الملخص
الحمد لله الذی جعل من وحدة الخضوع للشریعة الإسلامیة بمصادرها وما تتضمنه من أحکام ، ما یمکن أن یعد العامل الأساس والفاعل لتحقیق وحدة هذه الأمة فی کل مجال یسعى فیه أصحابه لتحقیقها من خلاله ومن ضمنه بل من أهمه هو ما یتعلق بإحدى أهم کیانات هذه الأمة وأساسها إلا وهی الأسرة المسلمة وما ینظم حیاتها من أحکام تتضمنها هذه الشریعة بصورتها المقننة متمثلة بقوانین الأحوال الشخصیة التی یقوم أساسها على فقه هذه الشریعة بمذاهبه المختلفة وما اخترنا أن یکون مضمونه وهدفه عنوانا لبحثنا الذی نسعى أن یکون هدفه سبیلا لتحقیق وحدة المسلمین ولو من هذه الناحیة المهمة المتعلقة بالأسرة المسلمة وأملنا کبیر أن شاء الله فیما نستند إلیه من عامل إلا وهو وحدة الخضوع للشریعة الإسلامیة بین الدول الإسلامیة فی نطاق قوانین الأحوال الشخصیة وإیمانا منا بما یمکن أن تلعبه مسالة توحید قوانین الأحوال الشخصیة من دور بارز فی تحقیق الوحدة الإسلامیة لا على نطاق المنطقة العربیة بل الإسلامیة وان اخترنا أن نعطی من اغلب تشریعات هذه المنطقة النموذج على ذلک بوصفها جزء من هذه الأمة لنصل منه إلى الوحدة الأکبر إلا وهی وحدة الأمة الإسلامیة من هذه الناحیة خاصة انها وبما تعتمده من مصادر لقوانینها المتعلقة بالأحوال الشخصیة لایمکن أن تخرج فی الغالب عن اعتماد مصادر هذه الشریعة فکان هذا من ناحیة مع توافر البوادر المساعدة على تحقیق هذه الوحدة والمتمثلة بالاتجاه نحو عدم التقید بمذهب معین إنما الاقتباس من بقیة المذاهب الأخرى لخدمة مصالح الأسرة المسلمة وبما یراعی قدر الإمکان تقالید هذه الأمة ووحدة أهلها فی الخضوع للشریعة الإسلامیة وهو ما استخلصناه من الاطلاع على نصوص هذه التشریعات فضلا عن المشاریع الوحدویة التی طرحت فی المنطقة العربیة فی هذا المجال من الناحیة الأخرى العامل الأساس لاختیار البحث فی هذا الموضوع وتحت عنوان (دور توحید قوانین الأحوال الشخصیة فی تحقیق الوحدة الإسلامیة
الموضوعات
أصل المقالة
دور توحید قوانین الأحوال الشخصیة فی تحقیق الوحدة الإسلامیة(*)
The role of unifying personal status laws in achieving Islamic unity
نادیا خیر الدین عزیز نغم اسحق زیا کلیة القانون/ جامعة الموصل کلیة القانون/ جامعة دهوک Nadia Khair El Din Aziz Nagham Ishaq Zia College of law / University of Mosul College of law / University of Duhok Correspondence: Nadia Khair El Din Aziz E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 5/3/2007 *** قبل للنشر فی 25/6/2007.
(*) Received on 5/3/2007 *** accepted for publishing on 25/6/2007.
Doi: 10.33899/alaw.2007.160488
© Authors, 2007, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
مقدمة :
الحمد لله الذی أمر عباده بالوحدة فقال فی محکم آیاته ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعًا وَلَا تَفَرَّقُوا))[آل عمران الآیة 103] ، ووصف هذه الأمة بالأمة الواحدة وأمرها بعبادته: ((إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّکُمْ فَاعْبُدُونِ)) [الأنبیاء الآیة 92]، ونهاهم عن التفرقة: ((وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِیحُکُمْ))[ الأنفال الآیة 46] ، والصلاة والسلام على من مثل لنا هذه الوحدة بالجسد الواحد تأکیدا لقوله تعالى : ((الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَیْنَ أَخَوَیْکُمْ))[الحجرات الآیة 10]، الذین ((وَأَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِی الْأَرْضِ جَمِیعًا مَا أَلَّفْتَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَکِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَیْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ)) [الحجرات الآیة 63].
ثم الحمد لله الذی جعل من وحدة الخضوع للشریعة الإسلامیة بمصادرها وما تتضمنه من أحکام ، ما یمکن أن یعد العامل الأساس والفاعل لتحقیق وحدة هذه الأمة فی کل مجال یسعى فیه أصحابه لتحقیقها من خلاله ومن ضمنه بل من أهمه هو ما یتعلق بإحدى أهم کیانات هذه الأمة وأساسها إلا وهی الأسرة المسلمة وما ینظم حیاتها من أحکام تتضمنها هذه الشریعة بصورتها المقننة متمثلة بقوانین الأحوال الشخصیة التی یقوم أساسها على فقه هذه الشریعة بمذاهبه المختلفة وما اخترنا أن یکون مضمونه وهدفه عنوانا لبحثنا الذی نسعى أن یکون هدفه سبیلا لتحقیق وحدة المسلمین ولو من هذه الناحیة المهمة المتعلقة بالأسرة المسلمة وأملنا کبیر أن شاء الله فیما نستند إلیه من عامل إلا وهو وحدة الخضوع للشریعة الإسلامیة بین الدول الإسلامیة فی نطاق قوانین الأحوال الشخصیة وإیمانا منا بما یمکن أن تلعبه مسالة توحید قوانین الأحوال الشخصیة من دور بارز فی تحقیق الوحدة الإسلامیة لا على نطاق المنطقة العربیة بل الإسلامیة وان اخترنا أن نعطی من اغلب تشریعات هذه المنطقة النموذج على ذلک بوصفها جزء من هذه الأمة لنصل منه إلى الوحدة الأکبر إلا وهی وحدة الأمة الإسلامیة من هذه الناحیة خاصة انها وبما تعتمده من مصادر لقوانینها المتعلقة بالأحوال الشخصیة لایمکن أن تخرج فی الغالب عن اعتماد مصادر هذه الشریعة فکان هذا من ناحیة مع توافر البوادر المساعدة على تحقیق هذه الوحدة والمتمثلة بالاتجاه نحو عدم التقید بمذهب معین إنما الاقتباس من بقیة المذاهب الأخرى لخدمة مصالح الأسرة المسلمة وبما یراعی قدر الإمکان تقالید هذه الأمة ووحدة أهلها فی الخضوع للشریعة الإسلامیة وهو ما استخلصناه من الاطلاع على نصوص هذه التشریعات فضلا عن المشاریع الوحدویة التی طرحت فی المنطقة العربیة فی هذا المجال من