تقدیم طلب خطی من قبل صاحب الحق فی اشهار افلاس المصرف الى محکمة الخدمات المالیة ، وحدد فی الوقت ذاته الجهات المخولة تقدیم ذلک الطلب وهی :
1- البنک المرکزی العراقی بوصفه اعلى جهاز یقود السیاسة النقدیة للبلد کما خوله القانون ذاته حق الرقابة والتفتیش على المصارف وذلک استنادا الى المادة (53) من القانون التی منحت البنک المرکزی العراقی امکانیة تدقیق ومتابعة المرکز المالی للمصرف ، حیث جاء فی الفقرة الثالثة من المادة (53) من القانون ما یلی :
(3-للبنک المرکزی العراقی ان یجری تفتیشا موقعیا لمصرف او للکیانات التابعة له او المنتسبة الیه یقوم به واحد او اکثر من موظفیه او یقوم به شخص آخر او اشخاص آخرون یعینهم البنک المرکزی العراقی لهذا الغرض ویراجع التفتیش عملیات المصرف للتحقق من مرکزه المالی ومدى امتثاله لاحکام القوانین واللوائح المتعلقة بــــــادارة انشطته …) .
وهنا خول المشرع البنک المرکزی العراقی صلاحیة تقدیم طلب خطی للمحکمة المختصة باشهار افلاس المصرف اذا ما تحقق سبب من الاسباب المبینة فی المادة (71) من القانون المذکورة سابقا سواء تعلق الامر بتوقف المصرف عن الوفاء بالتزاماته او ان رأسمال المصرف أصبح یشکل أقل من 25% من رأسماله المطلوب فی القانون .
2- ویجوز لثلاثة او اکثر من دائنی المصرف لهم دیون مستحقة على الاخیر تتجاوز قیمتها (4) ملیارات دینار ومؤیدة بمستندات تؤکد ذلک ، ومنح القانون الحق لهؤلاء تقدیم طلب للمحکمة باشهار افلاس المصرف ، وعند تقدیم الطلب للمحکمة المختصة سواء اکان من قبل البنک المرکزی العراقی او من قبل دائنی المصرف سیقوم البنک المرکزی بتعیین وصیٍ ممثلاً عنه لمتابعة امور التفلیسة فی المحکمة المختصة.
واذا حدث ورفضت المحکمة المختصة الطلب المقدم من البنک المرکزی العراقی باشهار الافلاس لعدم کفایة الاسباب المطلوبة لذلک بامکان البنک المرکزی العراقی الغاء الترخیص الممنوح للمصرف المدین ویلجأ الى اعمال التصفیة .
لکن یتعارض تطبیق هذا النص مع الواقع ویصطدم بالحکمة المتوخاة من نظام الافلاس الذی یحمی حقوق الدائنین بصرف النظر عن قیمة دینهم وعددهم ، وکان الاجدر بمشرع القانون ان یمنح حق تقدیم طلب اشهار افلاس المصرف لدائن المصرف او اکثر ممن کان له او لهم دیون مستحقة وغیر مدفوعة من قبله بصرف النظر عن قیمتها فقد لا تصل الى مبلغ اربعة ملیارات دینار فهو مبلغ ضخم جدا ومبالغ فیه قد یکون فی کثیر من الاحیان داعیا لارهاق الدائن وسببا لیأسه من المطالبة بدینه .
ونظراً للقصور الوارد فی القانون المذکور آنفاً بالنسبة لصاحب الحق فی طلب اشهار افلاس المصرف المدین ، لابد لنا من التطرق إلى موقف المشرع العراقی فی قانون التجارة الملغی لسنة 1970 وکذلک نستعرض موقف المشرع المصری فی قانون التجارة لسنة 1999 من المسألة ذاتها .
اما موقف المشرع العراقی من موضوع صاحب الحق فی طلب اشهار افلاس المدین المفلس فقد نصت المادة (718) من قانون التجارة الملغی إذ جاء فیها (یجوز لدائن الشرکة طلب اشهار افلاسها ولو کان شریکا فیها ….) .
وبمقتضى النص اعلاه بامکان دائن المصرف تقدیم طلب للمحکمة باشهار افلاس المصرف حتى لو کان هذا الدائن مساهما فی هذا المصرف ، اما الشرکاء غیر الدائنین فلا یجوز لهم بصفتهم الفردیة طلب اشهار افلاس المصرف استنادا الى المادة (718) ایضاً.
وبذلک یجوز لکل دائن للمصرف المفلس سواء اکان دائنا عادیاً او مرتهناً او صاحب حق امتیاز التقدم بطلب باشهار افلاس المصرف ، ولا یشترط فی الدائن ان یکون تاجراً وعلیه ان یثبت ان المدین قد توقف عن دفع دیونه .
ویرى جانب من الفقه انه لا یشترط ان یکون دینه حالاً وقت التقدم بالطلب بل یجوز ان یکون مؤجلاً او معلقاً على شرط لکن علیه ان یثبت أن المصرف المدین قد توقف عن سداد دیونه الحالة تجاه الدائنین الاخرین وهنا یعتبر الافلاس طریقاً من طرق التحفظ .
لکن هل یجوز طلب اشهار افلاس المصرف بناءاً على طلب منه ، أی (المدین المفلس؟) بالرجوع الى القواعد العامة للافلاس وتحدیداً المادة (568) من القانون ذاته ، فیجوز اشهار افلاس التاجر بناءاً على طلبه وهذا حق جوازی له استعماله او عدم استعماله ، لکن نص المادة (569) من القانون ذاته قد حسمت الامر والزمت المدین التقدم بطلب اشهار افلاسه خلال (15) یوماً من تاریخ توقفه عن الدفع والا عد متفالساً بالتقصیر او التدلیس ، والحکمة من وجوب المبادرة من قبله هی اطلاع الغیر على مرکزه المالی وعجزه عن سداد الدیون .
کما اجازت المادة (717) من القانون تقدیم طلب اشهار افلاس الشرکة من قبل مدیر الشرکة وبعد موافقة اغلبیة الشرکاء فی شرکات التضامن والهیئة العامة فی الشرکات الاخرى .
وعلیه یکون المشرع العراقی فی قانون التجارة الملغی لسنة (1970) قد حصر حق طلب اشهار الافلاس على المدین او الدائن واستبعد حق المحکمة المختصة او الادعاء العام کما هو الحال فی قانون التجارة المصری .
اما موقف المشرع المصری فقد استحدث قانون التجارة لسنة (1999) نصاً تضمنته المادة (701) منه ، فاجاز لدائن الشرکة طلب اشهار افلاسها ولو کان شریکاً فیها ، وهنا یجوز لدائن الشرکة طلب اشهار افلاسها متى توقفت عن دفع دیونها ، ویعطى هذا الحق لکل دائن حتى لو کان شریکاً فی الشرکة کالشریک الموصی والشریک المساهم الذی اودع مالاً فی المصرف وتوقف عن رده عند الطلب ، اما بالنسبة لحملة سندات القرض فلا یعدون شرکاء فی المصرف بل مجرد دائنین فیحق لهم طلب اشهار افلاس المصرف .
کما اجازت المادة (700) من القانون ذاته للممثل القانونی للمصرف التقدم بطلب اشهار افلاسه بشرط ان یحصل على موافقة اغلبیة الشرکاء او الجمعیة العامة حسب نوع الشرکة ، وهذا یعنی انه یحق للمدین (المصرف) التقدم بطلب باشهار افلاسه ، فلو اتخذ المصرف شکل شرکة (تضامن او توصیة) فیجوز لمدیر المصرف التقدم بطلب للمحکمة المختصة مرفقاً بمیزانیة ودفاتر المصرف وتقریر مفصل عن اضطراب المرکز المالی له ، ولم ینص القانون صراحةً على الاغلبیة المطلوبة للتصویت على هذا القرار هل هی اغلبیة عددیةً ؟ ام اغلبیة مالکی رأس المال ؟ ، ولهذا یؤید الفقه ضرورة توافر الاغلبیة العددیة والمالیة معاً ، نظراً لخطورة نظام الافلاس وما یترتب علیه من اثار .
