الملخص
إن نشوء فکرة حقوق الإنسان ، ما هی إلاّ حقیقة قدیمة ولدت مع الإنسان عبر تطور فلسفی وسیاسی واجتماعی طویل( ). وقبل أن تصبح هذه (الحقوق) ذات إطار تنظیمی دولی ، فقد مرّت بسلسلة من التطورات التاریخیة المتعاقبة بدءاً بتأطیرها عرفیاً، من خلال ما شهدته بعض الحضارات الإنسانیة القدیمة ومنها العراقیة من تدوین بعض القواعد القانونیة الخاصة بحقوق الإنسان ، ومن ثمّ تضمینها فی إعلانات ووثائق دستوریة فی أهم التکوینات الاجتماعیة والسیاسیة
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
تنظیم حقوق الإنسان فی القانون الدولی
Regulation of Human rights in international law
عماد خلیل إبراهیم کلیة العلوم السیاسیة / جامعة الموصل Emad Khalil Ibrahim College of Political Science / University of Mosul Correspondence: Emad Khalil Ibrahim E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 22/5/2007 *** قبل للنشر فی 4/7/2007.
(*) Received on 22/5/2007 *** accepted for publishing on 4/7/2007.
Doi: 10.33899/alaw.2007.160495
© Authors, 2007, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
مقدمة:
إن نشوء فکرة حقوق الإنسان ، ما هی إلاّ حقیقة قدیمة ولدت مع الإنسان عبر تطور فلسفی وسیاسی واجتماعی طویل. وقبل أن تصبح هذه (الحقوق) ذات إطار تنظیمی دولی ، فقد مرّت بسلسلة من التطورات التاریخیة المتعاقبة بدءاً بتأطیرها عرفیاً، من خلال ما شهدته بعض الحضارات الإنسانیة القدیمة ومنها العراقیة من تدوین بعض القواعد القانونیة الخاصة بحقوق الإنسان ، ومن ثمّ تضمینها فی إعلانات ووثائق دستوریة فی أهم التکوینات الاجتماعیة والسیاسیة ، حتى ظهور عصر التنظیم الدولی ، الذی شهد أولى مراحل التدوین القانونی الدولی من خلال مجموعة الصکوک القانونیة الدولیة الخاصة بحقوق الإنسان .
أهمیة البحث : وتنبثق هذه الأهمیة من ماهیّة الحقوق التی یجب أن یتمتع بها الإنسان سواء على المستوى الداخلی (المحلی) أم الدولی .
إشکالیة البحث : وتتمحور حول کیفیة إعمال هذه الحقوق ووقف انتهاکاتها من خلال تحلیل مراحل تنظیمها إلى أن اتخذت طابعاً قانونیاً دولیاً .
منهجیة البحث : إذْ کان المنهج العلمی الاستقرائی ، الأساس فی تناول وتحلیل مسألة حقوق الإنسان وتنظیمها قانونیاً.
هیکلیة البحث : تمّ تقسیم الموضوع على مبحثین :
المبحث الأول : التأصیل التاریخی لحقوق الإنسان .
المبحث الثانی : التقنین القانونی الدولی لحقوق الإنسان .
المبحث الأول
التأصیل التاریخی لحقوق الإنسان
لقد مرت فکرة حقوق الانسان بمراحل تاریخیة متعددة قبل ان تصبح قواعد قانونیة ضمن اطار تنظیمی دولی ، ولفهم هذا التطور بمراحله المختلف ستتم معالجة الموضوع وفقاً للآتی :
المطلب الأول
ماهیة حقوق الإنسان
لمعرفة ماهیّة حقوق الإنسان لابد من تناول المفاهیم السائدة ضمن هذا الاطار ، والمتعلقة بـ (الحقوق) و (الحریات) .
فکلمة الحقوق ، کلمة غامضة فی حد ذاتها وقد استعملت من أجل وصف علاقات قانونیة مختلفة. فقسم من الدارسین یشیر إلى أن الحق (عادةً) ما یتم استعماله فی إطاره الضیق والمتعلق بأن حامل الحق مخول بشیء ما مقابل واجب معین، ویشیر قسم آخر إلى أن کلمة الحق فی معناها العام تشتمل على مجموعة معاییر تهدف إلى تنظیم العلاقات بین البشر وتأمین المصالح الإنسانیة. أی أن هذا الحق یرتبط بالمجموعات البشریة ویتطور بتطورها ومن ثم یکون محدداً بمعاییر ونصوص قانونیة .
أما الحریة ، فهی ظاهرة اجتماعیة محددة بإطار (العامة) أی هی لیست حریة مطلقة (بأن یتصرف الفرد على هواه ووفقاً لنوازعه الشخصیة) بل نسبیة یفترض تناولها وتأطیرها بمعاییر ومحددات قانونیة من خلال تدخل السلطة العامة او الدولة بتنظیمها وتوفیر المستلزمات المادیة لها، فالحریة وحدها تکون سائبة وهی تعنی الفوضى والإنفلات ، أما إذا اقترنت بالفائدة والمصلحة العامة فتکون عندئذ منظمة ومقیدة بالقانون وتهدف تحقیق المصلحة العامة .
ومع هذا، فإن الدراسات القانونیة المعاصرة ، تمیل إلى استخدام وصف الحقوق أکثر من تعبیر (الحریات) بل تُدخل مفهوم (الحریة) ضمن حقوق الإنسان ویبدو أن أسباب ذلک یعود الى تدخل الدولة بتنظیم هذه الحریة ووضع الضوابط القانونیة لها فضلاً عن أن الکثیر من المنظمات الدولیة واللجان الخاصة التابعة لها والمواثیق الدولیة عمدت إلى استعمال وصف حقوق الإنسان أکثر من تعبیر (الحریات العامة) ، ومنها المنظمات الدولیة والإقلیمیة لحقوق الانسان ولجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة والاعلان العالمی لحقوق الإنسان 1948 والاتفاقیتین الدولیتین للحقوق المدنیة والسیاسیة والحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة لعام 1966 ، وغیرها من الاتفاقیات والمواثیق الاقلیمیة والدولیة التی عمدت إلى استعمال وصف (حقوق الانسان) .
وعلیه فإن هذه الحقوق تتعلق بالإنسان بوصفه إنساناً بغض النظر عن جنسیته أو دینه أو أصله أو وصفه الاجتماعی أو الاقتصادی ، ومن ثم لا یمکن النظر الى تلک الحقوق إلاّ فی إطار المجتمع الذی یعیش فیه هذا الإنسان.
المطلب الثانی
تطور فکرة حقوق الإنسان
إن فکرة حقوق الانسان لم تکن واضحة ومحددة بمعایبیر ثابتة فی المجتمعات البدائیة، لذا فإن مجموعة الحقوق الانسانیة استندت الى قاعدة وهی ان من یملک القوة والنفوذ الاجتماعی (القبلی) یمارس هذه الحقوق.
وبتقدم الحضارة الانسانیة ، انتقل التشریع الى تدوین الاعراف السائدة وصیاغتها فی أحکام ملزمة بعد أن توضحت فکرة (سلطة الدولة الحاکمة).
ویمکن تناول أهم مراحل تطور فکرة حقوق الإنسان قبل ظهور التنظیم الدولی وفقاً للفقرات الآتیة :
أولاً: حقوق الإنسان فی بعض الحضارات القدیمة :
لقد کانت الحضارات الإنسانیة القدیمة ، البادئة بسن التشریعات والقوانین التی تنظم مجتمعاتها المختلفة وفی عدة جوانب منها حقوق الإنسان ، ویمکن البحث فی ماهیة هذه الحقوق من خلال استعراض مانظمته أهم هذه الحضارات فی هذا المجال ، وبالشکل الآتی:
1. تنظیم حقوق الإنسان فی الحضارات العراقیة :
تعدّ حضارات وادی الرافدین أقدم الحضارات الانسانیة وأکثرها إهتماماً بحقوق الإنسان ، فالقانون والعدالة والحریة کانت من أساسیات الفکر العراقی القدیم ومنذ بدء التدوین فی الألف الثالث قبل المیلاد.