الناحیة الأخرى العامل الأساس لاختیار البحث فی هذا الموضوع وتحت عنوان (دور توحید قوانین الأحوال الشخصیة فی تحقیق الوحدة الإسلامیة) فضلا عن اتفاق هذه التشریعات فی اغلب ما تضمنته قوانین الأحوال الشخصیة من أحکام من ناحیة مع عدم معالجتها للعدید من الأحکام (کالمیراث فی اغلب أحکامه فی القانون العراقی والأردنی) من الناحیة الأخرى کل ذلک کان سببا لاختیار هذا الموضوع کسبیل للدعوى إلى إیجاد قاعدة فقهیة قانونیة مشترکة متمثلة بالخضوع لقانون واحد تعتمده غالبیة أن لم نقل کل الدول الإسلامیة عربیة وغیر عربیة ، وبما یحقق الوحدة ویلغی قدر الإمکان واقع الاختلاف الطائفی القائم على التعصب لمذهب معین وعبادة ما ورد فی هذا المذهب من أحکام دون إعمال لغیره من المذاهب والتقوقع فی ظل أحکامه ودون الخروج إلى دائرة الانتقاء من هذا المذهب أو ذاک وما لذلک من دور فی إیجاد نوع من الفرقة الاجتماعیة بین أفراد الأمة الإسلامیة وأفراد البلد الواحد متعددی الطوائف لتکون الشریعة عامل التوحید مع بقیة العوامل التی نعمت بها الأمة الإسلامیة کوحدة اللغة (لغة القران) ووحدة التاریخ الإسلامی ووحدة العقیدة الإسلامیة فکلها عوامل تحقق الوحدة وتبعث الأمل فی کل دعوة إلیها خاصة وأن هذه الأمة قد عرفتها فی العدید من فترات تاریخها وخاصة فی العهد الأول من قیامها وهو ما سنوضحه کدلیل على ما مرت به وحدة التشریع وتطور تقنین مسائل الأحوال الشخصیة من مراحل فی المبحث الأول بعد التعرض لمفهوم الوحدة الإسلامیة فی تمهید لذلک لننتقل إلى بیان أهم ما یمثل بوادر لهذه الوحدة مما جاء فی قوانین الأحوال الشخصیة والمشاریع الوحدویة وبما یستخلص منها کدلیل على وجود ما یساعد على تحقیق هذه الوحدة والدعوى إلیها وذلک فی المبحث الثانی لننتهی فی المبحث الثالث إلى أهم الهیئات التی یمکن أن تعیننا فی سبیل تحقیق هذا الهدف وجهودها المبذولة دون أن نغفل ما اعترى ویعتری کل دعوى للوحدة من عراقیل بدأها الاستعمار ورسخها الوضع السیاسی والفرقة المذهبیة مع ما یمکن أن نقترحه من حلول فی سبیل القضاء علیها وهو ما نختم به بحثنا أن شاء الله.
تمهید: مفهوم الوحدة الإسلامیة :
مع تعدد التعریفات التی یندرج تحتها تعریف الوحدة وذلک عندما یقترن بالمجال الذی یراد له أن تتحقق فیه کالوحدة الاقتصادیة ، أو العلمیة ، أو الإسلامیة, التاریخیة ، السیاسیة إلا انه وفی الوقت ذاته وکما نراها ومع هذا التعدد والاختلاف یتفق تعریف الوحدة فی مسألتین :
المسالة الأولى : بیان المقصود من الوحدة لغویا وأساسها الشرعی کهدف :
لا تخرج کلمة الوحدة فی تعریفها لغة من الانفراد تقول : رایته وحده ویقال رجل وحید أی منفرد و(توحد) برأیه تفرد به ، وفلان واحد وحده أی لا نظیر له وفلان لا واحد له و(اوحده) الله جعله واحد زمانه ولا عن انها ضد الکثرة وما نفهم منها انه التفرد والتمیز من ناحیة والندرة والاتحاد ضد الکثرة والتشتت من الناحیة الأخرى وهو ما دعمته الشریعة من أساس أورده القران الکریم کمبدأ أخلاقی أساسی وهدف داخل الجماعة فی قوله تعالى ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعًا وَلَا تَفَرَّقُوا))[ال عمران الآیة 103] وکوصف لما یجب أن یکون علیه حال امة الإسلام فی الوحدة بین أفرادها من ناحیة والتوحید بوحدة عقیدتها بعبادة ربها الواحد وتوحیدها له من الناحیة الأخرى ((إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّکُمْ فَاعْبُدُونِ))[الأنبیاء الآیة 93] ومن ذلک نجد الترابط فی المعنى اللغوی فی التفرد والتمیز والأساس الشرعی للوحدة کهدف والتی متى تحقق –على وفق ما أراده الله سبحانه لهذه الأمة من حال – تمیزت هذه الأمة عن سائر الأمم وتحقق فیها قول ربها ((کُنْتُمْ خَیْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ))[ال عمران الآیة 110] ولا یکون ذلک إلا من خلال توطید دعائم الإخوة بین المسلمین ووحدة هذه الأمة.
المسالة الثانیة: اعتماد عناصر الوحدة أساسا لتحدید مفهومها وان للدین الإسلامی الدور الفاعل فی تحقیقها بوصفه أحد أهم عناصرها
مفهوم الوحدة الإسلامیة مفهوم واسع لا یقف عند حدود المنطقة العربیة وان کنا نؤمن بأنها نقطة الانطلاق بل قاعدة الانطلاق لتحقیق الوحدة من العرب المسلمین إلى کل المسلمین فی العالم بل یتعداها إلى کل بلد مسلم یوحد الله ویؤمن بنبیه متجاوزا القومیة للعالمیة ومنتقلا من الإطار القومی للوحدة إلى الإطار الإنسانی متضمنا مفهوم الوحدة بکل مظاهرها التی لا مثیل لها إلا فی الوحدة الإسلامیة من وحدة العقیدة کأصل وحدة المسلمین لوحدة العبادة والسلوک فی العادات لوحدة التاریخ الإسلامی الذی لا یرتبط بطین الوطن ولا بصیاغة اللون ولا بلغة الجنس وإنما هو تاریخ الإسلام ووحدة اللغة التی هی تعبیر عن معانی العقیدة فهی وسیلة لا غایة فضلاً عن وحدة الدستور والقانون التی منابعها القران والسنة مما یفترض أن یکون للمسلمین قانون واحد فی الجنائی والدولی والأحوال الشخصیة على الرغم من تباین فهم المجتهدین لنصوصه إلا أنهم اتحدوا فی فهم ما یحمله فقه هذا الدین من مبادئ عامة وهو ما نؤیده من مفهوم نراه یتفق وتحقیق الغایة دون اقتصار حدودها على المنطقة العربیة فقط کالوحدة القومیة فهی بذلک الوحدة المنطلقة من الشریعة الإسلامیة ومبادئها المتعدیة فی الخضوع لها کمصدر أساسی لقوانینها – فی إطار قوانین الأحوال الشخصیة- لحدود المنطقة العربیة إلى کل بلد إسلامی والمتضمنة لکل مظاهر الوحدة بوصفها الأساس الذی تصب فیه کل مظاهرها من ناحیة وتنطلق منها من الناحیة الأخرى غیر الآبهة للحدود السیاسیة ولا لاختلاف الأنظمة السیاسیة والمتخذة من وحدة الخضوع للفقه الإسلامی الأساس لها.