اما اذا اتخذ المصرف شکل شرکة مساهمة ، فعلى الجمعیة العامة الاجتماع والتصویت باتخاذ قرار بالطلب بشهر افلاس المصرف ویرفع القرار بطلب من رئیس مجلس الادارة الى المحکمة المختصة .
وتجدر الاشارة الى ان المشرع المصری قد تبنى لاول مرة موقفاً مقتضاه ما نصت علیه المادة (704) من قانون التجارة إذ جاء فیها (واذا تبین ان موجودات الشرکة لا تکفی لوفاء (20%) من دیونها جاز للمحکمة بناءاً على طلب قاضی التفلیسة ان تقضی بالزام اعضاء مجلس الادارة او المدیرین کلهم او بعضهم بالتضامن بینهم او بغیر تضامن بدفع دیون الشرکة کلها او بعضها الا اذا اثبتوا انهم بذلوا فی تدبیر شؤون الشرکة عنایة الرجل الحریص) . وبذلک وضع المشرع المصری قواعد تمثل خروجاً عن القواعد العامة للمسؤولیة المدنیة مبتغیاً توفیر ضمان أکبر لدائنی الشرکة المفلسة امام انهیار مرکزها المالی نتیجة الاخطاء التی ارتکبها القائمون على ادارتها ، صحیح ان بامکان دائنی المصرف الرجوع على من یدیره والزامهم بالتعویض عن الضرر الذی کان سببه الخطأ فی ادارة الشرکة ، الا انه قد یصعب فی کثیر من الاحیان على دائن المصرف اثبات وقوع الخطأ والضرر والعلاقة السببیة بینهما لذلک تدخل المشرع وافترض الخطأ من جانب اعضاء مجلس الادارة او مدیر المصرف المفلس والذی سبب عجزاً فی موجودات الشرکة بحیث لا تکفی لسداد (20%) على الاقل من دیونها ، فاعفى الدائنین من اثبات الخطأ ، وللمحکمة سلطة فی الحکم بالزام اعضاء مجلس الادارة او المدیر بدفع کل او بعض دیون الشرکة ، وهنا التضامن بینهم مقرر بنص القانون بصرف النظر عن مدى مسؤولیة المدیر واعضاء مجلس الادارة سواء اکانت الشرکة محدودة المسؤولیة ام غیر محدودة .
اما المشرع العراقی فقد تنبه مبکراً للمسألة وسبق المشرع المصری فی هذا الصدد وذلک فی الفقرة الثانیة من المادة (722) من قانون التجارة الملغی لسنة 1970 والتی نصت على انه ( وإذا تبین ان موجودات الشرکة لاتکفی لوفاء عشرین من المائة على الاقل من دیونها ، جاز لحاکم التفلیسة ان یامر بالزام اعضاء مجلس الادارة او المدیرین کلهم او بعضهم بالتضامن بینهم او بدون تضامن بدفع دیون الشرکة کلها او بعضها الا اذا اثبتوا انهم بذلوا فی تدبیر شؤون الشرکة عنایة الرجل المعتاد ... ) ، فی حین لم یشر قانون المصارف العراقی لسنة 2003 لهذه المسألة .
وفضلا عما تقدم فقد اجاز المشرع المصری شهر افلاس التاجر بناءا على طلب النیابة العامة او بناءا على طلب المحکمة من تلقاء نفسها وذلک فی المادة (556) من قانون التجارة المصری ، وهنا یضیف المشرع المصری فئة اخرى لصاحب الحق فی طلب اشهار افلاس التاجر بصفة عامة والمصرف بصفة خاصة الا وهی النیابة العامة متى ما وجد ان هناک مبررا لهذا الطلب ، کما لو تبین لها ان المصرف لم یقم باتخاذ الاجراءات الکافیة لمنع ظاهرة غسیل الاموال وتمویل عملیات غیر مشروعة قانونا ، وکذلک للمحکمة المختصة ایضا هذا الحق وهو استثناءا عن الاصل اذ لا یجوز للمحاکم ان تقضی فیما لم یطلب منها وهذا الاستثناء یبرر على اعتبار ان قواعد الافلاس هی من النظام العام ویجب على المحکمة ان تتمسک بتطبیقها من تلقاء نفسها متى ما وجدت ان شروط الافلاس متوافرة فی التاجر المفلس. بینما خلا قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 وقانون المصارف لسنة 2003 من هذا النص .
هذا وقد اجاز المشرع فی قانون التجارة العراقی لسنة 1970 الملغی للمحکمة من تلقاء ذاتها او بناءا على طلب الشرکة (المصرف) ان تؤجل اشهار الافلاس لمدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر اذا قدم المدین ضمانا لدعم مرکزه المالی وذلک فی المادة (719) منه .
وقد حدد المشرع العراقی فی قانون التجارة الملغی صاحب الصفة فی القیام مقام الشرکة المفلسة فی کل امر یستلزم اخذ رأی المدین المفلس والحضور امام حاکم التفلیسة ویسمى (ممثل الشرکة) . وذلک فی المادة (723) من القانون .
المطلب الثانی
المحکمة المختصة بإشهار إفلاس المصرف
نصت المادة (71) من قانون المصارف العراقی على ما یأتی : (لدى تلقی التماس قبول بموجب المادة (72) وتعیین البنک المرکزی وصیا بمقتضى المادة (73) تبدأ محکمة الخدمات المالیة فی اقامة دعوى اشهار افلاس على مصرف …..) فمن النص المتقدم نلاحظ ان المحکمة المختصة بنظر دعوى افلاس المصرف فی العراق هی محکمة الخدمات المالیة للنظر فی الدعاوى المتعلقة باعمال المصارف العاملة فی العراق بوصفها مؤسسات تقدم خدمات مالیة للمجتمع ، وکان الاولى بمشرع القانون تحدید اختصاصات المحکمة تحدیداً دقیقاً والهیئة القضائیة المتکونة منها وطبیعة القرارات التی تصدرها ومدى امکانیة الطعن بها امام محکمة التمییز.
ویفتقد النص المتقدم للوضوح والدقة من حیث الصیاغة القانونیة وکان الاولى ان یکون منطوق النص على الوجه التالی : (تنظر محکمة الخدمات المالیة بالدعاوى التی تتعلق باعمال المصارف فی العراق) وهذا النص سیکون مطلقاً یشمل کل ما یتعلق بالمصرف منذ بدء تأسیسه واثناء عمله وحتى تصفیته وکذلک افلاسه .
کما حددت المادة (74) من القانون ذاته آلیة النظر فی الدعوى امام محکمة الخدمات المالیة التی تنظر بدعوى افلاس المصرف على ان یحضر طرف ممثل عن البنک المرکزی العراقی ومدیر المصرف المدین فی جلسة علنیة ، واستثناءا أجاز القانون جعل الجلسة سریة اذا کان هناک مبرر . ونعتقد ان العلة بوجود محکمة مختصة فی المعاملات التجاریة تمکن القضاء المختص من تحقیق العدالة لاجراءات تتسم بالدقة والوضوح فی تطبیق القانون.
وتجدر الاشارة الى ان المشرع العراقی فی قانون التجارة الملغی لسنة 1943 قد انشأ (محاکم تجاریة) تنظر فی المسائل المتعلقة بالمنازعات التی تثار فی الوسط التجاری بضمنها الافلاس ، اذ نظمت المادة (33) منه هذه المحاکم ، الا ان القضاء التجاری الغی بالغاء القانون المذکور فاصبحت قضایا الافلاس تنظر من محاکم البداءة فی العراق. ولو عدنا الى قانون التجارة العراقی لسنة 1970 لوجدنا ان نص المادة (573) منه یقضی بـ (1-تختص باشهار الافلاس محکمة البداءة التی یقع فی منطقتها المرکز الرئیسی لمتجر المدین . 2-ومع عدم الاخلال بما تقضی به الاتفاقیات الدولیة یجوز اشهار افلاس التاجر الذی له فی العراق فرع او وکالة ولو لم یصدر حکم باشهار افلاسه فی دولة اجنبیة وفی هذه الحالة تکون المحکمة المختصة باشهار الافلاس فی العراق هی المحکمة التی یقع فی منطقتها الفرع او الوکالة ) .