لقد ظهرت عدة مدونات قانونیة تناولت العلاقات الإنسانیة وتنظیمها على اساس مفردات العدل والمساواة فی ضوء نصوصها الواردة فیها فی تلک الفترة ، بالرغم من شدة العقوبات المفروضة على انتهاکها .
وفیما یتعلق بفکرة العدالة ، فقد أدرک العراقیون القدماء هذه الفکرة ، وسعوا إلى تاکیدها فی واقع الحیاة ، فکانت العدالة عندهم حقاً مشروعاً لکل إنسان، وقد تناولت (شریعة حمورابی) فی بعض نصوصها القانونیة المدونة فیها (ضمانات العدالة) وفی أکثر من مجال ، ومنها : العلاقات بین أفراد الأسرة وبین الدائن والمدین وفی مجال المسؤولیة المدنیة والنظام القضائی .
أما ما یتعلق بالحقوق السیاسیة ، فقد أشارت الدراسات التاریخیة بان أول برلمان سیاسی معروف فی تاریخ الانسان المدون کان موجوداً فی بلاد (سومر) وفی (بابل) لیمثل الناس فی تصریف شؤون المدینة.
2. تنظیم حقوق الإنسان فی الحضارتین (الیونانیة – الرومانیة) :
بالرغم من الإسهامات الکبیرة لتلک الحضارات فی مجال الفکر الفلسفی السیاسی والقانونی ، إلاّ أن فکرة حقوق الإنسان لم تکن واضحة ومحددة ، فالتناقض کان حاضراً بین أساسیات هذه الحقوق وبین الممارسات السیاسیة والاجتماعیة فیهما .
وفیما یتعلق بالحضارة الیونانیة فبالرغم من أن المجتمع الیونانی کانت تسوده تقالید تؤکد على أن العدالة واحترام القانون تعبر عن مدى صلاحیة المجتمع ومقیاس لفضائله ، وأن أفلاطون یقول إن أول ما تعنى به حکومة الجمهوریة هو أن تکمل السعادة للمحکومین .. وإنه لیس للاجتماع المدنی من قاعدة سوى العدل وإن أیة دولة لا تعرف أن تقوم علیه هی دولة فاسدة، وإن الدیمقراطیة المباشرة قد اعتمدت أسلوباً للحکم وتعبیراً عن الحقوق السیاسیة، إلاّ أنه وعلى الرغم من ذلک کله ، فإن المجتمع الیونانی أیضاًً کان قائماً على الانقسام الطبقی من خلال جعل ثقافة الأحرار الیونانیین هی الإنموذج وصاحبة السیادة ، وکان مفهوم (المواطنة) امتیاز یمنح صاحبه عضویة المدینة ویؤهله للمشارکة فی الحیاة السیاسیة، أما طبقة (الأرقاء) فیقول ارسطو بأنهم من صنع الطبیعة التی جعلت (العبد) من الأدوات التی
لا بد منها لتحقیق سعادة الأسرة الیونانیة ، کما أن المرأة لم تکن أوفر حظاً من الرقیق، فنصت القوانین الیونانیة على تجرید المرأة من حقوقها المدنیة ووضعها تحت سیطرة الرجل فی مختلف مراحل حیاتها واستمرار عزلها عن الحیاة العامة وتولی الوظائف.
أما فیما یتعلق بالحضارة الرومانیة ، فقد کان المجتمع الرومانی أیضاً یقوم على تکریس عدم المساواة الطبقیة ، فلم تکن هناک مساواة أمام القانون ولم یعترف للطبقة العامة بحق المواطنة ولم تشارک فی المجالس الشعبیة ولم یعترف لها بالمساواة أمام القضاء، مقارنة بالحقوق التی یتمتع بها الأشراف والنبلاء فی المجتمع الرومانی ، فضلاً عن الأمر الذی یخص المرأة التی جردت من الحقوق المدنیة مثل (حق الحیاة) والطرد من الاسرة وحق بیعها مثل الرقیق.
ثانیاً. حقوق الإنسان فی الإسلام :
إن تقریر الحقوق والواجبات فی الإسلام مصدره الله عزّ وجل .. فهو الحق المبین وتشریعه هو العدل المطلق، یقول الله تعالى : (اللَّهُ الَّذِی أَنْزَلَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِیزَانَ). ولقد خلق الله الإنسان ، واستخلفه فی الأرض ، إذ یقول تعالى (هُوَ أَنشَأَکُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَکُمْ فِیهَا)، ومن ثمّ فقد کرمه الله وفضله فی ضوء الآیة الکریمة : (وَلَقَدْ کَرَّمْنَا بَنِی آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّیِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِیلا).
وتضع الشریعة الإسلامیة قواعد أساسیة تنتظم داخلها حقوق الإنسان وواجباته وأسلوب ممارسته لحریاته العامة ، ومن هذه القواعد:
ثالثاً: حقوق الانسان فی مدرسة القانون الطبیعی :
ترى مدرسة القانون الطبیعی ، أن الانسان سابق فی وجوده على المجتمع وانه کان یعیش حالة الطبیعة قبل ظهور المجتمعات ، ومن ثم فان الحقوق نشات مع الانسان وانه یستمدها من طبیعته الانسانیة ولیس مما تصدره الدولة من تشریعات لأن وجود الانسان سابق على وجود الدولة ، وان الحقوق وخاصة (الحریة) سبقت قیام المجتمع والدولة ، وبالتالی فهی حقوق طبیعیة وتُعد أساساً للقانون الطبیعی.
ومن مفکری هذه المدرسة (توماس أکوینوس) الذی وضع أهمیة کبیرة على القانون الطبیعی إذ منح حقوقاً مقدسة للافراد وعدّها جزءاً من القانون الإلهی.
کذلک الفقیه الهولندی (کروشیوس) الذی نادى بقانون الحرب والسلام ویقول ان الحق الطبیعی لا یرتبط بأیة إرادة خارجیة ولا حتى بالإرادة الإلهیة ، وإن الصفات الطبیعیة للمخلوقات البشریة هی الدافع الاجتماعی للعیش بسلام ووئام مع الآخرین. وقد قامت نظریات فلسفیة مهمة على أساس فکرة القانون الطبیعی وهی المعروفة بنظریات (العقد الاجتماعی) وأول من قال بها (هوبز) الذی أکد أن الأفراد کانوا یعیشون حیاة طبیعیة یسودها البؤس وإن القوی له أفضلیة على الضعیف لذا قرر الأفراد التخلص من الحالة الفطریة وتأسیس مجتمع یضمن للجمیع الحیاة المستقرة المنشودة بأن یتنازلوا عن کل حقوقهم الطبیعیة للحاکم ، أی أنه أخذ بالملکیة المطلقة وأن الحاکم غیر مقید بأی قانون وإن القانون یخضع لإرادة الحاکم ، وبالتالی فإن (هوبز) لم یکن من انصار القانون الطبیعی ولا یعترف بغیر القانون الوضعی الذی یضعه الحاکم.
أما (جون لوک) فإنه یقول أن الحیاة الطبیعیة کانت تخضع للقانون الطبیعی وکان جمیع الأفراد أحراراً متساوین وإنهم قد تخلوا عن بعض من حقوقهم من أجل تنظیم المجتمع وتکوین السلطة ولکن احتفظوا بالحقوق الطبیعیة للحیاة والحریة والمُلکیة.
رابعاً. حقوق الإنسان فی الإعلانات والوثائق الدستوریة :
دخلت مسألة حقوق الإنسان ، إطاراً قانونیاً ، بفعل تطور المجتمعات السیاسیة وأدوات الحکم فیها ، بعد أن کانت مجرد مبادئ فکریة وفلسفیة، وإتخذت أبعاد هذا التطور ، ما یعرف بـ (إعلانات الحقوق) ووضع الوثائق الدستوریة فی میادین اجتماعیة مختلفة ، وبالشکل الآتی :
1. حقوق الإنسان فی الوثائق البریطانیة :
لقد تمحورت أفکار حقوق الإنسان فی عدة إعلانات ووثائق دستوریة ، أهمها : (الماکناکارتا-Magnacarta) سنة 1215 والتی نظمت الحقوق الأساسیة على مستوى الفرد أو البرلمان وقیّدت الملکیة المطلقة بقیود دستوریة.