المبحث الأول
مراحل تطور الأحوال الشخصیة ومظاهر وحدة التشریع فیها
نتطرق فی هذا المبحث إلى بیان مراحل تطور الوحدة فی الخضوع للشریعة الإسلامیة فی نطاق الأحوال الشخصیة ومراحل تقنینها وذلک فی المطلبین الآتیین:
المطلب الأول
المرحلة الأولى : من قیام الإسلامیة فی عهد الرسول (r) وحتى عام 1917
نبحث فیها أهم مظاهر الوحدة التشریعیة ومدى تباینها من فترة لأخرى مع ما یؤثر فیها من عوامل تساهم فی تدعیم هذه الوحدة أو على العکس منها فی أهم ما مرت به هذه المرحلة من فترات وبما تضمنته کل فترة من مظاهر نوضحها على التوالی فی :
أولا: الفترة من قیام الدولة الإسلامیة فی عهد الرسول (r) إلى انتهاء الخلافة الراشدیة سنة 40 هـ :
ابرز ما یمیز هذه الفترة هو تحقق کل مظاهر وحدة الأمة الإسلامیة من وحدة العقیدة, والعبادة إلى وحدة التاریخ واللغة ووحدة القیادة المعتمدة على الشورى ((وَشَاوِرْهُمْ فِی الْأَمْرِ)) [ال عمران :160] ((وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَیْنَهُمْ)) [الشورى :38] بقیادة الرسول (r)، فضلا عن وحدة الدستور والقانون بمصادرهما المتمثلة بالقران والسنة مع وحدة القضاء وکما کان الرسول (r ) القاضی الأول فی الدولة الإسلامیة کذلک کانوا خلفاؤه من بعده فی القضاء وإدارة أمور المسلمین کافة وبمختلف مجالات الحیاة یستمدون الحکم فیما یعرض علیهم من مسائل من مبادئ هذا الدین وتعالیمه بمصدری شریعته فی القران والسنة لیطبقوا الحکم علیها فی مختلف القضایا تجاریة کانت أم جنائیة أم ما نحن بصدد بیانه من مسائل متعلقة بأحوال الأسرة والتی ابرز الإسلام أسس تنظیمها وحمایة أفرادها فنظم اغلب ما یتعلق بها من أحکام کالولایة والحضانة والمیراث فی هذه الفترة لتکون حجر الأساس لما سیوضع لاحقا من حلول للمجتهدین والفقهاء على وفق ما سیفرضه توسع هذه الدولة فی عهد الخلفاء الراشدین بالفتوحات من حاجات تتطلب الحل ، فظهر الاجتهاد القضائی لحل ما سکت عن بیانه القران والسنة (کما فی اجتهاد سیدنا عمر فی بعض المسائل المتعلقة بالمیراث) ، وظهر القیاس والإجماع کمصدرین فرعیین للتشریع الإسلامی وبدأت بوادر العمل على تدوین القران الکریم وهو ما تم فی عهد سیدنا عثمان بن عفان (رض) وتفسیره ، ومحاولة جمع السنة کبادرة أبداها سیدنا عمر بن الخطاب (رض) وان رجع عنها لاحقا ، فجمعت بذلک هذه الفترة بین دوری التشریع الأول والذی بدأ بنزول الوحی وانتهى بوفاة الرسول (r) والثانی الذی ابتدأ بوفاته (r) وانتهى بوفاة الإمام (علی) سنة 40هـ إذ کانت نهایة الخلافة الراشدیة وبدایة تأسیس الفقه الإسلامی ونشره .
ثانیاً: الفترة من قیام الخلافة الأمویة وحتى انحلال الدولة العباسیة وسقوطها فی أواخر القرن السادس الهجری:
کان للوضع السیاسی فی هذه الفترة الدور البارز فی التأثیر على صیاغة ملامح الفقه الإسلامی بمذاهبه المتعددة وتحدید المذهب المعتمد والقضاء به ومدى التمسک بوحدته من عدمها على وفق ما کان حاصلا من أوضاع ، فالخلاف السیاسی بین المسلمین حول قیام الدولة الأمویة، أدى بالمفسرین وأهل الحدیث إلى الاهتمام بتفسیر القران وجمع الحدیث خوفا من تأثیر الوضع السیاسی الشائع أو الأهواء المذهبیة علیهما هذا من ناحیة کما أدى هذا الخلاف المتمثل بمدى أحقیة الأمویین للخلافة من عدمه إلى الانقسام الفقهی فظهرت المذاهب الفقهیة السنیة والمذاهب الشیعیة وانقسمت لاحقا المذاهب السنیة نفسها إلى مدرستین مدرسة الحجاز التی أصبحت نواة لمدرسة أهل الحدیث ومدرسة العراق التی أصبحت نواة لمدرسة أهل الرأی من الناحیة الأخرى وذلک فی نهایة الخلافة الأمویة وبدایة الخلافة العباسیة التی کما ازدهرت فیها نواحی الحیاة المختلفة عرفت الدعوة للوحدة التشریعیة والتدوین للأحکام الفقهیة طریقها فیها على ید عبد الله بن المقفع برسالته المشهورة (الیتیمة) لأبی جعفر المنصور فی القرن الثانی الهجری والتی مثلت النواة الأولى للدعوة لوضع قانون موحد لجمیع الأمصار یؤخذ عن الکتاب والسنة وما یراه فی القیاس ، إلا انه لم ینفذ لان أولى الأمر والفقهاء کانوا یتورعون عن حمل الناس على مذهب معین خوفا من ارتکاب الخطأ فی الاجتهاد فی شریعة أساسها الأول دینی کالشریعة الإسلامیة وهو ما یعد من ابرز ملامح الوحدة فی هذه الفترة وان جاء بصورة دعوة فقط . کما امتازت هذه الفترة وتحدیدا فی بدایتها بازدهار علم الفقه وظهور التفاسیر ومجامیع الأحادیث وزیادة الأدلة العقلیة من قیاس وإجماع تلبیة لمتطلبات العصر وتطوره …الذی ما لبث الانحلال یدب فی أرکانه وخصوصا فی الدولة ذاتها وذلک فی أوائل القرن الرابع الهجری وأوسطه حتى سقوط بغداد سنة 656هـ وازداد نفوذ العناصر الأجنبیة فی الدولة وخاصة الترکیة منها وخصوصا بعد فتحهم الاستانة منتصف القرن التاسع الهجری وفتحهم لبلاد الشام ومصر لیعود الفقه فینحسر ویسد باب الاجتهاد وینتشر التقلید لتبرز فی ظل هذه الأوضاع ظاهرة تعصب الحکام لمذهب معین وإخضاع أمور الدولة وقضائها له، کتعصب الأتراک للمذهب الحنفی – ساعد فی ذلک ما امتازت به هذه الفترة من تدوین المذاهب الفقهیة بعدة کتب ، فابتعدت بذلک الأمة شیئا فشیئا عما کانت تتمتع به من سمة فی الخضوع لتشریع واحد دون إنکار لوجود بوادر لتحقیق الوحدة فیها ، ودون إنکار من ان للفقه وان تباینت مذاهبه الدور فی توحید هذه الأمة وانه القاعدة المشترکة لها .