وهنا یلاحظ ان المشرع العراقی آنذاک حدد محکمة البداءة للنظر بدعاوى افلاس التاجر بما فیها المصارف العراقیة، فالملاحظ ان اختصاص محکمة البداءة یکون اختصاصاً نوعیاً وقیمیاً فی آن واحد ، اذ ان دعوى الافلاس غیر قابلة للتقدیر ، اما الاختصاص المکانی فتنظر فی دعوى محکمة البداءة التی یقع فی نطاقها الاقلیمی مرکز الادارة الرئیسی للتاجر المفلس (للمصرف) ویستثنى من ذلک المصارف الاجنبیة التی یقع مرکز ادارتها خارج البلاد ولها فرع فی العراق وهنا یکون الاختصاص المکانی للمحکمة التی یوجد فیها فرع المصرف المفلس .
ویجدر الایضاح هنا ان محکمة البداءة فی العراق تمارس واجبات ولها اختصاصات شاملة قد تثقل فی کثیر من الاحیان کاهل قاضی الموضوع ، وندعو الى تفعیل (محکمة الخدمات المالیة) وادخالها حیز التنفیذ تأکیدا على توزیع الاختصاصات القضائیة مما یؤدی الى اصدار قرارات اکثر دقة فی القضایا المدنیة والتجاریة على حد سواء .
هذا وتختص محکمة البداءة وفق قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 وحسب نص المادة (574/1) بالنظر بجمیع الطلبات والدعاوى الناشئة عن الافلاس او المتعلقة به .
وتأسیسا على ما تقدم ، فان کل دعوى تنشأ عن حالة افلاس المصرف سواء تعلقت بادارة التفلیسة او متعلقة بمنقول او عقار کأموال تدخل فی تفلیسة المصرف فان محکمة البداءة ستبقى مختصة بالنظر فی الدعاوى المذکورة انفا حتى تنتهی التفلیسة وهذا یعنی ان المسألة تعد من النظام العام فیجوز الدفع بعدم الاختصاص اذا رفعت امام محکمة غیر المحکمة التی نظرت بدعوى الافلاس .
وقد اکد القضاء المصری على ذلک فی قرار لمحکمة النقض إذ جاء فیه (قواعد الافلاس تعتبر من النظام العام لتعلقها بتنشیط الائتمان ، فقد وضع المشرع نظاماً قائماً بذاته لوحظ فیه حمایة حقوق الدائنین مع رعایة المدین حسن النیة) .
بینما خلا قانون المصارف العراقی رقم 40 لسنة 2003 من ایراد هذا التفصیل فیما یتعلق بالدعاوى المتعلقة والناشئة عن حالة الافلاس وکان الاجدر ان یلحقها بالمحکمة المختصة الا وهی (محکمة الخدمات المالیة) .
وقد نصت المادة (576) من قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 على ما یأتی (یکون الحاکم الذی قضى باشهار الافلاس حاکماً للتفلیسة ولمحکمة الاستئناف ان تأمر فی کل وقت باستبدال غیره به) ، وبذلک نص المشرع صراحةً على تعیین قاضٍ یتولى النظر فی امور التفلیسة یدعى (قاضی التفلیسة) بمعنى ان المحکمة التی تصدر القرار باشهار الافلاس لا تنتهی مهمتها بذلک وانما تستمر فی الاشراف والرقابة على شؤون التفلیسة والفصل فی المنازعات المتعلقة بها ، ولکثرة المهام الموکولة بمحکمة البداءة فقد اوکل المشرع هذه المهمة الى نائب عن القضاء یسمى (حاکم التفلیسة او قاضی التفلیسة او مأمور التفلیسة) یعین بذات القرار الصادر عن المحکمة باشهار الافلاس ، ویرى جانب من الفقه ان دور قاضی التفلیسة لا یظهر جلیاً الا فی الدول التی تتکون فیها المحکمة المختصة بالافلاس من قضاة عدة ، اما فی الدول التی تتکون فیها المحکمة المختصة من قاض واحد (کالعراق) مثلاً ، فلا تظهر بوضوح اهمیة الدور الذی یقوم به قاضی التفلیسة فتندمج وظائفه فی هذا الصدد بوظائف المحکمة التی أصدرت قرار الافلاس ، وتتلخص مهام قاضی التفلیسة بما یلی :
1- مراقبة ادارة التفلیسة وسیر اجراءاتها .
2- دعوة الدائنین للاجتماع کلما دعت الضرورة لذلک .
3- دعوة المدین المفلس (المصرف) او وکلاءه ومناقشتهم فی امور التفلیسة .
4- الاذن لامین التفلیسة بالقیام ببعض الاعمال التی تقتضیها ادارة التفلیسة .
وفی الوقت الذی تنبه الیه المشرع العراقی فی القانون المذکور آنفاً لمنصب قاضی التفلیسة وتعیینه ومهامه نجد ان قانون المصارف العراقی رقم (40) لسنة 2003 ، لم یتطرق لهذه المسألة ولم یشر الیها وکان الاجدر به ان یحیل المسألة الى القواعد العامة التی تحکم نظام الافلاس .
ولکن هل یجوز الطعن بالقرارات الصادرة من قبل قاضی التفلیسة ؟ لقد اجابت المادة (595) من قانون التجارة العراقی الملغی على ذلک ونصت (1- لا یجوز الطعن فی القرارات التی یصدرها حاکم التفلیسة الا اذا نص القانون على جواز ذلک…) وهذه الاحوال تکون بالاعتراض على القرار امام قاضی التفلیسة ذاته خلال ثلاثة ایام من النطق به او التبلغ به أو بطریق الاستئناف خلال عشرة ایام ویکون قرار محکمة الاستئناف هنا قطعیاً غیر قابل للاعتراض .
ویعتبر الفقه ان قرار قاضی التفلیسة یعد من الاوامر الولائیة ولیس حکماً بالمعنى الفنی ، وقد عالجت المادة (580) من قانون التجارة المصری لسنة 1999 ذلک بالنص على (1- لا یجوز الطعن فی القرارات التی یصدرها قاضی التفلیسة ما لم ینص القانون على غیر ذلک او کان القرار مما یجاوز اختصاصه…) .
لکن السؤال الذی یرد فی هذا المجال هو : اذا اصدرت المحکمة المختصة بنظر دعوى الافلاس قرارا هل سیکون هذا القرار کاشفا لحالة الافلاس ام انه منشیء لها ؟
اجابت المادة (82) من قانون المصارف العراقی رقم 40 لسنة 2003 عن هذا التساؤل وذلک فی محتوى النص المذکور والذی جاء فیه : (1-یبدأ نفاذ قرار المحکمة اقامة دعوى اشهار افلاس على مصرف من وقت اتخاذ ذلک القرار …..) .
وهنا یکون قرار المحکمة منشئاً لحالة الافلاس لا کاشفا لها ، اذ انه من المعلوم لدینا ان کل القرارات التی تصدر من المحاکم بصفة عامة هی غیر منشئة للحقوق المتنازع علیها بل انها تکشف وتعلن عنها الا ان القرار الصادر فی دعاوى الافلاس یخرج عن هذا المفهوم فلا یکشف حالة الافلاس أی (توقف المصرف عن الدفع) وانما لینشیء هذا الوضع ، بمعنى آخر ان المصرف المدین لا یکون مفلسا الا اذا صدر حکم بشهر افلاسه وهذا ما اکدته ایضا المادة (566/2) من قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 إذ جاء فیها (الحکم الصادر باشهار الافلاس ینشئ حالة الافلاس وبدون هذا الحکم لا یترتب على الوقوف عن الدفع أی اثر ما لم ینص القانون على غیر ذلک) .
وهذا یعنی ان لقرار اشهار افلاس المصرف حجة مطلقة لا نسبیة سواء من حیث الاشخاص والاموال ، فله حجة مطلقة على کل الاشخاص ولیس للدائنین فقط ، اما من حیث الاموال فیشمل جمیع أموال المدین المفلس (المصرف) ولا ینحصر اثره على الشیء موضوع النزاع وهذا ما اکده القضاء العراقی ، حیث جاء فی قرار لمحکمة التمییز (ان الحکم باشهار الافلاس له حجة مطلقة فلا یقتصر اثره على طرفیه وانما یتجاوزهما الى الکافة بمنح طریق الاعتراض علیه یکون من له مصلحة فی ذلک) .