وفی سنة 1628 صدر ما یُسمى بـ (عریضة الحقوق-Petition of Rights) بعد صراع بین الملک والبرلمان نصت على احترام الحقوق الشخصیة وعدم إعلان الأحکام العرفیة وقت السلم وعدم فرض ضرائب دون موافقة البرلمان.
وفی عام 1688 ، أقرّ البرلمان (إعلان الحقوق-Bill of Rights) ومن أهم ما ورد فیه هو أنه لیس للملک سلطة إیقاف القوانین ، أو الإعفاء من تطبیقها ، أو فرض الضرائب من غیر موافقة البرلمان.
إن هذه الوثائق قد وضعت حداً للسلطة المطلقة من خلال الاعتماد على مبدأ سیادة القانون وتعزیز دور البرلمان واحترام حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة .
2. حقوق الإنسان فی الوثائق الأمریکیة :
إن تزاید الاهتمام بحقوق الإنسان وتقنینها دستوریاً ولا سیما فی بریطانیا ، کان له أثر کبیر فی مستعمراتها ومنها (الأمریکیة) ، إذ تفاعل الرفض العام للمستعمر (البریطانی) ، فکان (إعلان فرجینیا) أول تقنین لحقوق الإنسان وصاغه فی عام 1776 (جورج ماسون) وتضمن حریة الصحافة والحریة الدینیة وعدم التجاوز على الحریة الشخصیة للفرد. ثم جاء (إعلان الاستقلال) فی السنة نفسها ، الذی أکد على أن البشر کلهم خلقوا متساویین ، وإنهم موهوبون من عند خالقهم بحقوق معینة غیر قابلة للاقتراع ومنها حق الحیاة والحریة. أما فیما یتعلق بالدستور الأمریکی الصادر سنة 1787 ، فعلى الرغم من إنه لم ینص (حین وضعه) على حقوق الإنسان ، إلاّ أنّ عدة تعدیلات أجریت علیه بین عامی 1789-1791 ، تضمن الاعتراف بحقوق الإنسان ومنها حریة العقیدة وحرمة النفس والمال والمنزل وضمانات التقاضی وتحریم الرّق والمساواة فی الانتخاب.
3. حقوق الإنسان فی الوثائق الفرنسیة :
لقد کانت أفکار الثورة الفرنسیة حاضرة فی تکریس حقوق الإنسان وتنظیمها بعد معاناة وإضطهاد من السلطة الملکیة المطلقة ، إذ تُعدْ وثیقة إعلان حقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789 ، الوثیقة الأولى لحقوق الإنسان فی فرنسا والتی أکدت على عنصرین أساسین هما المساواة والحریة ، فضلاً عن حق الفرد فی المُلکیة ، والأمن ومقاومة الظلم والطغیان. وقد کانت هناک إعلانات حقوق أخرى مثل : مشروع (جیروندا) للحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة فی سنة 1793 و (مونتارد) للمساواة والحریة والعمل ، وإعلانات الحقوق والواجبات فی سنة 1795. إلى جانب ما تضمنته الدساتیر الفرنسیة منذ عام 1791 إلى دستور عام 1958 من تأکید واعتراف بهذه الحقوق.
المبحث الثانی
التقنین القانونی الدولی لحقوق الإنسان
لقد شهد القرن التاسع عشر المحاولات القانونیة الدولیة الاولى لتقنین حمایة حقوق الإنسان بعد الانتهاکات الصارخة لها. ولفهم تطور التنظیم الدولی لحقوق الانسان لابد من تناول مراحله وبالشکل الآتی :
المطلب الأول
حقوق الإنسان فی ظل القانونی الدولی العرفی وعصبة الأمم
بدأ التقنین الدولی لحقوق الإنسان على خلفیة شیوع القانون الدولی العرفی ومن ثمّ ظهور وتبلور القانون الدولی المنظم ، وکما یأتی :
1. حقوق الإنسان فی فترة القانون الدولی العرفی :
إتخذ الاهتمام بحمایة حقوق الإنسان فی هذه الفترة ، صور مکافحة الرّق والإتّجار به والتدخل الإنسانی وحمایة الأقلیات ، إذ کانت معاهدة باریس عام 1814 بین بریطانیا وفرنسا أول معاهدة تقرر مسألة مکافحة الرّق والإتجّار به من خلال زیارة وتفتیش السفن التی یشتبه بتورطها بعملیات نقل الرقیق.
وفی سنة 1885 ، أقرّ مؤتمر برلین معاهدة أخرى لتحریم الإتجار بالرقیق طبقاً لمبادئ القانون الدولی ، وأن تتعهد کل دولة موقعة علیها أن تستخدم جمیع الوسائل للحد من هذه التجارة.
فضلاً عن ذلک فقد عقد مؤتمر بروکسل عام 1889 ، الذی أقرّ تدابیر تنفیذیة للقضاء على تجارة الرقیق وإنشاء رقابة دولیة لمتابعة تنفیذ ما أقرّه المؤتمر.
ومع أن الأصل العام فی ظل القانون الدولی العرفی هو عدم التدخل فی الشؤون الداخلیة والخارجیة للدول ، إلاّ أنه عرف بعض المبادئ فی مجال حمایة حقوق الإنسان، ومنها التدخل لأغراض إنسانیة الذی طبقته بادئ الأمر الدول الأوربیة ضد الدول الضعیفة خارج القارة، فضلاً عن قواعد القانون الدولی الإنسانی المتعلقة بضحایا الحرب ، التی نشأت أصلاً بعرف دولی ، تجسد منذ عام 1864 ، ومن ثمّ فی اتفاقیتی لاهای 1899 و 1907. إلى جانب عقد المعاهدات الدولیة الخاصة بحمایة حقوق الأقلیّات.
2. حقوق الإنسان فی ظل عصبة الأمم :
على الرغم من أن عهد عصبة الأمم لم یتضمن أیة مبادئ عامة قابلة للتطبیق تتعلق بحقوق الإنسان ، إذ کانت جزءاً من السیاسة العالمیة وحرکة الفکر فیها، إلاّ أن جمیع صکوک الانتداب قد ألزمت الدول المنتدبة بالعمل على رفع المستوى الثقافی والمعنوی والمادی لشعوب الأقالیم التی أُخضعت للانتداب وبأن تکفل لسکانها حریة الضمیر والعقیدة وتحریم السخرة والإتّجار بالرقیق.
إلى جانب المجهودات الدولیة لجعل مبدأ حمایة الأقلیات قاعدة من قواعد القانون الدولی العام ، على الرغم من أنه کان نظاماً إستثنائیاً یسری على بعض الدول ولا یضمن إلاّ حمایة بعض الحقوق وتقیید التظلّم الفردی أمام أجهزة العصبة وعرض مسألة حمایة الأقلیات على المحکمة الدائمة للعدل الدولی.
المطلب الثانی
الشرعة الدولیة لحقوق الإنسان
بعد أن شهد المجتمع الدولی ویلات ومآسی حربین عالمیتین إثر جرائم الإبادة الجماعیة والانتهاکات الصارخة لحقوق الإنسان فی مختلف الدول ، أصبحت مسألة حمایة حقوق الإنسان ، القضیة المرکزیة التی یمکن أن تتحقق فی ظل منظمة عالمیة شاملة هی الأمم المتحدة.
وقد اتخذ تنظیم حقوق الإنسان فی ظل الأمم المتحدة ، ثلاثة میادین رئیسة هی: میثاق الأمم المتحدة ، والإعلان العالمی لحقوق الإنسان ، والاتفاقیتان الدولیتان لعام 1966 ، فضلاً عن البروتوکول الاختیاری الملحق باتفاقیة حقوق الإنسان المدنیة والسیاسیة والمتعلق بحق الأفراد فی التظلّم إلى لجنة حقوق الإنسان إذا انتهکت حقوقهم من جانب حکوماتهم ، مع أن هذه الإمکانیة تتوفر فقط إذا کانت الدولة المعنیة قد صدّقت على الإتفاقیة والبروتوکول الملحق بها (الآنفی الذکر).