ثالثاً: فترة سیطرة الدولة العثمانیة حتى العام 1917 :
تمیزت هذه الفترة والأحرى فترة مطلع القرن العاشر الهجری (السادس عشر المیلادی) بشهادة العالم الإسلامی لظهور السلطنات کالصفویة فی إیران والمغولیة فی الهند والعثمانیة فی آسیا ومصر وبلاد المغرب (عدا مراکش) والتی حکمت قرابة أربعة قرون خضعت فیها هذه المنطقة لنظام سیاسی واحد وشریعة واحدة وإدارة عامة وهو ما کان له الدور فی حفظ قدر من مفهوم الوحدة الإسلامیة لهذه الدولة التی ظهرت فی إطار الدولة الواحدةالتی لم یخلو العهد فیها من الکثیر من الأوضاع التی احتاجت إلى المناداة بالتغییر وما یهمنا هو ابرز سمات هذه الفترة من ناحیة الوحدة التشریعیة وبوادر هذه الوحدة والدعوة إلیها والتی منها على سبیل المثال:
ومن ذلک نرى أن أهم ما جمع بین هذه الفترات من عامل فی هذه المرحلة هو الخضوع للشریعة الإسلامیة فی حکم اغلب أن لم نقل کل المسائل والتی من ضمنها المسائل المتعلقة بالأسرة.
المطلب الثانی
المرحلة الثانیة : من عام 1917 وحتى تقنین الأحوال الشخصیة فی معظم الدول العربیة
بدأت هذه المرحلة والتی تمثل أهم مراحل تطور التشریع الإسلامی تدوینا وتقنینا فی مجال الأحوال الشخصیة من عام 1917 إذ أن أول تدوین لها تمثل بصدور قانون حقوق العائلة العثمانی وهی الفترة ذاتها التی ازداد فیها التدخل الأجنبی فی شؤون الدولة العثمانیة لینتهی بإلغاء نظام حکمها وخلافتها للدول العربیة عام 1924 بعد أن بدأت هذه الدول تنسلخ عنها نهائیا على اثر اندلاع الحرب العالمیة الأولى ومع ما امتازت به هذه الفترة من تقسیم للدول العربیة وانتداب ثم ظهور حرکات تحرر …الخ أثناء الحرب العالمیة الثانیة ….الخ من الأوضاع التی انتهت باستقلال اغلب هذه الدول نقتصر فی البیان فیها على أهم ما اتسمت به هذه المرحلة من تطور للأوضاع التشریعیة للأحوال الشخصیة ومظاهر الوحدة التشریعیة فیها والذی تمثل بـ:
أولاً: صدور قانون حقوق العائلة العثمانی عام 1917 وما یمثله صدوره من انتقال لمرحلة جدیدة من مراحل تطور الفقه الإسلامی خاصة انه لم یقف عند التقید بالمذهب الحنفی فقط بل تعداه للانتقاء من بقیة المذاهب فی معالجة مسائل الأحوال الشخصیة وبما یضمن استقرار للآسرة المسلمة کخطوة أولى نحو التحرر من التعصب والتقید بمذهب معین وبما یلائم ما تتصف به هذه الشریعة من میزة متمثلة بمواکبتها لکل زمان ومکان، وقد خضعت له اغلب الأقالیم التابعة للدولة العثمانیة ممثلا ذلک ابرز مظاهر الوحدة التشریعیة فی هذه الفترة.
ثانیاً: عدم نجاح محاولات القوى الاستعماریة فی التأثیر بقوانینها على الأحکام الشرعیة الخاصة بالأسرة إذ کانت أکثر القوانین بعدا عن ذلک لاستنادها على الشریعة الإسلامیة على الرغم من نجاح هذه القوى فی محاولات التفریق التی أعملتها فیها من الناحیة التطبیقیة من خلال إیجاد محاکم طائفیة تنظر فی المسائل الشرعیة وفق مذهب المتخاصمین فی البلد الواحد کما فی المذاهب الجعفریة والسنیة فی کل من العراق ولبنان غارسة البذرة الأولى للفرقة ولو قضائیا بین أبناء الشعب الواحد.
ثالثاً: ظهور العدید من المحاولات التشریعیة لإصدار قانون للأحوال الشخصیة فی العدید من الدول العربیة والتی تکللت بالنجاح لاحقا بصدور العدید من قوانین الأحوال الشخصیة فیها دون أن یخرج معظمها عن اعتماد قانون حقوق العائلة العثمانی مصدرا من مصادرها (کما فی القانون السوری والأردنی والإبقاء علیه کقانون نافذ کما فی لبنان) کسوریا، العراق، الأردن، تونس، لیبیا، الجزائر، مصر مع ما یلاحظ على هذه التشریعات من اتفاق بینها فی عدم التقیید بمذهب واحد وإنما الرجوع لأحکام الشریعة الإسلامیة بصورة عامة وما یعد کدلیل واضح إلى المیل نحو الوحدة وعدم التقیید بمذهب معین وإنما الاقتناء من هذا المذهب وذاک تحقیقا لصالح الأسرة المسلمة (کما سنوضحه لاحقا).
رابعاً: عرفت هذه المرحلة ابرز المحاولات التشریعیة الوحدویة فی مجال توحید قوانین الأحوال الشخصیة بصورة مشاریع وحدودیة اعتمدتها سلطات تشریعیة کما فی المشروع الموحد بین الإقلیمین المصری والسوری وبما یعطینا من دلالة واضحة على ما حوته هذه الفترة من بوادر وحدویة ومن سمة بارزة فی الاستناد للشریعة الإسلامیة کمصدر بل کأهم مصدر لهذه القوانین وهو ما یمکن استخلاصه مما تقدم من مرحلتین وبوحدة الخضوع له وبما یعد العامل الأساس لتحقیق الوحدة فی هذا المجال التی تدعم الدعوة إلیها وما ورد من بوادر نوضحها فی المبحث الثانی.