المطلب الثالث
إدارة تفلیسة المصرف
نصت المادة (78) من قانون المصارف العراقی رقم (40) لسنة 2003 على ما یأتی: (بناءا على اتخاذ المحکمة قرارا بالموافقة على التماس اقامة دعوى اشهار افلاس على مصرف تعلن المحکمة افلاس المصرف وتبدأ اقامة دعوى اشهار افلاس على المصرف وتعین حارسا قضائیا بمقتضى المادة 80).
وکان بالامکان اختصار منطوق المادة المذکورة اعلاه بما یاتی : (اذا قررت المحکمة اشهار افلاس المصرف تعین امینا لتفلیسة المصرف) .
وعندها یمکن للمحکمة استنادا الى نص المادة (79) من القانون اخطار البنک المرکزی العراقی والدائنین والمصرف المدین باقامة دعوى اشهار الافلاس وینشر القرار فی صحیفتین على الاقل .
لکن الملاحظ على هذا القانون انه یطلق تسمیة (الحارس القضائی) کمرادف لکلمة (امین التفلیسة) ونفضل المصطلح الاخیر کون المصطلح الاول یستخدم فی المحاکم المدنیة والذی یعین بقرار من المحکمة المختصة ایضا للحفاظ على أموال المدین المحجوزة.
لکن کیف تختار المحکمة امینا لتفلیسة المصرف؟ وعلى ماذا تستند فی ذلک؟ اجابت المادة (80) من القانون والتی الزمت المحکمة اختیار امین التفلیسة من بین قائمة اسماء مرشحین من البنک المرکزی العراقی وعندها تعینه المحکمة استنادا الى اسباب تتعلق بکفاءته وامانته واختصاصه ویحدد فی القرار ذاته المکافأة أی الاجور التی یستحقها نتیجة ادارته للتفلیسة ، وکل التکالیف الاضافیة والمصاریف التی یتکبدها امین التفلیسة حیث سیلتزم البنک المرکزی العراقی بتسدیدها له .
ویباشر امین التفلیسة مهامه لادارة شؤون المصرف المدین بناءا على توجیهات وتعلیمات واشراف من البنک المرکزی العراقی وهذا یحدد بصلاحیات تمنح له ابتداءا کی یدیر التفلیسة على اساسها ولاجل حسن تنفیذ المهام الموکلة لامین التفلیسة فقد اجاز له القانون الاستعانة بمحامین او محاسبین وخبراء کمستشارین له .
فیصبح امین التفلیسة الممثل القانونی الوحید للمصرف المدین وله کافة الحقوق التی تکون لحملة الاسهم واعضاء مجلس الادارة واتخاذ أی قرار ضروری لتصفیة المصرف .
وقد الزمت المادة (85) من قانون المصارف العراقی امین التفلیسة بتقدیم (تقریر الملکیة) على حد تعبیر المشرع ، فی خلال اسبوعین من تاریخ تعیینه الى البنک المرکزی العراقی یتضمن قائمة باصول المصرف ودیونه والعقود المبرمة مع الغیر .
ووفقاً لنص المادة (89) من القانون ذاته فقد اجاز لامین التفلیسة ان ینهی (من جانب واحد) جمیع العقود المستمرة فی التنفیذ کالعقود التی تتعلق بتورید السلع او خدمات مع عدم الاخلال بحق الطرف المتضرر بالمطالبة بالتعویض عن عدم الاستمرار فی تنفیذ العقد .
وللمحکمة استبدال امین تفلیسة جدید بدل الذی عینته ابتداءا اذا تحقق احد الاسباب التالیة:
1- فی حالة استقالة امین التفلیسة او وفاته او اصابته بعارض من عوارض الاهلیة او فقده لها.
2- اذا لم یباشر اداء مهامه المحددة له بتوجیهات من البنک المرکزی العراقی .
وعندها سیحل امین التفلیسة الجدید خلفا للآخر بنفس الصلاحیات وتسلم له کافة الدفاتر والسجلات من اجل اداء وظیفته .
وبالرجوع الى قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 فقد نصت المادة (586) منه على ما یلی : (1-تعین المحکمة فی حکم الافلاس وکیلا من بین المحامین لادارة التفلیسة یسمى امین التفلیسة ….) . فأمین التفلیسة هو الشخص الذی تعینه المحکمة فی قرار اشهار الافلاس ویعهد الیه ادارة اموال المفلس والمحافظة علیها إلى ان یختار الدائنون الحل المناسب الذی تنتهی الیه التفلیسة سواء انتهت بالصلح ام الاتحاد أی تصفیة اموال المفلس وتوزیعها على الدائنین وهنا یسمى بأمین اتحاد الدائنین .
وآنذاک اشترط المشرع العراقی على ان یکون امین التفلیسة حاصلا على شهادة فی دراسة القانون (محامیا) من المسجلین فی نقابة المحامین ، وکان الاولى ان لا یحدد على وجه الخصوص الاختصاص ویکتفی بوصف امین التفلیسة من ذوی الخبرة والعلم والکفاءة فی مجال عمل التاجر عامة والمصارف خاصة ، ویترک المسألة لقاضی الموضوع فی المحکمة المختصة .
ویترتب على صدور قرار الافلاس نشوء جماعة الدائنین التی تضم الدائنین العادیین للمصرف المفلس وکذلک الدائنین اصحاب حقوق الامتیاز العامة الناشئة حقوقهم قبل صدور القرار ، اما الدائنون المرتهنون واصحاب حقوق الامتیاز الخاصة فهؤلاء یضمنون استیفاء حقوقهم بالاولویة فلا یخضعون لقسمة الغرماء وبالتالی لا یدخلون فی جماعة الدائنین . وهذا ما اکده القضاء المصری ، حیث لا یشمل المنع من اتخاذ الاجراءات الفردیة بعد قرار الافلاس الدائنین المرتهنین وأصحاب حقوق الامتیاز الخاصة، فلا یندرجون فی عداد هذه الجماعة .
وعلیه فان جماعة الدائنین تعتبر شخصاً معنویاً یمثله امین التفلیسة وتنشأ بقوة القانون دون ارادة الشرکاء ، وینتقد البعض . ان لهذه الجماعة ذمة مالیة مستقلة تنشأ عن الشخصیة المعنویة ولها حقوق وتتحمل التزامات تنشأ عن الاعمال الصادرة عن ممثلها (امین التفلیسة) ویبرر نقده بان الشخصیة المعنویة لا تکتسب الا بنص القانون وبالتالی لا تتمتع بذمة مالیة مستقلة ، فالذمة المالیة هی ذمة المفلس .
کما منعت المادة (587) من القانون ذاته ان یکون امین التفلیسة زوجاً للمفلس وقریباً له الى الدرجة الرابعة او شریکاً او مستخدماً خلال السنتین السابقتین على اشهار الافلاس، ویستحیل افتراض هذه الامور بالنسبة لافلاس المصرف کونه شخصاً معنویا لا یتمتع بهذه الروابط الشخصیة .
ویتصور ان فی الواقع العملی للمصرف المفلس العدید من العلاقات القانونیة والدائنین فیصعب حصر هذه الامور وتصفیتها من قبل شخص واحد ، فهل یجوز تعیین اکثر من امین تفلیسة واحد من قبل قاضی التفلیسة ؟
لم یشر قانون المصارف العراقی الى هذه المسألة ، فی حین تنبه المشرع العراقی فی قانون التجارة الملغی لسنة (1970) لها فاجازت المادة (583) لقاضی التفلیسة من تلقاء ذاته او بناءاً على طلب المفلس او المراقب بتعیین امین اخر او اکثر ان لا یزید العدد عن ثلاثة، کما اجازت المادة (591) من القانون المذکور عزل امین التفلیسة من قبل الجهة التی عینته أی (المحکمة المختصة) او بناءاً على طلب المفلس او المراقب .