لذا سیتم بحث محاور التنظیم الدولی لحقوق الإنسان فی ظل الأمم المتحدة أو ما یعرف بالشرعة الدولیة لحقوق الإنسان ، فضلاً عن التطرق لأهم التطورات الدولیة المعاصرة فی مجال حقوق الإنسان ، ألا وهی :
1. تنظیم حقوق الانسان فی میثاق الأمم المتحدة :
إن الصورة الأولى للتنظیم الدولی لحقوق الإنسان ، کانت فی ظل میثاق الأمم المتحدة، إذ صیغت حقوق الانسان بشکل أکثر تحدیداً من الإعلانات الوطنیة ، واصبح للفرد أهمیة کبیرة فی مجال القانون الدولی، فأکد فی دیباجته الایمان (بالحقوق الاساسیة وبکرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم کبیرها وصغیرها من حقوق متساویة)، وقد تناولت المواد (1،13، 55 ، 62 ، 68) من المیثاق حقوق الانسان وحریاته ووجوب مراعاتها، (فالمادة /1 ) تناولت مقاصد الأمم المتحدة فنصت فی (الفقرة الثالثة) منها على: (تحقیق التعاون الدولی .. وعلى تعزیز احترام حقوق الانسان والحریات الاساسیة للناس جمیعا" والتشجیع على ذلک إطلاقاً بلا تمییز بسبب الجنس او اللغة او الدین ولا تفریق بین الرجال والنساء)، وإعمالاً لحقوق الإنسان جعل المیثاق أن من واجبات الجمعیة العامة للأمم المتحدة ووفقاً (للمادة /13 فق/ب) هو ( إنماء التعاون الدولی .. والإعانة على تحقیق حقوق الانسان والحریات الاساسیة للناس کافة بلا تمییز بینهم فی الجنس أو اللغة أو الدین ولا تفریق بین الرجال والنساء).
فضلاً عن ذلک فقد جعل المیثاق من واجبات (الهیئة) ووفقاً ( للمادة /55 فق /ج) ، العمل على احترام حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة بصفة أن ذلک من الشروط الجوهریة لقیام العلاقات الودیة بین الدول وتحقیق السلم الدولی ونصت على (ان یشیع فی العالم احترام حقوق الانسان والحریات الاساسیة للجمیع ..). وعهد المیثاق لجهاز اخر تابع للامم المتحدة وهو المجلس الاقتصادی والاجتماعی وبموجب (المادة /62 فق /2) بأن (یقدم توصیات فیما یختص باشاعة احترام حقوق الانسان والحریات الاساسیة ومراعاتها)، وله أی (المجلس) اعداد مشاریع اتفاقیات لعرضها على الجمعیة العامة والدعوة الى مؤتمرات دولیة لدراسة هذه المسائل وفقا للقواعد التی تضعها الامم المتحدة وبموجب (المادة /68) یقوم هذا المجلس أیضا بانشاء لجاناً للشؤون الاقتصادیة والاجتماعیة لتعزیز حقوق الإنسان.
وبناءً على ذلک ، فقد انشئت لجنة دولیة هی (لجنة حقوق الإنسان) عام 1946 ، التی تتمتع بنظام قانونی خاص ، واختصاصاتها تتعلق بتعزیز الاعتراف بحقوق الانسان وکفالة احترامها ووضع التوصیات ومشروعات الاتفاقیات الدولیة اللازمة لتحقیق هذه الأغراض.
2. تنظیم حقوق الانسان فی الاعلان العالمی لعام 1948 :
إن أهم مصدر (للشرعة الدولیة لحقوق الانسان) هو : الاعلان العالمی لحقوق الإنسان، فالمواد التی اشار الیها میثاق الامم المتحدة ، لا تعدو ان تکون مبادى عامة لحقوق الإنسان متفرقة وموزعة فی عدة نصوص ، ولیس هناک باب مستقل یشیر الیها ، مما ترتب على المنظمة الدولیة ان تسعى الى ایجاد مرجعیة قانونیة ظهرت بشکل (إعلان) دولی فی بادئ الامر .
وتناول الإعلان فی دیباجته ، المساواة فی الحقوق الانسانیة على اساس الحریة والعدل والسلام ، وتم تقنین هذه الحقوق فی ثلاثین مادة.
وابتدأ الإعلان بدیباجة هی انعکاس لدیباجة میثاق الامم المتحدة بالقول (.. بما لجمیع اعضاء الاسرة البشریة من کرامة أصیلة فیهم ، ومن حقوق متساویة وثابتة یُشکل اساس الحریة والعدل والسلام فی العالم ..).
وتنص (المادة /1) فی الاعلان (یولد جمیع الناس احرارا" ومتساوین فی الکرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعلیهم أن یعاملوا بعضهم بعضا بروح الآخاء). وهذه المادة تؤکد على الحق فی الحریة والمساواة بأنه حق یولد مع الفرد ولا یجوز التصرف فیه.
وتنص (المادة /2) على (إن لکل إنسان حق التمتع بجمیع الحقوق والحریات المذکورة فی الإعلان دون تمییز من أی نوع ...)، وهذه المادة تؤکد بما لایقبل الشک او التاویل بان جمیع الناس دون تمییز او تحدید لفئة دون اخرى او لفرد دون اخر یتمتعون بنفس الحقوق والحریات .
إن الإعلان قد فصّل وبیّن ماهیّة حقوق الإنسان المدنیة والسیاسیة ، وذلک فی المواد المحصورة بین (3-21) ، اذ تشیر (المادة /3) إلى ثلاثة حقوق أساسیة متلازمة ومترابطة هی الحق فی الحیاة والحق فی الحریة والحق فی أمان الفرد على شخصه وهی مجتمعة تکون ضروریة لتمتع الانسان بسائر الحقوق الاخرى اذ تنص (لکل فرد حق فی الحیاة والحریة وفی الأمان على شخصه).
وتشیر (المادة /4) إلى منع استرقاق الانسان واستعباده والمتاجرة به بالقول : (لا یجوز إسترقاق أحد أو إستعباده ویحظر الرّق والاتجار بالرقیق بجمیع صورهما).
وتشیر (المادة /5) إلى منع تعذیب الانسان وتعریضه الى المعاملة القاسیة واللا إنسانیة بالقول : (لا یجوز اخضاع احد للتعذیب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسیة أو اللا إنسانیة أو الحاطة بالکرامة). فضلاً عن ذلک فقد أشارت (المادة /7) إلى أن جمیع الأفراد متساوون أمام القانون وفی الحمایة من أی تمییز بینهم بالقول : (إن الناس جمیعا سواء أمام القانون وهم متساوون فی حق التمتع بحمایة القانون دون تمییز).
وتشیر (المادة /8) إلى حق أی شخص فی اللجوء إلى القضاء لاسترجاع حقه أو حمایة حقه بالقول: ( لکل شخص حق اللجوء إلى المحاکم الوطنیة المختصة لإنصافه الفعلی من أیة أعمال تنتهک الحقوق الاساسیة التی یمنحها إیاه الدستور أو القانون).
وتشیر ( المادة /15 ) الى حق الانسان بأن یکون له جنسیة تربطه بوطنه وکجزء من حق المواطنة أن یتمتع بهذه الرابطة القانونیة ، وأنه لا یجوز حرمانه منها خارج إطار القانون بالقول وفقاً للفقرة /1 ( لکل فرد حق التمتع بجنسیة ما) ووفقا للفقرة/2 (لا یجوز تعسفا حرمان أی شخص من جنسیته ولا من حقه فی تغییر جنسیته).