المبحث الثانی
بوادر الوحدة الإسلامیة فی قوانین الأحوال الشخصیة والمشاریع والوثائق الوحدویة
هی ما یمکن استخلاصها من استقراء لواقع القوانین العربیة المستدل من نصوصها ، ومن صراحة الأهداف التی تقوم علیها المشاریع والوثائق الوحدویة بغض النظر عن أن کان هدف التوحید فیها مقتصرا على بعض القوانین فی بعض الدول ام على صعید الدول ککل وهو ما سنؤکده فی المطلبین الآتیین:
المطلب الأول
بوادر الوحدة فی قوانین الأحوال الشخصیة
لقد وجدنا ومن استقراء العدید من قوانین الأحوال الشخصیة العدید من المسائل التی یمکن أن تدخل ضمن إطار بوادر مساعدة على تحقیق الوحدة منها:
أولاً: الاتفاق بین هذه القوانین فی عد الشریعة الإسلامیة أحد المصادر الأساسیة لها بل المصدر الأساسی الأول ، وهو ما أکدته وبشکل واضح مذکرات هذه القوانین الإیضاحیة المبینة لمصدر کل نص من نصوص القانون والتی لا تخرج عن راجح لهذا المذهب أو رأی لفقیه فی ذاک وکذا فی الأسباب الموجبة لصدور هذه القوانین ومن ذلک وعلى سبیل المثال ما جاء فی بیان الأسباب الموجبة لمشروع قانون الأحوال الشخصیة العراقی والذی جاء فیه : (کان من نتیجة عمل اللجنة إخراج مشروع هذا القانون الذی اشتمل على أهم أبواب الفقه فی الأحکام المتعلقة بالأحوال الشخصیة الجامعة لمسائل الزواج والطلاق والولادة …… وفیما یلی أهم الأحکام التی أخذت بها اللجنة من نصوص القانون المدنی ومن قوانین البلاد الإسلامیة وکان لها سند من فقه الشریعة أو کانت لا تتعارض وأحکامها) ، وکذا ما جاء فی الأسباب الموجبة لقانون الأحوال الشخصیة السوری (إن الشریعة الإسلامیة بصفتها هی المصدر الرئیسی للتشریع تبقى منبعا لا ینضب تصلح أساساً لتنظیم روابط الأسرة إذا ما اختیر منها من أقوال الفقهاء ما هو اکثر موافقة للعرف ومطابقة للمصلحة الزمنیة ، وهی أسس اعتمدها قانون الأحوال الشخصیة النافذ حالیا فی أسبابه الموجبة) وکذا أشارت المذکرة الإیضاحیة لمشروع هذا القانون إلى عد الفقه الإسلامی من ضمن مصادر هذا المشروع کالأحکام الشرعیة لقدری باشا وبقیة المذاهب الفقهیة مع الفقه الحنفی وبما لا یتنافى مع الحکم الشرعی لها. وهو ما جاء أیضاً فی مقدمة مشروع قانون الأسرة الجزائری لسنة 1981 (والذی عدل فی (2005)) والإشارة إلى ما اعتمدته اللجنة الخاصة بوضع نصوص هذا القانون من مصادر أساسیة تمثلت بـ:
1. القرآن الکریم.
2. السنة النبویة.
3. الإجماع، القیاس، الاجتهاد، الفقه على المذاهب الأربعة وعند غیر الأئمة الأربعة فی بعض المسائل، والنصوص التشریعیة لدول شقیقة هی: (سوریا، المغرب، تونس).
ثانیاً: اعتداد هذه القوانین بالشریعة الإسلامیة فیما لا نص فیه بالإحالة إلیها وان تباینت طریقة بیانها لهذه الإحالة بین اتجاهین:
الاتجاه الأول: هو الاتجاه الذی لم یمیز بین المذاهب الفقهیة عند الإحالة، فهو لا یتقید بمذهب معین، وإنما بالأکثر ملاءمة لنصوص قانونه والتی لا تخرج فی غالبیتها عن أحکام الشریعة الإسلامیة أو عن کون مصدرها هو الشریعة الإسلامیة بغض النظر عن المذهب المعتمد کمصدر لنصها، کما هو حال قانون الأحوال الشخصیة العراقی، الذی نراه اعتمد الراجح من المذهب الحنفی تارة والمالکی والجعفری والشافعی والحنبلی تارة أخرى. فهو لا یتحدد بمذهب معین وإنما یکون ملائماً لنصوص قانونه التی وکما ذکرنا جاءت فی أساسها من مختلف المذاهب الفقهیة فی أعلاه ومن ذلک وعلى سبیل المثال:
ولم یختلف قانون الأسرة الجزائری عن القانون العراقی والإحالة لأحکام الشریعة الإسلامیة عند عدم وجود النص المعالج للمسألة فی القانون إلا أنه کان أکثر عموماً فی صیاغة النص الدال على هذه العمومیة فی الإحالة وهو ما جاء فی المادة (222) من قانون الأسرة الجزائری وما بینته لنا المذکرة الإیضاحیة لمشروع هذا القانون وکذا ما وجدناه فی العدید من القرارات الصادرة عن المحکمة العلیا وما یعد الدلیل الواضح على رجوع القضاء وفیما لا نص فیه لأحکام الشریعة الإسلامیة دونما تقید منه بمذهب معین ومن ذلک ما جاء فی القرار الآتی: " من المقرر قانوناً إن القاضی یرجع لأحکام الشریعة الإسلامیة فی کل ما لم یرد فیه نص فی قانون الأسرة ومن الثابت شرعاً أن لا یرث الکافر المسلم ولا المسلم الکافر ولا یتوارث أهل الملتین شیء وبالتالی فالکفر مانع من موانع الإرث ".
وهذا هو اتجاه المشرع اللیبی أیضاً على وفق ما استخلصناه من الاطلاع على نصوصه، - على الرغم من إننا لم نجد نص محدد یشیر إلى هذه الإحالة ولا إلى التقیید بمذهب محدد - من ناحیة فضلاً عما ورد عن أحد شراحه من إشارة صریحة لذلک (وإن الدعوى لإصدار قانون موحد شامل یتضمن جمیع ما یتعلق بالزواج والطلاق من أحکام وأن لا یقتصر على المذهب المالکی فقط وإنما یأخذ من مختلف المذاهب الفقهیة لما فیه صلاح الناس والتیسییر علیهم) وقد تحققت هذه الدعوى بصدور القانون رقم (10) لسنة 1984). من الناحیة الأخرى وهو ما نستدل منه على اعتماده فی صیاغة قانونه على بقیة المذاهب الفقهیة دون الاقتصار منه على مذهب محدد. وهو اتجاه قانون الأحوال الشخصیة الیمنی أیضاً.
الاتجاه الثانی: تمثل هذا الاتجاه بالاقتصار وعند عدم وجود النص على الإحالة لمذهب محدد (الراجح من هذا المذهب) کالراجح من المذهب المالکی أو الحنفی ، وهو ما اعتمده المشرع السوری، وکلا من المشرعین الأردنی والمغربی أیضاً.
ثالثاً:انه ومع هذا التباین فی الاتجاهین بالمسالة الخاصة بانعدام النص والإحالة سواء للراجح من مذهب معین ، أو للفقه ککل وبما یتفق مع المصلحة العامة ، فان هذا لا یلغی حقیقة واضحة فی اعتماد مشرعی هذه التشریعات على الفقه المقارن فی صیاغة نصوص تشریعات الأحوال الشخصیة والتی تعد الشریعة أساسا لها کأهم ملامح الوحدة بین هذه القوانین التی ومن الاطلاع على نصوصها نجد الاتفاق الواضح بین غالبیة هذه النصوص فی کیفیة معالجتها للمسائل المتعلقة بالأسرة وکیف لا نجد هذا الاتفاق وهی اشتقته من مصدر واحد وان تعددت مذاهبه إلا وهو الشریعة الإسلامیة بمذاهب فقهها المتعددة کسبب لتطبیقه على أشخاص تتفق وتتحد ثقافتهم الدینیة والاجتماعیة فی اغلب نواحیها کسبب آخر.