اما اجور امین التفلیسة فانها تصرف من اموال التفلیسة بوصفها من مصاریف الادارة وتخصم من المبالغ الناجمة عن بیع اموال المصرف المفلس .
اما اهم واجبات امین التفلیسة فلم یحددها قانون المصارف النافذ ولعله ترک المسألة لتقدیر المحکمة وتحدیدها ضمن قرار اشهار افلاس المصرف ، بینما اشار المشرع العراقی فی قانون التجارة الملغی الى هذه الواجبات واهمها :
1- نشر قرار الافلاس فی صحیفة یومیة او اکثر .
2- وضع الاختام على محل المفلس ومکاتبه وخزائنه ودفاتره ومنقولاته اذا لم یقم بذلک قاضی التفلیسة.
3- ادارة اموال التفلیسة والمحافظة علیها وتمثیل المفلس فی جمیع الدعاوى .
4- الطعن فی تصرفات المدین المفلس الواقعة قبل صدور قرار الافلاس .
5- تدوین جمیع الاعمال التی یقوم بها والمتعلقة بادارة التفلیسة فی دفتر خاص .
ویجوز للمدین المفلس وللمراقب الاعتراض لدى قاضی التفلیسة على اعمال امینها وذلک استناداً الى المادة (590) من القانون .
وعلیه فان امین التفلیسة یکون وکیلاً عن جماعة الدائنین بوصفها شخصاً معنویاً ووکیلاً عن المدین المفلس ایضاً ووکالته بحکم القرار القضائی الصادر عن المحکمة المختصة. ونظراً لکونه وکیلاً باجر فعلیه ان یبذل فی تنفیذ اعماله عنایة الشخص المعتاد، لانه هو مسؤول تجاه الدائنین والمفلس عن أی خطأ یرتکبه ، فاذا اختلس من اموال المفلس یکون مرتکباً لجریمة خیانة الامانة .
بینما نظم المشرع المصری اختیار امین التفلیسة ونسب مهمة تنظیم مهنة امناء التفلیسة بقرار یصدر عن الوزیر المختص.
وقد استحدث المشرع المصری فی قانون التجارة لسنة 1999 نظام (المراقبین) للاشراف على اعمال امین التفلیسة بوصفهم وکلاء عن الدائنین یعینهم قاضی التفلیسة ویرشحون انفسهم لذلک .
والمراقب یکون من احد دائنی المفلس ومن ذوی الخبرة ویعرض خدماته بدون اجر لمراقبة ادارة التفلیسة والاعمال التی یباشرها امینها ویقدم ملاحظاته الى قاضی التفلیسة .
وقرار تعیینه من قبل المحکمة قابل للاعتراض علیه من قبل المدین المفلس او الدائن دون ان یترتب على الاعتراض وقف تنفیذ القرار ، واهم الوظائف التی یقوم بها المراقب هی:
1- فحص المیزانیة والتقاریر التی یقدمها المدین المفلس .
2- المهام المکلف بها من قبل قاضی التفلیسة ومراقبة امینها .
3- الطلب من امین التفلیسة ایضاحات عن سیر اجراءاتها ومصروفاتها وحالة الدعاوى المتعلقة بها .
ولما کان المراقب من بین دائنی التفلیسة وله مصلحة فیها فلا یتقاضى اجراً نظیر عمله لکن یجوز للمحکمة ان تقرر له مکافأة اجمالیة على عمله ، کما یجوز عزله بقرار من القاضی ، ولا یسأل الا عن خطئه الجسیم ، بینما یتسامح فی خطئه الیسیر لان الاصل انه غیر مأجور .
وقد تطرق قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 الى وظیفة مراقب التفلیسة الذی یتولى معاونة قاضی التفلیسة فی الرقابة والاشراف على اعمال امینها ، ویتم تعیینه من قبل القاضی المختص ویکون ایضاً من الدائنین الذین یرشحون انفسهم للمهمة ، ویرى الفقه ان السبب فی اشتراط کون المراقب من بین الدائنین هو ان الدائن احرص من غیره على حمایة اموال الشرکة المفلسة (المصرف) ویکون مراقباً على اعمال امینها على نحو یضمن حمایة حقوق الدائنین الذی یکون هو من بینهم .
اما قانون المصارف العراقی لسنة 2003 فقد تضمنت المادة الثانیة من المادة (96) منه نصاً یقضی بما یلی : (2- لن تشکل لجنة دائنین بخصوص تصفیة مصرف مفلس الا اذا قرر البنک المرکزی العراقی بناءاً على طلب من الحارس القضائی ان هذه اللجنة مستصوبة لتمثل وتحمی مصالح هامة لفئة او مجموعة واحدة او اکثر من الدائنین…) .
ویمکن انتقاد النص المتقدم من اوجه عدة اهمها :
1- ضعف الصیاغة القانونیة للنص بحیث جاءت احکامه مبهمة وغیر واضحة یصعب تفسیرها عملیاً .
2- یوحی النص للوهلة الاولى ان لجنة الدائنین تقابل مهمة المراقب الذی یعینه قاضی التفلیسة والمنصوص علیه فی قانون التجارة المصری النافذ والعراقی الملغی ، لکن یشترط قانون المصارف صدور قرار عن البنک المرکزی العراقی بناءاً على طلب من امین التفلیسة لاختیار مراقب یتابع اعمال امینها وهذا یتعارض مع المهمة الملقاة على عاتق المراقب الذی جل عمله هو مراقبة ومتابعة وتدقیق اعمال وادارة امین التفلیسة ، وبالتالی کیف یتم اختیار المراقب من قبل الامین الذی سیباشر تجاهه مستقبلاً مهمة الاشراف والرقابة ؟
وهنا نجد ان النص یتعارض وطبیعة عمل المراقب فضلاً عن خلو قانون المصارف العراقی النافذ من احکام تشیر الى حقوق والتزامات مراقب التفلیسة والقیود الواردة على عمله کما هو الحال فی قانون التجارة المصری وقانون التجارة العراقی الملغی.
المبحث الثالث
آثار إفلاس المصرف
سنتناول فی هذا المبحث اثار الافلاس بالنسبة للمصرف المدین (المفلس) ثم سنتطرق الى اثاره بالنسبة لدائنی المصرف .
المطلب الأول
آثار الإفلاس بالنسبة للمصرف المدین
استنادا الى احکام قانون المصارف العراقی رقم (40) لسنة 2003 فقد الزم المشرع حال اتخاذ قرار باشهار الافلاس ، یجب على المصرف المفلس ان یتوقف عن قبول ودائع من العملاء وتصبح جمیع التصرفات التی یقوم بها بتاریخ لاحق على اصدار القرار باطلة وغیر قابلة للتنفیذ ، باستثناء الاعمال التی یباشرها امین التفلیسة کاستحصال الحقوق وحصر الدیون کونها أعمالاً تدعم الموقف المالی للمصرف .
وعندها سیصدر قرار من البنک المرکزی العراقی بوقف جمیع الاعمال التی یباشرها المصرف المدین والتی اجراها خلال 60 یوماً عمل سبقت اصدار القرار بالافلاس (باطلة) اذا کان المصرف او الطرف الآخر یعلم او کان ینبغی علیهما العلم بانها تصرفات ستلحق ضررا بدائنی المصرف وهو افتراض یقبل اثبات العکس .
وقد وضح مفصلا المشرع العراقی فی قانون التجارة الملغی لسنة 1970 والمشرع المصری فی قانون التجارة النافذ اثار الافلاس بالنسبة للمدین المفلس اهمها غل ید المدین المفلس من ادارة امواله والتصرف فیها .