وتشیر(المادة / 16) إلى أهمیة الأسرة فی المجتمع بوصفها الخلیة الطبیعیة والأساسیة فیه وإنها تقوم على حق الرجل والمراة فی تأسیسها من خلال رابطة (الزواج) دون أی تمییز وبشرط عقده على رضا الطرفین وذلک بالقول وفقا للفقرة / 1: (للرجل والمرأة متى أدرکا سن البلوغ ، حق التزوّج وتأسیس أسرة ..).
وتشیر (المادة / 18) إلى حریة الإنسان فی الفکر والدین بالقول : (لکل شخص حق فی حریة الفکر والوجدان والدین...).
و (المادة / 19) إلى حق الإنسان فی الرأی والتعبیر وإعتناق الآراء دون أی قید بالقول : (لکل شخص حق التمتع بحریة الرأی والتعبیر ، ویشمل هذا الحق حریته فی اعتناق الآراء دون مضایقة).
وتتعلق مواد الإعلان المحصورة بین (22-27) بالحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة للإنسان ، إذ تشیر ( المادة / 22) إلى حق الإنسان فی الضمان الاجتماعی الذی یجب أن توفره له الدولة بالقول (لکل شخص بوصفه عضوا فی المجتمع حق فی الضمان الاجتماعی..).
فضلاً عن (المادة / 23) التی أشارت إلى حق الإنسان فی العمل وحمایته من البطالة وتمتعه بأجر یوازی عمله وبنظام للمکافآت وفی حقه لتکوین النقابات العمالیة وذلک بالقول وفقاً للفقرة/1: (لکل شخص حق فی العمل وفی حریة اختیار عمله وفی شروط عمل عادلة ومرضیة وفی الحمایة من البطالة).
وتشیر (المادة / 26) إلى حق الإنسان فی التعلیم وان یوفر له مجاناً وضرورة أن یکون هدف التعلم هو تنمیة الانسان الکاملة بالقول وفقا للفقرة /1 (لکل شخص حق فی التعلم ویجب أن یوفر له التعلم مجاناً) ووفقاً للفقرة /2 (یجب أن یستهدف التعلیم التربیة الکاملة لشخصیة الإنسان ..).
وتشیر (المادة /27) إلى الحقوق الثقافیة للإنسان وحقه فی البناء الثقافی للمجتمع وإسهامه فی التقدم العلمی وحمایة إبداعه العلمی والأدبی والفنی وذلک بالقول وفقاً للفقرة /1 (لکل شخص حق المشارکة الحرة فی حیاة المجتمع الثقافیة وفی الاستمتاع بالفنون والإسهام فی التقدم العلمی وفی الفوائد التی تنجم عنه). أما (المادة / 28) فقد أشارت إلى حق الفرد بالتمتع بنظام اجتماعی تتحقق فیه حقوقه وحریاته الاساسیة بالقول (لکل فرد حق التمتع بنظام اجتماعی ودولی یمکن أن تتحقق فی ظله الحقوق والحریات المنصوص علیها فی هذا الإعلان تحققاً تاماً)، أی لیس هناک جهة أو دولة تستطیع أن تفرض أنموذجاً للنظام الاجتماعی على دول وافراد اخرین خارج اطار اختیاراتهم الخاصة .
فضلاً عن (المادة / 29) التی أشارت أیضاً إلى أنه مقابل تمتع الإنسان بالحقوق فإن هناک واجبات تقع علیه إزاء الجماعة وأن یتقید الفرد عند ممارسته لحقوقه وحریاته بالقانون وأن یلتزم بالنظام العام وأن لا یناقض أهداف الأمم المتحدة ومبادئها وذلک بالقول وفقاً للفقرة / 1 (على کل فرد واجبات إزاء الجماعة ، التی فیها وحدها یمکن ان تنمو شخصیته النمو الحر الکامل ) ووفقاً للفقرة /2 (لا یخضع أی فرد فی ممارسة حقوقه وحریاته إلاّ للقیود التی یقررها القانون ...) ووفقا للفقرة /3 (لا یجوز فی أی حال من الاحوال ان تمارس هذه الحقوق على نحو یناقض مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها).
أما المادة الأخیرة من الإعلان العالمی لحقوق الإنسان وهی (المادة /30) فتشیر إلى أنه لا یجوز لأیة دولة أو جماعة أو فرد تأویل وتحویر أی نص فی هذا الإعلان بشکل یهدد حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة وذلک بالقول (لیس فی هذا الإعلان أی نص یجوز تأویله على نحو یفید انطواءه على تخویل أیة دولة أو جماعة أو أی فرد ، أی حق فی القیام بأی نشاط أو بأی فعل یهدف إلى هدم أی من الحقوق والحریات المنصوص علیها فیه).
3. تنظیم حقوق الإنسان فی الاتفاقیتین الدولیتین لعام 1966 :
لقد تّم اعتماد الاتفاقیتین الدولیتین للحقوق المدنیة والسیاسیة ، والحقوق الإقتصادیة والإجتماعیة والثقافیة من قبل الجمعیة العامة فی عام 1966 ، ودخلتا حّیز التنفیذ عام 1976، وقد أُعتمدت مجموعة أسس ، أُستند إلیها فی تقنین هاتین الإتفاقیتین ، منها تحریر الشعوب من الاستعمار وتحریم الاسترقاق والتمییز العنصری ، وتعزیز الحریات العامة وصیانتها من إضطهاد الحکومات ، وتقریر حمایة خاصة لبعض الفئات کالطفل والمرأة والعجزة.
إن الاتفاقیتین الدولیتین ، أکدتا فی دیباجتهما على ضرورة الاعتراف بما لجمیع أعضاء الأسرة البشریة من حقوق متساویة والتی جاء بها میثاق الأُمم المتحدة ، وأساسها الحریة والعدالة والسلام فی العالم ، وإنه یجب أن یتمتع الإنسان بحقوقه المدنیة والسیاسیة وبحقوقه الإقتصادیة والإجتماعیة والثقافیة .
وسیتم تناول بعض هذه الحقوق وفقاً لثلاث فقرات وهی :
الفقرة الأولى : الحقوق المدنیة ، وأهمها :
1. حق الحیاة : ویمکن القول إن أول حق یُمکن إقراره للإنسان هو حقه فی الحیاة فما أن یولد الإنسان یتقرّر له هذا الحق، ولقد جاءت (المادة / 6 الفقرة /1) من الإتفاقیة الدولیة للحقوق المدنیة والسیاسیة لتوکد إن (لکل إنسان الحق الطبیعی فی الحیاة ویحمی القانون هذا الحق ، ولا یجوز حرمان أی فرد من حیاته بشکل تعسفی).
2. حق الإنسان فی الحمایة الجسدیة والتحرّر من التعذیب : ویعنی هذا الحق ، حریة الإنسان فی جسده وأن یمنع کل إعتداء علیه سواءً باستعمال القوة أو العنف ضده أم بشکل موانع وإلتزامات تفرضها السلطة العامة من شأنها أن تهدر هذا الحق. وقد تناولت (المادة / 7) من الاتفاقیة (آنفة الذکر) هذا الحق بالقول: (لا یجوز إخضاع أی فرد للتعذیب أو لعقوبة أو معاملة قاسیة أو غیر إنسانیة أو مهینة..).
3. حق الإنسان فی المساواة أمام القضاء : ویقضی هذا الحق بأن جمیع الأفراد متساوون أمام القضاء من حیث رفع الدعوى والنظر فیها ، وفی أن تکون محاکمة عادلة ونزیهة وعلنیة وسلامة إجراءات التقاضی . وتؤکد (المادة / 14 فق / 1) بأن: (جمیع الأشخاص متساوون أمام القضاء ، ولکل فرد الحق عند النظر فی أیّة تهمة جنائیة ضده أو فی حقوقه أو التزاماته فی إحدى القضایا القانونیة..).