وهذه نتیجة استخلصناها من اطلاعنا على بعض المذکرات الإیضاحیة لهذه القوانین وعلى السند الشرعی لنصوص هذه القوانین من ناحیة، وعلى اتفاقها فی المعالجة لأغلب المسائل من الناحیة الأخرى، وهو ما نوضحه کما یأتی:
آ. ما ورد فی المادة (54/1) والخاصة بالمهر إذ اعتد المشرع برأی الجمهور وأنه لا حد لأقل المهر خلافاً للمذهب الحنفی الذی یحدده بعشرة دراهم.
ب. مراعاة حال الزوج یساراً وإعساراً آخذاً من الشافعی م(76).
ج. وقوع الطلاق طلقة واحدة (برأی ابن تیمیة) م(92).
د. فی المیراث آخذاً برأی مالک فی القتل المانع فی المیراث م(23) وتوریث الحمل آخذاً بالمذاهب الثلاثة م(299).
مما تقدم فضلاً عما أوضحناه سابقاً فی النقطة (أولاً)، عن مدى الاعتماد على مختلف المذاهب الفقهیة.
آ. ما جاء فی المادة (8) والخاصة بإعطاء القاضی الأذن بزواج من به جنون أو عته إذا کان فی زواجه مصلحة له، استدلالاً برأی الشافعیة.
ب. ما جاء فی المادة (10) من عدم اشتراط العدالة فی الولی أخذاً برأی الجمهور.
ج. الأخذ برأی الحنابلة والشافعیة فی مسألة عدم تحدید حد أدنى للمهر کما فی المادة (44).
د. اعتماده رأی الشافعیة فی مراعاة حال الزوج من الیسار والإعسار وهو ما جاء فی المادة (70) من قانون الأحوال الشخصیة الأردنی.
فضلاً عن الأمثلة الأخرى الدالة على الاقتناء من مختلف المذاهب الفقهیة دونما الاقتصار على مذهب واحد وإن جاء النص على التقید بمذهب معین عند عدم النص.
هذا وفیما یتعلق بالسند الشرعی لنصوص بعض القوانین ومذکراتها الإیضاحیة أما فیما یمثل الدلیل على الاتفاق بین هذه القوانین فی کیفیة معالجتها للمسائل المتعلقة بالأسرة فهو ما نبینه فی أغلب ما تتضمنه هذه القوانین من مسائل منها:
1. إلغاء ما یتعلق بالمادة (161/2) من قانون الأحوال الصومالی الذی یساوی بین الرجل والمرأة فی استحقاق الترکة من المیراث وما یمثله ذلک من خروج صارخ عن أحکام الشریعة.
2. إکمال النقص الوارد فی تنظیم أحکام المیراث فی التشریعین الأردنی والعراقی الذی جاء بأحکام غریبة تحتاج إلى تعدیل کما فی نص المادة (90) من قانون الأحوال الشخصیة والمادة (91/2) وما یترتب على تطبیق المادة (90) من أثر فی الاختلاف بین القضاء فی طریقة توزیع الترکة على الورثة باختلاف المذهب وما له من أثر فی اختلاف الاستحقاق للوارث ذاته عند کلا المذهبین کأبرز دلیل على أهمیة وضرورة التوحید إذ کیف ببلد إسلامی توزع فیه الترکة على الورثة بطریقتین وهو بلد واحد. ویعانی من هذا الازدواج القضائی (والذی لم یکن إلا نتیجة طبیعیة وثمرة حقیقیة للاحتلال بعد عام 1917 وما ترتب علیه من صدور للقانون الأساسی فی العراق ثم قانون المحاکم الشرعیة عام 1923) لتمثل الوحدة بذلک خیر علاج وحل لهذا العائق الخارجی الفعل الداخلی الأثر.
3. إکمال ما یتعلق بالنقص الوارد فی مسائل الزواج والطلاق التی لم تنظم فی بعض القوانین کالولایة والوکالة والکفاءة، أحکام الرجعة الحضانة فی قانون الأحوال الشخصیة العراقی.
4. إلغاء العدید من النصوص المخالفة لأحکام الشریعة الإسلامیة کالنص الوارد فی
الفصل (18/1) من مجلة الأحوال التونسیة والخاصة بمنع تعدد الزوجات خلافاً للشریعة وأیضاً ما جاء فی الفصل (8-15) والخاصة بمشروعیة التبنی وإعطاء المتبنى الحق المقرر للابن الشرعی، وهو ما یمثل خلافاً صریحاً للشریعة التی تحرم التبنی أصلاً. والذی لم یأتِ إلا نتیجة لتأثیر الاحتلال على هذه الدول وبقاء أثره واضحاً فی هذا الاعتماد لهذا النص ولما سبقه من نص أیضاً.
5. تنظیم ما یتعلق ببعض المسائل التی تحتاج إلى تنظیم والتی تمثل إحدى أبرز نقاط الاختلاف بین التشریعات وأحد أسباب رفض بعض الدول العربیة للوارد فی المشاریع الوحدویة کتنظیم المسألة الخاصة بالوصیة الواجبة کما فی بعض دول الخلیج وغیرها من المسائل.
6. إمکانیة العمل على انتقاء ثم اقتباس العدید من النصوص التی تمثل صیاغتها علاجاً متطوراً للعدید من المسائل المثیرة للجدل لدى غالبیة تشریعات الأحوال الشخصیة ومنها:
1) ما ورد فی المادة (40) من قانون الأسرة الجزائری والخاصة بجواز إعطاء القاضی الحق فی اللجوء للطرائق العلمیة لإثبات النسب.
2) ما جاء فی المادة (45) من قانون الأسرة الجزائری وجواز لجوء الزوجین للتلقیح الاصطناعی عند توافر شروطه.
3) ما جاء من إشارة جیدة فی المساواة بین الرجل والمرأة فی الحکم الخاص بالنشوز وإنه لا یقتصر على الزوجة إنما على الزوج أیضاً وإعطاء القاضی الحق بالطلاق وبتعویض الطرف المتضرر وهو ما نصت علیه المادة (55) من هذا القانون.
4) ما جاء فی المادة (73) والخاصة بحل النزاع المتعلق بمتاع البیت بین الزوج والزوجة… الخ من النصوص التی یمکن أن تقدم الحل للنقص الوارد فی العدید من قوانین الأحوال الشخصیة والعلاج من خلال الوحدة بینها والانتقاء منها لصیاغة القانون الموحد الذی یمکن أن تخضع له کافة الدول العربیة ثم الإسلامیة.