فالمشرع ادرک ان اطلاق ید المدین المفلس سواء اکان فرداً ام شرکة بعد اشهار افلاسه لا یتفق مع غایته التی یسعى القانون الى تحقیقها وهی حمایة الضمان العام للدائنین وتمکینهم من استیفاء دیونهم ، فاذا منح المفلس هذا الحق والحریة فانه سیسعى حتماً الى تهریب أمواله وإساءة التصرف بها إضراراً بدائنیه ، وهذا ما اکده المشرع العراقی فی قانون التجارة الملغی فی المادة (603) منه والمشرع المصری فی المادة (589) منه ، اما عن التکییف القانونی لحالة غل ید المدین المفلس عن التصرف بامواله سواء اکان فرداً ام شرکة (کالمصرف) فهل هو من قبیل نزع الملکیة ؟ ام نقص فـی الاهلیة ؟ واجاب الفقه على المسألة بعدم اعتبار غل الید نزع ملکیة لان المفلس یبقى مالکاً لامواله ، کما لا یعد الافلاس سبباً من اسباب نقص الاهلیة اذ یبقى المفلس متمتعاً باهلیة کاملة وان غل ید المدین المفلس ما هو الا منع من التصرف لحساب ومصلحة جماعة الدائنین .
ولا یترتب على افلاس المصرف اثار شخصیة تتعلق بالحریة والحیاة الخاصة کونه شخصاً معنویاً او کیاناً اعتباریاً ، بینما نجد ذلک واضحاً فی حالة افلاس التاجر الفرد (الشخص الطبیعی) اذ یترتب على اشهار افلاسه تقیید حریة المفلس الشخصیة فیجوز للمحکمة او لامین التفلیسة او المراقب اصدار أمرٍ بالتحفظ على شخص المفلس ومنعه من السفر وهذا ما اکدته المادة (600) من قانون التجارة العراقی الملغی ، والغایة من النص تکمن فی الحد من حریة المفلس بالهروب او عزمه على اخفاء امواله او تبدیدها إضراراً بالدائنین ، واستثناءً لا یجوز للمحکمة الامر بهذا الاجراء فی حالة طلب المدین المفلس شهر افلاسه خلال خمسة عشر یوماً من توقفه عن الدفع ، وهذا ما نصت علیه الفقرة (2) من المادة (600) من قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 .
ویبرر الفقه موقف المشرع هذا بان التحفظ على شخص المفلس لیس بالعقوبة وانما اجراء تحفظی لمنع المدین من الهروب اضراراً بالدائنین ، وعلیه اجاز المشرع للمحکمة الغاء قرار التحفظ اذا انتفت العلة من اتخاذه .
وفضلاً عما تقدم فمن اثار الافلاس الاخرى على المدین کشخص طبیعی تقریر اعانة له ولعائلته وذلک لاعتبارات العدالة والانسانیة ولمواجهة متطلبات العیش له ولعائلته، فضلاً عن اسقاط الحقوق السیاسیة والمدنیة للمفلس حتى لو کان حسن النیة ولا یستعید هذه الحقوق الا برد الاعتبار .
اما بالنسبة لاثار الافلاس بالنسبة للشرکة المفلسة (المصرف المدین) فهناک اثار بالنسبة للاعضاء فیها سواء اکانوا شرکاء ام مساهمین واثار اخرى بالنسبة للشرکة ذاتها (المصرف المدین) .
اذ نلاحظ على قانون المصارف العراقی لسنة 2003 أنه قد أبطل کل تصرف قام به المصرف خلال (60) یوماً سبقت تاریخ إصدار قرار إشهار إفلاسه ، فی حین لم یفصل بدقة اثار الافلاس بالنسبة للمصرف المدین ، بینما عالج قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 الموضوع من جوانب مختلفة ، إذ أجازت المادة (722) منه لقاضی التفلیسة او بطلب من امینها او المراقب او احد الدائنین ان یقرر اسقاط الحقوق المنصوص علیها فی المادة (602) الخاصة بالحقوق السیاسیة والمدنیة ، عن اعضاء مجلس ادارة المصرف او مدیرها الذین ارتکبوا اخطاء جسیمة أدت الى الحاق الضرر بالمصرف مما ادى الى توقفه عن دفع دیونه.
ویحل ممثل الشرکة (المصرف) بدلاً من المصرف المفلس فی کل امر یستلزم حضوره امام قاضی التفلیسة متى طلب منه ذلک استناداً للمادة (723) من القانون .
ویجوز ایضاً لامین التفلیسة بعد استئذان قاضیها مطالبة الشرکاء بدفع الباقی من حصصهم غیر المسددة حتى لو لم یحل موعد استحقاقها وذلک فی المادة (724) من القانون.
واستناداً الى القواعد العامة فی مسؤولیة اعضاء الشرکة عن دیونها فنجد ان المصرف لو اتخذ شکل شرکة من شرکاء الاشخاص ، أی ان الشرکاء متضامنون کما فی الشرکة التضامنیة والبسیطة ، فانه یترتب على افلاس المصرف وجوب اشهار افلاسهم وبالتالی فان کل شریک فی المصرف یکون مسؤولاً عن دیونه مسؤولیة شخصیة تضامنیة وغیر محدودة .
فقد نصت المادة (720) من قانون التجارة العراقی الملغی على ما یأتی : (1- اذا اشهر افلاس الشرکة وجب اشهار افلاس جمیع الشرکاء المتضامنین فیها ..) کما یشمل إشهار الافلاس الشریک المنسحب من المصرف بعد توقفه عن دفع دیونه بشرط ان لا یمضی على خروجه مدة تجاوز السنة .
أما لو اتخذ المصرف شکل شرکة من شرکات الاموال فلا یلتزم المساهم بالتزامات المصرف الا بقدر نصیبه فی رأس المال ، کما هو الحال فی الشرکة المساهمة والمحدودة المسؤولیة ، وبالتالی لا یترتب على افلاس المصرف افلاسهم ، فیخسرون حصتهم فقط ، مهما کان وضع التفلیسة واذا لم یکن المساهم قد سدد قیمة أسهمه فیجوز لامین التفلیسة مطالبته بها لتدخل فی اموال التفلیسة .
وکان الأجدر بمشرع قانون المصارف لسنة 2003 الاستعانة بنصوص قانون التجارة لسنة 1970 کونها وافیة وکافیة لوضع الحلول القانونیة بالنسبة لاثار الافلاس على المصرف المدین .
المطلب الثانی
آثار الإفلاس بالنسبة لدائنی المصرف
تضمنت الفقرة الرابعة من المادة (82) من قانون المصارف العراقی نصا یقضی بتوقف جمیع الدعاوى المقامة على المصرف المدین قبل اشهار افلاسه او بعد ذلک الا اذا قررت المحکمة المختصة ذلک بشرط تعلق الموضوع بدعوى اشهار الافلاس .
کما نصت الفقرة السادسة من المادة (82) ایضاً على ان مجرد اصدار قرار باشهار الافلاس فلا یستحق المصرف أی فائدة على الدیون الخاصة بجماعة الدائنین فقط .
کما اشارت المادة (86) من القانون الى واجبات دائنی المصرف المفلس بان یتقدموا بطلبات الى امین التفلیسة خلال (60) یوماً من تاریخ نشر قرار المحکمة باشهار افلاس المصرف فی الجریدة الرسمیة ویجوز للمحکمة تمدید هذه المدة (20) یوماً ولمرة واحدة اذا تقدم بطلب ثلاثة من دائنی المصرف او اکثر وذلک لتحقیق العدالة والانصاف على حد تعبیر مشرع القانون .
وتقدم هذه الطلبات تحریریاً على ان تتضمن جملة من البیانات اهمها اسم الدائن وعنوانه ، مبلغ الدین والفائدة المستحقة فی ذمة المصرف المدین وکذلک التفاصیل المتعلقة بالدین الممتاز او الدین المکفول برهن .
ونظراً لاهمیة تسجیل طلبات دائنی المصرف فقد أسقط القانون حق الدائن الذی لم یتقدم بطلب التسجیل لدى امین التفلیسة على النحو المبین آنفاً باستثناء الودائع المسجلة فی دفاتر المصرف وذلک استناداً الى الفقرة الاولى من المادة (87) من القانون ، کما بینت الفقرة السابعة من المادة ذاتها حقوق دائنی المصرف عند تحدید محکمة الموضوع (محکمة الخدمات المالیة) موعداً للمرافعة فیبلغ الدائنین لتقدیم الأدلة الثبوتیة للوصول الى استحقاق دیونهم من اموال التفلیسة ویتم تبلیغهم بتاریخ المرافعة بواسطة الاعلان بالنشرة الرسمیة واذا لم یحضر الدائن فی الموعد المقرر للمرافعة یعتبر متنازلاً عن حقه فی المطالبة اذا کان تغیبه عن الحضور بدون عذر مبرر.