4. حق الإنسان فی الفکر والضمیر : أی حق الإنسان فی اعتناق أی فکر أو مذهب والتعبیر عنه بحریة مع ملاحظة ما قد یتعارض فیه من وجود التشریعات الدینیة (کالشریعة الإسلامیة) وخاصة فیما یتعلق بحریة الإنسان فی تغییر دینه وهو أمر مرفوض للمسلم ، ولکن مسموح لغیره بالاستناد للنصوص الشرعیة مثل قوله تعالى: (لَکُمْ دِینُکُمْ وَلِیَ دِینِ). وقد جاءت ( المادة / 18 فق /1 ) بالقول : ( لکلّ فرد الحق فی حریّة الفکر والضمیر والدیانة ..).
الفقرة الثانیة : الحقوق السیاسیة ، وأهمها :
1. حق تقریر المصیر : وهو یتعلّق بحق الشعوب فی الاستقلال والتحرّر من الاستعمار وفی أن تقرّر بنفسها مصیرها فی کیان سیاسی وإقتصادی وإجتماعی وثقافی مستقل دون تدخّل لأیة جهة أو فئة أو دولة خارجیة . وقد جاءت (المادة / 1) من إتفاقیة الحقوق المدنیة والسیاسیة فی فقرتها الأولى لتؤکد إن (لکافة الشعوب الحق فی تقریر المصیر، ولها استناداً لهذا الحق أن تقرّر بحریّة کیانها السیاسی وأن تواصل بحریّة نموها الإقتصادی والإجتماعی والثقافی). مع التأکید هنا أیضاً على إن هذا الحق (تقریر المصیر) لا یعنی تقریره للأقلیات والإثنیات والطوائف ، وکما تُحاول أن تشیعه بعض الدول الکبرى کوسیلة لتفتیت الدول المستقلة أصلاً، وإنما هو حق للشعوب الخاضعة تحت الاحتلال والاستعمار.
2. حق المشارکة فی الحیاة العامة والترشیح والانتخاب : وهو یشمل حق الإنسان فی تسییر الحیاة العامة فی المجتمع بنفسه أو بواسطة ممثلیه وان یحصل على الخدمات العامة وان یقوم بعملیة انتخاب من یمثله فی الحیاة السیاسیة ، أو أن یرشح نفسه للمشارکة فیها نیابةً عن الآخرین على أساس المساواة وتمثیل المصلحة العامة ، وقد جاءت (المادة / 25 فق / أ) لتقول: (أن یشارک فی سیر الحیاة العامة أما مباشرةً أو عن طریق مُمثلّین مُختارین بحریّة)، وفی الفقرة / ب (أن ینتخب وأن یُنتخب فی انتخابات دوریة أصیلة وعامة وعلى أساس من المساواة على أن تتم الانتخابات بطریق الاقتراع السری وان تضمن التعبیر الحر عن إرادة الناخبین). وفی الفقرة / ت (أن یکون له الحق فی الحصول على الخدمة العامة فی بلاده على أسس عامة من المساواة).
الفقرة الثالثة: الحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة ، وأهمها :
1. حق العمل : وهو یشمل إمکانیة الإنسان فی کسب رزقه من خلال عمل یختاره أو یقبله بحریة وان تقوم الدولة بتأمین هذا الحق وبتوفیر شروط عمل مرضیة ، وقد جاءت (المادة / 6 فق / 1) بالقول: (تعترف الدول الأطراف فی هذه الاتفاقیة فی الحق فی العمل..)، والفقرة / 2: (یجب أن تُشکل التدابیر التی تتخذها کل من الدول الأطراف فی هذه الاتفاقیة لتأمین الممارسة الکاملة لهذا الحق..).
2. حقوق الأسرة : إذْ تعّد الأُسرة الخلیة الاجتماعیة الأساسیة فی المجتمع وتوفیر الحمایة اللازمة لها وأن یکون (الزواج) قاعدته التی تقوم على رضا الطرفین . وقد جاءت (المادة/ 2 فق / 2) لتؤکد أن الأسرة ( تُشکّل الوحدة الاجتماعیة الطبیعیة والأساسیة فی المجتمع).
3. حق التعلم : وقد تناولت هذه الاتفاقیة حق التعلّم فی مادتین هما: (13 , 14) إذ أکدّتا على ضرورة إقرار الدول بحق التربیة والتعلیم للجمیع دون تمییز وأن تکفل الدولة إلزامیة ومجانیة التعلیم ولا سیما الابتدائی ، وجاء فی (المادة / 13 فق / 1) بأن الدول الأطراف فی الاتفاقیة تقر: (بحق کل فرد فی التربیة والتعلّم وهی متفقة على وجوب توجیه التربیة والتعلیم إلى الإنماء الکامل للشخصیة الإنسانیة..). فضلاً عن (المادة / 14) التی أکّدت على أن (تتعهد کل دولة طرف فی هذه الاتفاقیة على کفالة إلزامیة ومجّانیة التعلیم الابتدائی..).
4. الحقوق الثقافیة للإنسان: وقد تناولت (المادة / 15) هذه الحقوق فی الفقرة الأولى (آ. أن یُشارک فی الحیاة الثقافیة . ب. أن یتّمتع بفوائد التقدم العلمی وبتطبیقاته..) وفی الفقرة الثانیة بضرورة توفیر الدولة التدابیر اللازمة لضمان الممارسة الکاملة لهذا الحق.
4. التطورات الدولیة المعاصرة فی مجال حقوق الإنسان :
بعد انتهاء الحرب الباردة تصاعد الاهتمام العالمی بحقوق الإنسان بوصفه سمة بارزة للنظام العالمی الجدید الذی یجری تشکیله الآن . وقد اتخذ هذا الاهتمام صُعداً مختلفة ، أهمها:
أ. ما یتعلق بالأمم المتحدة ، فإن دورها فی تعزیز حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة ینبثق من قناعة المجتمع الدولی بما تمثله البشریة من کرامة متأصلة وحقوق ثابتة ومن کونها تمثل أسس الحریة والعدل والسلام فی العالم، ولقد کان التغیّر الکبیر فی معالجة المجتمع الدولی للقضایا الإنسانیة ، فی التسعینات هو مشارکة الأمم المتحدة فی هذا العمل على نطاق واسع.
ب. فی عام 1993 ، عیّن الأمین العام للأمم المتحدة ، أمیناً عاماً مساعداً یترأس مرکز حقوق الإنسان ویکون مسؤولاً عن وضع السیاسات الخاصة بتعزیز حقوق الإنسان ویعدّ مرکزاً لتنسیق علاقات الأمم المتحدة مع المنظمات الإقلیمیة المعنیة بحقوق الإنسان.
جـ. عقد مؤتمرات دولیة شاملة خاصة بحقوق الإنسان ، أهمها : مؤتمر فیینا لعام 1993، الذی شکلّ نقطة تحوّل فی الأنشطة التی تضطلع بها الأمم المتحدة من أجل تعزیز حقوق الإنسان وحمایتها وصنع السلام وحفظه والدبلوماسیة الوقائیة والتنمیة الاجتماعیة والاقتصادیة، وقد أضاف المؤتمر تأکیداً جدیداً على الشرعة الدولیة لحقوق الإنسان وواجب إحترامها من الدول جمیعاً.
د. فی عام 1993 ، وبناءً على توصیات (مؤتمر فیینا) أنشأت الجمعیة العامة ، منصب مفوّض الأمم المتحدة السامی لحقوق الإنسان ، بهدف التطبیق العملی لمعاییر حقوق الإنسان وتقدیم الدعم للهیئات الرقابیة لإتفاقیات الأمم المتحدة والآلیات الخاصة التی أسستها لجنة حقوق الإنسان.
هـ. بدأ البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة (UNDP) بصیاغة تقاریر سنویة حول التنمیة البشریة فی العالم وآخرها تقریر عام 2006.
و. قامت الأمم المتحدة بإدخال الأنشطة المتعلقّة بحقوق الإنسان فی مهّمات حفظ السلام الدولیة ، وقد انتقلت بعض هذه العملیات من نطاق الفصل السادس من میثاق الأمم المتحدة لتدخل فی نطاق الفصل السابع منه الذی یجیز استخدام القوة وتدابیر القمع.