نخلص ومما تقدم على أهمیة الوحدة التشریعیة وأثرها فی القضاء وعلى العدید من السلبیات الواردة فی العدید من نصوص قوانین الأحوال الشخصیة، وعلى دورها فی سد النقص فی البعض الآخر لتکون سبیلاً لإلغاء أغلب ما وضعته السیاسات الداخلیة من عوائق فرضه واقع التجزئة وأکده اختلاف الأنظمة السیاسیة ونظام الحکم فیها ودوره فی التأثیر على فکر الدول الخاضعة له بین تقبل الآخر فی العدید من المسائل ومنها الخضوع لتشریع موحد وبین التقیید بمذهب معین والتأثر به وتأثیره على السیاسة التشریعیة والانصیاع له دون سواه وهو واقع التشریع فی بعض الدول العربیة فی هذا القانون خاصة والمسائل المتعلقة به.
رابعاً: وجدنا وکأحد بوادر الوحدة أن بعض التشریعات لم تقتصر بالنص على کونها اعتمدت الشریعة فحسب بل إنها اعتمدت فی تنظیم قانونها على قانون عربی أخر أخذت منه هذا النص أو ذاک أو اغلب النصوص ومثاله القانون العراقی فی المادة الأولى واقتباسها من قانون الأحوال الشخصیة السوری. القانون المغربی وعده قانون الأحوال الشخصیة السوری إلى جانب المذاهب الفقهیة أحد مصادر قانونه وهو ما جاء فی مذکرته الإیضاحیة ، وکذا ما جاء فی المذکرة الإیضاحیة لقانون الأحوال الشخصیة السوری وعده القوانین المصریة –(ذاکرا عبارة مع بعض التعدیل أحیاناً بما یوافق المصلحة المحلیة)- مصدراً من مصادر هذا القانون، فضلاً عن قانون الأسرة الجزائری واعتماده بعض النصوص التشریعیة لدول کسوریا والمغرب وتونس وهو ما جاء فی مقدمة مشروع هذا القانون.
المطلب الثانی
بوادر الوحدة فی المشاریع والوثائق الوحدویة لقوانین الأحوال الشخصیة
لم تقف بوادر الوحدة عند حد ما جاء وما استخلصناه من إشارات فی قوانین الأحوال الشخصیة العربیة بل تعدتها إلى ما مثل النیة الحقیقیة والعمل الحقیقی فی السعی نحو تحقیق هذه الوحدة وذلک فی ابرز ما عرفته المنطقة العربیة فی القرن العشرین من أمثلة حیة على ذلک تبلورت بمشروع قانون الأحوال الشخصیة الموحد للإقلیمین السوری والمصری فی عهد الوحدة بینهما کمشروع على الصعید الإقلیمی لهذین القطرین ومشروع القانون العربی الموحد للأحوال الشخصیة الذی طرحته جامعة الدول العربیةعلى نطاق المنطقة العربیة ککل، ثم ما عرف بوثیقة مسقط للقانون الموحد للأحوال الشخصیة لدول مجلس التعاون لدول الخلیج العربی على نطاق دول مجلس التعاون الخلیجی وعلى الرغم من انه لم یکتب للمشروعین الأولین النجاح فی الصدور کما فی المشروع الموحد للإقلیمین السوری والمصری أو البدء بالعمل بعد صدوره بعرضه کمشروع کما فی المشروع الثانی لأسباب سیاسیة وفکریة إلا أن صداها ومدى تأثیرها لا یزال واضحا إلى الآن ومعمولا به وخیر دلیل على ذلک هو ما جاء من إشارة فی عد مشروع القانون العربی الموحد للأحوال الشخصیة أحد المصادر التی اعتمدت لوضع وثیقة مسقط للقانون الموحد للأحوال الشخصیة لدول مجلس التعاون لدول الخلیج العربیة، والسبب فی ذلک یعود لما تضمناه من أحکام لها الدور الکبیر فی معالجة مشکلات العصر الخاصة بالأسرة وبما یتفق مع متطلبات هذا العصر دون إخلال منها بأحکام الشریعة.
ونستطیع القول انه ومن الاطلاع على ما تقدم من مشاریع وعلى وثیقة مسقط یمکن بیان أهم السمات العامة التی جمعت بینهم کمشاریع لا یمکن تخطی مضمونها وهدفها ومنهجیتها ومن هذه السمات :
أولاً: وحدة الهدف بین هذه المشاریع والمتمثل بإصلاح الأسرة المسلمة کأساس لبناء مجتمع إسلامی صالح على وفق أحکام الشریعة الإسلامیة التی تعدها المصدر الأساسی من مصادر تقنینها إیماناً منها بدور الشریعة فی تحقیق وحدة أفرادها وبالتالی تحقیق وحدتها ولو على نطاق جزئی أو کامل وهو الهدف الذی کان وراء تشریع قوانین الأحوال الشخصیة أیضاً.
ثانیاً: عدم التقیید بمذهب فقهی معین وإنما الاقتباس من المذاهب کافة على وفق ما یلائم مصلحته وظروفه ویحقق له السبیل لمعالجة الکثیر من المشاکل التی لا حلول لها فی مذهبهم طالما انها فی إطار الشریعة ولا تتعارض معها وهو ما جاء فی توجیهات وزراء العدل والشؤون الإسلامیة فی دول المجلس التعاونی الخلیجی وانه ((تکون الشریعة الإسلامیة وحدها مصدر التشریع بما لا ینفی الاستفادة من مختلف الآراء والتجارب طالما انها لا تتعارض مع الشریعة)) وهو ما جاء أیضاً ضمن الأسس العامة لخطة صنعاء الهادفة إلى توحید التشریعات العربیة، وهو ما تأکد أیضاً فی المادة (282) من الوثیقة وأنه: " أ- تطبق نصوص هذا القانون على جمیع المسائل التی تناولتها فی لفظها وفحواها.
ب- إذا لم یوجد نص فی هذا القانون یحکم بمقتضى القواعد العامة فی الشریعة الإسلامیة "، (وإن من ضمن الأسس العامة لعملیة التوحید هی وضع القواعد المبدئیة التی یتم بها تنهیج التشریع وتوحیده بما یحقق مراعاة الأسس التالیة: 1- اعتماد القرآن والسنة وما یؤول إلیهما من إجماع أو قیاس أو مصالح مرسلة دون التقید بمذهب معین من مذاهب الفقه وکذا مبادئ العدالة، التی لا تتعارض مع أحکام الشریعة الإسلامیة مصادر للتقنین الموحد) وما ورد کذلک ضمن بیان أهم مصادر مشروع القانون الموحد للإقلیمین المصری والسوری وما وضحه واضعوه بوصفه أحد أهم أسس وضع هذا المشروع .