فاذا اقتنعت المحکمة المختصة بادلة کل دائن فانها ستدون فی القرار طلبات الدائنین وتبلغ امین التفلیسة بها الذی بدوره سیقوم باخطار الدائنین الذین وافقت المحکمة على طلباتهم .
ویجوز للدائن الذی رفضت المحکمة طلبه لعدم کفایة الادلة او عدم اقتناعها به فیحق له استئناف القرار لدى محکمة الاستئناف خلال (15) یوماً من تاریخ تبلغــــه به .
کما وضحت المادة (88) من القانون ذاته امکانیة اجراء المقاصة بین دیون المصرف المفلس ودائنیه الا اذا وجد اتفاق بین الطرفین یقضی بخلاف ذلک .
أما آثار الافلاس على الدائنین اصحاب حقوق الامتیاز المضمومة ، فقد صرح القانون باولویة استحقاقهم لدیونهم وذلک باستیفائها مقدماً من الاموال الناجمة عن حصیلة بیع اموال المصرف المفلس.
ولابد من التنویه فی هذا المجال وعلى الرغم مما ذکرناه من نصوص قانونیة وردت فی قانون المصارف العراقی ، الا اننا نؤکد ان مشرع القانون لم یوفق فی اختیار المصطلحات القانونیة وصیاغة النصوص صیاغة قانونیة سلیمة ، بحیث ان القراءة الاولى لهذه النصوص تسمح بالقول بانه کان الاجدر بمشرع القانون اما اسناد اثار الافلاس الى نصوص قانون التجارة العراقی الملغی . او على الاقل تنظیمها فی قانون المصارف تنظیماً قانونیاً دقیقاً خالیاً من العیوب فی الصیاغة والمضمون ایضاً .
اما موقف قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 فنجده موقفاً موسعاً ، إذ عالج الموضوع بجوانبه المختلفة وتنبه المشرع العراقی انذاک الا ان الدائنین قد یتزاحمون فی التنفیذ على اموال المدین المفلس فیسعى کل منه الى تحصیل دینه حتى لو ادى الامر الى الحاق الضرر بغیره ، فوضع المشرع نصوصاً قانونیة عالجت الاشکال الذی قد یثار عند تحصیل الدیون من اموال التفلیسة ، هادفاً الى تحقیق المساواة بین الدائنین وعدم التزاحم فیما بینهم ، لکن المرکز القانونی للدائنین لم یکن بمرتبة واحدة ، فالامر یختلف اذا کان الدائن عادیاً او دائناً صاحب امتیاز عام او دائناً صاحب امتیاز خاص.
فبمجرد صدور قرار من المحکمة باشهار افلاس المصرف ستتکون بقوة القانون (جماعة الدائنین) وذلک استناداً الى نص المادة (620) من القانون .
فمنعت هذه المادة الدائنین العادیین والدائنین اصحاب حقوق الامتیاز العامة برفع دعوى فردیة على المصرف المدین بعد صدور قرار باشهار الافلاس وهنا شبه المشرع الدائنین اصحاب حقوق الامتیاز العامة بالدائنین العادیین لاتحاد مصالحهم بحیث یسمح بانضمامهم فی جماعة واحدة ، لان الامتیاز هنا یرد على جمیع اموال المدین لکن فقط لهم حق التقدم عند بیع اموال المصرف المفلس على باقی الدائنین العادیین .
لکن فی الفقرة الثالثة من المادة (620) استثنى المشرع الدائنین اصحاب حقوق الامتیاز الخاصة اذ لا یدخلون فی جماعة الدائنین لتعارض مصالحهم مع مصلحة الجماعة لذلک یحق لهم اقامة دعوى واتخاذ اجراء التنفیذ على الاموال التی تقع علیها تأمیناتهم ، ومع ذلک تذکر اسماء هؤلاء فی قائمة جماعة الدائنین على سبیل التذکیر فقط .
وقد تضمنت المادة (621) نصاً یقضی بان صدور قرار باشهار افلاس المدین سیسقط آجال جمیع الدیون بالنسبة لکل الدائنین العادیین او اصحاب حقوق الامتیاز العامة والخاصة ویبرر موقف المشرع هنا ان الاجل مقرر لوجود ثقة بین الدائن والمدین فاذا اشهر افلاس الاخیر انهارت الثقة فیسقط الآجل .
کما اشارت المادة (622) من القانون بان صدور قرار بالافلاس سیوقف سریان الفوائد بالنسبة لجماعة الدائنین فقط .
اما بالنسبة للدائنین اصحاب الدیون المضمونة برهن او امتیاز خاص على منقول فقد اجازت المادة (629) من القانون لامین التفلیسة بعد موافقة القاضی دفع قیمة الدین المضمون واسترداد الاشیاء المرهونة لحساب جماعة الدائنین ، اما الدائنین اصحاب الدیون المضمونة برهن او امتیاز خاص على عقار فلهم الاولویة فی استیفاء حقوقهم من ثمن العقار واذا لم تکف الاموال فیشترکون فی باقی اموال التفلیسة کدائنین عادیین وذلک استناداً الى المادة (635) من القانون .
فهنا نجد ان المشرع العراقی فی قانون التجارة الملغی لسنة 1970 لم یترک جزئیة للافلاس الا وتناولها مفصلاً ووضع الحلول القانونیة المناسبة لها ، بینما لم نجد هذا التفصیل فی قانون المصارف العراقی لذا ندعو المشرع العراقی ان یلتفت مستقبلاً لهذه المسالة وعلى الاقل النص على اسناد اثار الافلاس بالنسبة للمصارف الى القواعد العامة للافلاس الواردة فی قانون التجارة .
الخاتمة :
واخیراً وبعد الانتهاء من البحث نود ایضاح ان هدفنا الاساس من دراسة افلاس المصرف فی ضوء قانون المصارف العراقی رقم (40) لسنة 2003 النافذ کان ینصب حول تسلیط الضوء على نصوص هذا القانون وما تضمنته من مواد قانونیة تتعلق بافلاس المصرف وتتسم بالضعف فی الصیاغة القانونیة والخلل الواضح فی تحقیق التکامل فی الموضوع . فنجد ان هناک افتراضات عدیدة تنجم عن افلاس المصرف فی العراق لم یتطرق الیها مشرع القانون وفی الوقت ذاته لم یسند ما لم یرد بشأنه نص فی هذا القانون الى قانون التجارة العراقی الملغی لسنة 1970 الذی نظم الموضوع مفصلاً فی الباب الخامس منه .
ویرجع السبب فی انتقاد هذا القانون الى ظروف تشریعه ، اذ صدر بعد الاحداث الاخیرة التی حلت ببلدنا العزیز سنة 2003 .
والقراءة الاولى لنصوص هذا القانون توحی مباشرةً الى انه قانون مستل ومترجم عن قانون اخر لم یحسن مشرعه الدقة فی الترجمة واستعمال المصطلحات القانونیة الجاری العمل بها فی القوانین العراقیة المختلفة .
اما اهم النتائج التی توصلنا الیها فهی :
1- یهدف نظام الافلاس الى حمایة مصلحة جماعة الدائنین والتأکید على مبدأ المساواة بینهم، فضلاً عن کون قواعد الافلاس من النظام العام وتحقیق حمایة الدائنین من خلال غل ید المدین المفلس عن ادارة امواله .
2- شمل قانون المصارف لسنة 2003 کل المصارف المؤسسة فی العراق وطنیة کانت ام اجنبیة .
3- یطبق الافلاس على کل شخص یکتسب صفة التاجر وتوقف عن دفع دیونه التجارة کما یشمل الشخص المنتحل صفة التاجر .
4- یطبق نظام الافلاس على المصارف التجاریة التابعة للقطاع الخاص التی تتخذ شکل شرکة من الشرکات المنظمة فی القانون ، کما یجوز اشهار افلاس الشرکة ولو کانت فی دور التصفیة .