ز. انتقال دور مجلس الأمن الدولی من تعزیز الحمایة الدولیة لحقوق الإنسان إلى تفعیل هذه الحمایة ، إذ لم یکتفِ باتخاذ تدابیر القمع والمنع طبقاً للفصل السابع ، وإنمّا امتد نحو تحریک المسؤولیة الجنائیة داخل المحکمة الجنائیة الدولیة ، إنطلاقاً من أن (الانتهاکات الخطیرة لحقوق الإنسان تشکّل معظمها جرائم دولیة وردت فی مدوّنة الجرائم الدولیة المخلة بسلم وأمن الإنسانیة وإن إجراءات مجلس الأمن جول الجرائم الدولیة تتوازى مع الحمایة الدولیة لحمایة حقوق الإنسان).
ح. أنشأت الأمم المتحدة مجلس حقوق الإنسان لیحل محل لجنة حقوق الإنسان وذلک عند عقد الجمعیة العامة لدورتها الستون ، إذْ قررت أن تناط بـ (المجلس) مسؤولیة تعزیز الإحترام العالمی لحمایة جمیع حقوق الإنسان والحریات الأساسیة ومعالجة إنتهاکاتها، وأن یقوم بالتثقیف والتعلیم فی مجال حقوق الإنسان ، فضلاً عن تقدیم الخدمات الاستشاریة ، وأن یقدّم توصیاته إلى الجمعیة العامة بهدف مواصلة تطویر القانون الدولی لحقوق الإنسان ، وجرى انتخاب أعضائه فی 9 أیار 2006 البالغ عددهم (47) عضواً ، وأن یکون مقره فی جنیف.
5. کیفیة إعمال حقوق الإنسان دولیاً :
إن تقنیة حقوق الإنسان فی المواثیق الدولیة لا یکفی وحده لضمان کفالتها وإحترامها دون التوسع الفعلی بها وحمایتها من خلال إجراءات وضمانات معینة ، تأخذ طابعاً وطنیاً یتمثل بالضمانات الدستوریة ومنها ، النص على حقوق الإنسان فی الدساتیر وتوفیر حمایتها بالیات مناسبة وفقاً لذلک .. إلى جانب مبدأ سیادة القانون الذی یقضی بخضوع الجمیع حکاماً ومحکومین للقانون الذی یضمن أیضاً کفالة احترام حقوق الإنسان ، فضلاً عن مبدأ الفصل بین السلطات ، والرقابة القضائیة مع دستوریة القوانین وعلى أعمال الإدارة ، . وحق الإنسان فی اللجوء إلى المحاکم الوطنیة لإنصافه من أعمال فیها اعتداء على الحقوق الأساسیة التی یمنحها له القانون .
وفیما یتعلق بإعمال حقوق الإنسان دولیاً ،فقد أشارت المواثیق الدولیة إلى مجموعة من الضمانات المتعلقة بکفالة احترام حقوق الإنسان وحریاته ، أهمها :
أ. اندماج الاتفاقیات الدولیة لحقوق الإنسان فی النظم القانونیة الداخلیة للدولة وعدم مخالفة النظام القضائی الداخلی المعمول به فی أی دولة لإحکام هذه الاتفاقیات ، وقد أشارت ( المادة / 2 فق / 1 ) من الاتفاقیات الدولی للحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة بضرورة أن تتعهد کل دولة طرف فیها بان تتخذ بمفردها وعن طریق المساعدات والتعاون الدولیین وبأقصى ما تسمح به مواردها وما یلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلی بالحقوق المعترف بها فی الاتفاقیة . . فضلاً عما إشارته إلیه ( المادة / 2 فق / 2 ) من الاتفاقیة الدولیة للحقوق المدنیة والسیاسیة .. بان تتعهد کل دولة طرف فی الاتفاقیة عند غیاب النص فی إجراءاتها التشریعیة القائمة او غیرها من الإجراءات باتخاذ الخطوات اللازمة طبقاً لإجراءاتها الدستوریة ولنصوص هذه الاتفاقیة ، من اجل وضع الإجراءات التشریعیة او غیرها اللازمة لتحقیق الحقوق المقررة فی الاتفاقیة . .
ب. تقدیم تقاریر دولیة إلى الأمین العام للأُمم المتحدة عن سیر وکیفیة احترام حقوق الإنسان فی الدول المنظمة للاتفاقیات الدولیة والتی تتیح إمکانیة الرقابة الدولیة على تطبیق أحکام هذه الاتفاقیة . وعلى سبیل المثال ، فقد أشارت ( المادة / 16 فق / 1 ) من الاتفاقیة الدولیة للحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة إلى أن تتعهد الدول الأطراف فی الاتفاقیة بان تقدم تقاریر دوریة عن التدابیر التی تتخذها لضمان احترام الحقوق المعترف بها فی هذه الاتفاقیة .
ج. نظام الشکاوى : إذ تتیح الاتفاقیات الدولیة الخاصة لحقوق الإنسان لکل من الأفراد والدول الأطراف فیها حق تقدیم الشکوى ضد أی دولة تنتهک البنود المنصوص علیها فی هذه الاتفاقیات ، فقد أشار البروتوکول الاختیاری الملحق بالاتفاقیة الدولیة الخاصة بالحقوق المدنیة والسیاسیة وفی المواد ( 1- 5 ) إلى حق الأفراد تقدیم شکوى ضد دولته المنضمة لهذه الاتفاقیة عن أی انتهاک للحق المعترف به . فضلاً عن الشکوى المقدمة من دولة ضد دولة أخرى بان تبلغ اللجنة المنضمة والمشکلة بموجب الاتفاقیة الدولیة للحقوق المدنیة والسیاسیة عن عدم التزامها بنصوص الاتفاقیة ، وهو ما أشارت إلیه ( المادة / 41 ) من الاتفاقیة أنفة الذکر .
د. عرض النزاع على محکمة العدل الدولیة ، إذْ تتضمن بعض الاتفاقیات الدولیة نصوصاً تقضی بإمکانیة إحالة أی نزاع ینشأ بین أطرافها حول تفسیر الاتفاقیة إلى محکمة العدل الدولیة ، وقد أشارت ( المادة / 9 ) من اتفاقیة منع الإبادة الجماعیة والمعاقبة علیها لعام 1948 إلى ان ( تعرض على محکمة العدل الدولیة ، بناءً على طلب أی من الأطراف المتنازعة ، النزاعات التی تنشأ بین الأطراف المتعاقدة بشأن تفسیر او تطبیق او تنفیذ هذه الاتفاقیة ، بما فی ذلک النزاعات المتصلة بمسؤولیة دولة ما عن إبادة جماعیة ... ) . وهذا یعنی إمکانیة أن یکون لمحکمة العدل الدولیة اختصاصاً جنائیاً دولیاً لتقریر المسؤولیة الدولیة عن انتهاکات حقوق الإنسان ، وهو ما قامت به بالفعل عند النظر الى الشکوى المقدمة من قبل ( کرواتیا ) ضد ( صربیا ) واتهامها لها بارتکاب جرائم إبادة جماعیة ضد ( الکروات ) فی أحداث یوغسلافیا السابقة ، إذْ قررت المحکمة تبرئة المسؤولین السیاسیین فی صربیا من تهمة ارتکاب إبادة جماعیة وتقریر المسؤولیة على بعض المسؤولین فی المؤسسة العسکریة فیها .
6. صعوبات أعمال حقوق الإنسان دولیاً :
بالرغم مما تحققه الاتفاقیات الدولیة الخاصة بحقوق الإنسان من بلورة نظام قانونی یحکم المجتمع الدولی ویؤسس لشرعیة دولیة متکاملة تتضمن کیفیة أعمال حقوق الإنسان دولیاً ، إلاَّ إن هناک عدة صعوبات تعترض هذه العملیة ، منها :
أ. افتقار الاتفاقیات الدولیة لعنصر العموم ، على الرغم من کونها تشکل قاعدة عرفیة من قواعد القانون الدولی ، إلاَّ إنها لا تتصف بالعمومیة فإجراءاتها قاصرة على الدول الأعضاء ، فضلاً عن تحفظ هذه الدول على بعض ما تتضمنه هذه الاتفاقیات من أحکام .