5- اما اصحاب الحق فی طلب اشهار افلاس المصرف ، فهم دائنو المصرف والمصرف المدین ذاته ، اما حق المحکمة والادعاء العام فی ذلک فانه امر انفرد به المشرع المصری فقط ، بینما ذکر قانون المصارف العراقی صاحب الحق فی ذلک وهو البنک المرکزی العراقی وثلاثة دائنین على الاقل .
6- اما المحکمة المختصة بالنظر فی دعوى الافلاس فقد استحدث المشرع فی العراق مؤخراً (محکمة الخدمات المالیة) التی تنظر بالمسائل التجاریة بینما اشار قانون التجارة العراقی الملغی الى ان المحکمة المختصة هی محکمة البداءة بعد الغاء نظام القضاء التجاری .
7- تتم ادارة التفلیسة بواسطة (امین التفلیسة) الذی یعینه القاضی المختص وتکون اهم واجباته ادارة اموال المفلس والمحافظة علیها والطعن فی تصرفات المدین المفلس .
8- واهم الاثار التی تترتب على افلاس المصرف المدین هی غل یده عن التصرف بامواله وابطال کل تصرف یلحق الضرر بالضمان العام للدائنین ، فاذا کان المصرف من شرکات الاشخاص فان افلاسه سیؤدی الى افلاس الشرکاء فیه حتماً ، لان المسؤولیة تضامنیة وشخصیة وغیر محدودة على عکس الامر فی شرکات الاموال التی لا یؤدی افلاس المصرف فیها الى افلاس المساهمین لان المسؤولیة محدودة بقدر قیمة مساهمتهم برأس مال المصرف .
9- بمجرد صدور قرار اشهار الافلاس ستنشأ جماعة الدائنین التی تمثل اصحاب الدیون العادیة واصحاب حقوق الامتیاز العامة ویستثنى من هذه الجماعة اصحاب حقوق الامتیاز الخاصة .
اما اهم التوصیات التی یمکن من خلالها حث المشرع العراقی ودعوته الى اخذها بنظر الاعتبار عند اعادة النظر فی قانون المصارف العراقی النافذ فهی :
1- نحث المشرع العراقی على اعادة النظر فی موضوع الافلاس بصفة عامة وذلک من خلال تفعیل القواعد العامة الواردة فی قانون التجارة الملغی لسنة 1970 واضافتها الى قانون التجارة النافذ لسنة 1984 ، ولا ضیر من اعتماد قانون خاص بالمصارف یتسم بالوضوح والدقة ویتم النص على الاحالة الى القواعد العامة للافلاس الواردة فی قانون التجارة فیما لم یرد بشأنه نص .
2- اشارت المادة (71) من قانون المصارف العراقی الى اسباب اشهار افلاس المصرف فی حالة عدم الوفاء بالتزاماته او بقرار یصدر من البنک المرکزی العراقی بینما اغفل مسألة مهمة الا وهی ان مجرد التوقف عن دفع الدیون ولیس عدم الوفاء بها سببٍ کافٍ لاشهار افلاس المصرف ، وکان الاجدر بالمشرع ان لا یجعل من البنک المرکزی العراقی جهة تختص باصدار قرار الافلاس ، اذ لا یعد جهة قضائیة وان من یناط به ذلک هی المحکمة المختصة حصراً ، لذلک نقترح النص التالی (1- یعتبر المصرف فی حالة افلاس اذا توقف عن دفع دیونه والوفاء بالتزاماته او اذا صدر قرار من المحکمة المختصة…) .
3- نقترح على المشرع العراقی ایراد النص التالی (1- یخضع لنظام الافلاس کل مصرف یتخذ شکل شرکة من الشرکات التجاریة المنصوص علیها فی القانون ، 2- لا تسری احکام الافلاس على مصارف قطاع الدولة وهیئاتها) .
4- نقترح على المشرع العراقی ان ینظم نصاً مقتضاه (تخضع المصارف المؤسسة فی العراق للقواعد العامة بنظام الافلاس التی یخضع لها التاجر المتوقف عن دفع دیونه التجاریة الواردة فی قانون التجارة مع مراعاة خصوصیة النشاط المصرفی وفقاً لاحکام قانون المصارف رقم (40) لسنة 2003) .
5- على المشرع منح الحق فی طلب اشهار افلاس المصرف المدین لکل دائن مهما کان مقدار دینه المستحق وغیر المدفوع من قبل المصرف .
6- نقترح اضافة النص التالی الى قانون المصارف العراقی (تنظر محکمة الخدمات المالیة بالدعاوى التی تتعلق باعمال المصارف فی العراق) وبذلک تشمل کل اعمال المصارف بما فیها الافلاس وکذلک الحاق النظر بالدعاوى المتعلقة بالافلاس والناشئة عنه الى محکمة الخدمات المالیة ایضاً .
7- ندعو المشرع العراقی الى وضع نص صریح یحدد الشخص الذی یتولى ادارة التفلیسة وکالآتی : (اذا قررت المحکمة اشهار افلاس المصرف تعین امیناً لتفلیسة المصرف).
8- نوصی المشرع العراقی النص صراحةً بأن (مراقب التفلیسة) الذی یتم تعیینه بقرار من قاضی التفلیسة یکون من بین دائنی المصرف المفلس والغاء نص المادة (96) من قانون المصارف التی تضم فی احکامها موضوع ( لجنة الدائنین ) بناءاً على طلب من امین التفلیسة وهذا یتعارض مع مهام هذه اللجنة التی تراقب وتشرف على اعمال امین التفلیسة.
9- حث المشرع العراقی الى الالتفات بسن نصوص قانونیة تنظم اثار الافلاس بالنسبة للمصرف المدین وکذلک بالنسبة للدائنین او احالة الموضوع الى القواعد العامة للافلاس فی قانون التجارة.
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
Sources :
First: Laws:
1- Iraqi Banking Law No. (40) for the year 2003.
2- The Iraqi Trade Law No. (149) for the year 1970, repealed.
3- The Egyptian Trade Law No. 17 of 1999.
Second: Books:
1- Dr. Ahmed Mahmoud Khalil, Commercial Bankruptcy Exploration, Al Maaref Establishment, 2001.
2- Dr. Hassan Jad, Explanation of Iraqi Commercial Law, C3, Sabah Printing Press, 1945.
3- Dr. Rizkullah Antaki, Commercial Land Rights, Syrian University Press, 1948.
4 - Reza Abdul Hamid, some practical problems in the application of the Trade Law No. (17) for the year 1999, House of Arab Renaissance, 2004.
5- Dr. Samiha Al-Qalioubi, Summary in Bankruptcy Rulings, I, Dar al-Nahda al-Arabiya, 2003.
6- Dr. Aziz al-Ukaili, al-Wajiz in explaining the new trade law, i 1, Dar es Salaam Press, 1972.
7- Dr. Aziz Abdul Amir Al-Ukaili, Legal difficulties arising from the bankruptcy of companies, Journal of Law, No. 1, 1987.
8- Dr. Abdul Hamid Al-Shawarbi, Bankruptcy, Al-Ma'aref Establishment, Alexandria, 2003.
9- Dr. Abdulrahman Al-Sayed Qorman, Responsibility of Board Members and Directors for the Bankrupt Company's Debt, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, 2001.
10- Dr. Ali Jamal Aldin Awad, Bankruptcy in the New Trade Law, II, Dar Al Nahda Al Arabiya, 2000.
11- Dr. Farouk Ahmed Zaher, The Bankruptcy System in Egyptian Law, Dar Al - Nahda Al - Arabia, 2003.
12- Dr. Fawzi Mohammed Sami, Explanation of Commercial Law, C3, House of Culture for Publishing and Distribution, Amman, 1997.
13 - Mohiuddin Abadi Shirazi, the surrounding dictionary, the House of Science for All, Beirut, without a year printed.
14- Dr. Mustafa Kamal Taha and d. Wael Anwar Bundak, The Origins of Bankruptcy, University Thought House, 2005.
15- Dr. Nusseibeh Ibrahim Hamo, Commercial Credit Protection Between Civil Insolvency and Commercial Fraud, Acceptable Research, Adab Al-Rafidain Journal, 1992.