ب. شکلیة التقاریر التی تقدمها الدول الأعضاء طواعیة عن حالة حقوق الإنسان فیها ، إذ لا یعقل أن تنسب دولة إلى نفسها تقصیراً فی تشریعاتها او فی تنفیذ التزاماتها الخاصة باحترام حقوق الإنسان .
ج. عدم وجود أجهزة قضائیة متخصصة للنظر فی انتهاکات الدول لحقوق الإنسان على الرغم من إنشاء مجلس حقوق الإنسان الدولی فی عام 2006 ، واختصاصه بتعزیز الاحترام العالمی لحمایة حقوق الإنسان ومعالجة انتهاکاتها ، إلاَّ أن هذه المعالجة لا تتعدى صیغة تقدیم التوصیات إلى الجمعیات العامة للأمم المتحدة .
د. إن الاتفاقیات الدولیة الخاصة بحقوق الإنسان لا تتضمن جزاءات وعقوبات محددة على انتهاک هذه الحقوق ، فهی لا تتعدى حدود ضغط الرأی العام الدولی وتندید اللجان الخاصة بحقوق الإنسان ونشرها لتقاریرها وما تقوم به المنظمات الدولیة غیر الحکومیة مثل منظمة العفو الدولیة من إصدارها لتقاریرها التی تفتقر لصیغة الجزاءات القانونیة وإیقاعها على منتهکی حقوق الإنسان فی کثیر من الدول.
هـ. ازدواجیة التعامل من قبل الدول الکبرى فی استخدام وسائل الأمم المتحدة فی معالجة حقوق الإنسان على وفق المقتضیات والمصالح السیاسیة .
الخاتمة :
من خلال معالجة موضوع (التنظیم الدولی لحقوق الإنسان) ، تمّ التوصل إلى بعض الاستنتاجات ، أهمها :
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English)
References
* The Holy Quran .
Firstly. International conventions, declarations and conventions:
1. Charter of the United Nations.
2. Universal Declaration of Human Rights.
3. International Covenant on Civil and Political Rights.
4. International Convention on Economic, Social and Cultural Rights.
5. Optional Protocol to the International Covenant on Civil and Political Rights.
6. International Convention for the Prevention and Punishment of Genocide.
Second. Books in Arabic:
1. Dr. Shafi'i Muhammad Bashir, Human Rights Law, from the book: (Human Rights), Volume II, Prepared by: Dr. Mahmoud Sherif Bassiouni et al., Dar al-Ilm for millions, second edition, 1998.
2. Dr. Amin Al-Adayleh, Al-Wakiz in Human Rights and Freedoms, Dar Rand Publishing and Distribution, I, 2001.
3. Dr. Boutros Boutros-Ghali, report on the work of the Organization from the 47th to 48th sessions of the General Assembly, Office of Information Affairs, United Nations, New York, 1993.
4. Dr. Hassan M. Shafiq al-Ani, The Theory of Public Liberties (Analysis and Documents), Faculty of Political Science, University of Baghdad, 2004.
5. Dr. Hamad Obaid Al-Kubaisi et al., Introduction to the Study of Islamic Law, Ministry of Higher Education and Scientific Research, First Edition, 1980.
6. Dr. Riyadh Aziz Hadi, Human Rights (Development - Contents - Protection), Faculty of Political Science, University of Baghdad, 2005.
7. Dr. Said Abdul Karim Mubarak, Origins of Law, University of Baghdad, First Edition, 1982.
8. Dr. Sobhi Al-Mahmasani, Human Rights, Dar al-Ilm for millions, first edition, Lebanon, 1979.
9. Dr. Dhari Khalil Mahmoud, Bassil Youssef, International Criminal Court - The Dominance of Law or the Law of Hegemony, House of Wisdom, Baghdad, First Edition, 2003.
10. Abbas Abboudi, Hamorabi Law, Ministry of Higher Education and Scientific Research, University of Mosul, 1990.
11.Abdulhadi Abbas, Human Rights, Part I, Damascus, 1995.
12. Dr. Abdulwahid Mohammed Al-Far, Profiles on Human Rights in Islam, from the book: (Human Rights), Volume III, Prepared by: Dr. Mahmoud Sherif Bassiouni et al., Dar al-Ilm for millions, first edition, 1989.
13. Dr. Ezzat Saad El Sayed Barai, Human Rights Protection under Regional International Organization, Cairo, 1985.
14. Ghazi Hassan Sabarini, Al-Waqiz in Human Rights and Basic Freedoms, Second Edition, Amman, 1997.
15. Dr. Faisal Shatanaoui, Human Rights and International Humanitarian Law, Second Edition, Amman, 2001.
16. Dr. Muhammad al-Zuhaili, Makassed al-Shariah - The Foundation for Human Rights, from the book: Ahmad al-Risouni et al., The Nation's Book, No. 87, Ministry of Awqaf and Islamic Affairs, First Edition, Qatar, 2002.
17. Mohammed Abdul Malik Al-Mutawakil, Islam and Human Rights, from the book: (Human Rights - Global, Islamic and Arab Views). Burhan Ghalioun et al., Center for Arab Unity Studies, I, 2005.
18. Dr. Mohamed Fathy Osman, Human Rights between Islamic Law and Western Legal Thought, Dar Al Shorouk, First Edition, 1982.
19. Dr. Mohamed Mesbah Essa, Human Rights in the Contemporary World, Libya, 2001.
20. Dr. Mustafa Ibrahim Al-Zalmi, Human Rights in Islam, from the book "Human Rights in Islamic Law and International Law", by Dr. Mustafa Ibrahim Al-Zalmi et al., Free-Series Series / 23, House of Wisdom, 1998.
21. Dr. Hani Al-Taaimat, Human Rights and Basic Freedoms, Dar Al-Shorouk, First Printing, Amman, 2001.
Third. Seminars, Letters, Research and Periodicals:
1. Dr. Amal Yazigi, Human Rights in International Law, Proceedings of the First Scientific Conference on Human Rights, Faculty of Law, Al-Zaytoonah University, Amman, 1999.
2. Ian Brownlee, Human Rights in the Contemporary World, Studies in History, Politics, Law and Economics, Lectures of the Second Diplomatic Symposium, Supervised by: Dr. Ibrahim Al-Ghayeb, Ministry of Foreign Affairs, Department of Political Affairs, 1980, United Arab Emirates.
3. Bassil Yousef, Statehood in the Light of International Protection of Human Rights, Strategic Studies, No. 49, Zayed Center for Strategic Studies and Research, UAE, 2001.
4. Dr. Boutros Boutros-Ghali, Minorities and Human Rights in International Jurisprudence, International Politics, No. 39, 1970, Al-Ahram Foundation, Cairo.
5. Dr. Khalil Ismail Al-Hadithi, Human Rights and Fundamental Freedoms, Research of the Second Law Faculty Conference entitled "Human Rights in Islamic Law and Law", Zarqa Private University, Amman, 2001.
6. Mohammed Salim Tarawneh, Human Rights and Guarantees, Unpublished Master Thesis, Faculty of Law, University of Jordan, 1990.
Fourthly. Sources from the World Wide Web (Internet):
1. United Nations website: www.un.org
2. OHCHR Websit: www.ohchr.org
Fifthly. Foreign sources:
1. Adam Robert, The Role of Humanitarian Issues in International Politics in the 1990s, International Review of the Red Cross, No. 833, Mars, 1999.
2. Andreas M. Rauch, Reunited Germany's Foreign Policy on Human Rights, (Aussen Politik) Germany Foreign Affair Review, English Edition, Vol. 49, 3 rd Quarter, 1998.
3. Anne Ryniker: Responsibilities du droit International Humanitaire par les Forces des Nations Unies, International Review of the Red Cross, December 1999, vol. 81, No. 836.
4. United Nations, Basic Facts about the United Nations, Human Rights, New York, 1998.