ثالثاً: الاتفاق على کیفیة تنظیم وتبویب اغلب المسائل والأحکام الخاصة بالأحوال الشخصیة ابتداءا من الزواج ومقدماته وأرکانه وشروطه وبیان للمحرمات وحقوق الزوجین ،النفقة والمهر والفرقة والمیراث والوصیة …الخ من المسائل المنضویة تحت ظل الأحوال الشخصیة (وهو ما یجمع غالبیة أن لم نقل کل قوانین الأحوال الشخصیة بهذه الخاصیة فی التنظیم والتبویب لهیکلیة قوانینها) کما ذکرنا سابقاً.
رابعاً: اتفاق کلا من المشروع العربی الموحد لجامعة الدول العربیة مع وثیقة مسقط فی الإحالة لأحکام الشریعة الإسلامیة والحکم بمقتضى قواعدها الأکثر ملاءمة لنصوص هذا القانون وذاکخلافا للمشروع الموحد للإقلیمین المصری والسوری الذی أحال ذلک إلى القول الأرجح فی المذهب الحنفی .(وهذا الاختلاف فی الاتجاه من ناحیة والاعتماد على هذا الاتجاه أو ذاک هو ما وجدناه فی نطاق قوانین الأحوال الشخصیة التی بینا بعضا من نماذجها)
خامساً: وحدة المصدر المعتمد إلا وهو الشریعة الإسلامیة بمذاهبها المختلفة بعد الکتاب والسنة وکذا البعض من القواعد الفقهیة کقاعدة الاستصلاح والاستحسان التی بنت علیها اللجنة الخاصة بمشروع القانون الموحد للإقلیمین المصری والسوری وبما لا یتنافى مع نصوص الشریعة الإسلامیة وقواعدها ومنها قاعدة الاستصلاح الخاصة بأن (ولی الأمر إذا نهى عن مباح عندما یصبح فیه ضرر وجب امتثال هذا النهی ظاهراً وباطناً کعدم الأذن بالزواج عند وجود الفرق الکبیر فی السن بین الخاطب والمخطوبة وهو ما تضمنته المادة (22) من المشروع وبما یعد دلیلاً على عدم الوقوف عند حد الآراء الفقهیة بل الانتقال إلى القواعد الفقهیة أیضاً خروجا بذلک من کل مشکل یعرض قد لا یجد له حلا مناسبا -وبما یتفق وهذا الزمان - فی هذه الآراء وإنما بالمعتمد من قواعد فقهیة.
ومع هذا الاتفاق فقد وجدنا اختلافا فی بعض منها فی بعض النواحی کوثیقة مسقط التی تخطت وبإطارها الوحدوی ما کان عائقا فی الماضی لنفاذ أی مشروع قد یتطرق إلى ما یدخل ضمن إطار المسائل المختلف فی مدى مشروعیتها فی هذه الدولة أو تلک من خلال إیراد النص العام والمتضمن اعتماد هذه المسالة أو تلک والمختلف فیها یرجع فی تنظیم أحکامها بقانون خاص یتعلق بها کما فی مسالة الوصیة الواجبةالتی کانت محل اختلاف لتمارس کل دولة من دول المجلس اجتهادها فیها على وفق أعرافها وتقالیدها مما ساعد على قبول اعتمادها لدى دول المجلس فضلا عن اعتمادها الصیاغة العامة لنصوصها فی أکثر المسائل ومعالجتها لأغلب المسائل المختلف فیها عندهم.
نستخلص مما تقدم أن هذه المشاریع لم تخرج عن دائرة المعمول به (وفی أکثر مسائلها) فی قوانین الأحوال الشخصیة فی أکثر البلاد العربیة مما یعد الدلیل الواضح على مدى الارتباط بینهم وبما یخلق الأرض الخصبة أمام أی محاولة جدیة لتحقیق الوحدة من خلال توحید قوانین الأحوال الشخصیة العربیة کطریق للوحدة الإسلامیة فی إطار قانون واحد ولاسیما وان ما یجمعها کعامل أساسی هو وحدة المصدر من ناحیة مع وحدة تطورها التاریخی وظروفها السیاسیة فی الغالب کشعوب إسلامیة من الناحیة الأخرى ، بغض النظر عن المذهب المعتمد لهذه الدولة أو تلک فکلها تأخذ من معین واحد ویجب أن تصب فی بودقة واحدة وان تنوعت تفرعات معینها فهذا لا یغیر من حقیقة أنها من مصدر واحد.
المبحث الثالث
الهیئات المعنیة بتحقیق الوحدة الإسلامیة من جانب قوانین الأحوال الشخصیة
نقصد بالهیئات المعنیة المنظمات الدولیة الحکومیة التی تجمع ما بین الدول لتحقیق أهداف ومبادئ مشترکة تتفق علیها وتفصح عنها مواثیق هذه المنظمات.
وابرز هذه المنظمات الدولیة الحکومیة والتی یمکن من خلالها الوصول إلى الغایة المرجوة تحقیق الوحدة الإسلامیة ومن الجانب الذی اخترناه الأحوال الشخصیة وکخطوة أولى هما جامعة الدول العربیة وفی إطار أوسع منظمة المؤتمر الإسلامی التی تجمع ما بین 57 دولة إسلامیة. حیث یتضمن میثاق هاتین المنظمتین أحکاماً بعض منها یعکس إمکانیات تحقیق الوحدة الإسلامیة وأخرى یفرز عقبات تعرقل من تحقیقها وهو الأمر الذی سنبینه فی مطلبین عند تناولنا جامعة الدول العربیة (المطلب الأول) ومنظمة المؤتمر الإسلامی (المطلب الثانی).
المطلب الأول
جامعة الدول العربیة
أنشئت جامعة الدول العربیة أساساً لتدعیم الصلات الوثیقة والروابط العدیدة التی تجمع ما بین البلاد العربیة ولتوطید العلاقات بینها بما یحقق خیر هذه البلاد قاطبة وصلاح أحواله وتأمین مستقبلها وتحقیق أمانیها. لتکون شکلاً من أشکال التعاون والتنسیق بین الدول العربیة ینظمه میثاق جامعة الدول العربیة التی تم وضعه عام 1945 قائماً على مجموعة من الأهداف والمبادئ ومتضمناً العدید من الاختصاصات الممنوحة للجامعة لکی تقوم بدورها بین الدول العربیة. وقد یسأل سائل ما دور الجامعة العربیة بما تتمتع به من اختصاصات فی تحقیق الوحدة الإسلامیة خاصة وانها منظمة ذات طابع قومی (اعتمدت الدول فی تأسیسها على الهویة العربیة)؟ یتضمن میثاق الجامعة ذاته نصوصاً یمکن الاستفادة منها لتحقیق الوحدة الإسلامیة وکخطوة أولى فی إطار البلاد العربیة ویتعزز هذا القول عند النظر إلى مشاریع القوانین التی وضعت فی إطار جامعة الدول العربیة، وان کانت هذه المشاریع قد تلاقی عقبات تضمنها میثاق جامعة الدول العربیة.
أولاً: إمکانیات تحقیق الوحدة الإسلامیة فی میثاق جامعة الدول العربیة:
النص الأساسی الذی یعتمد علیه للتوجه نحو تحقیق الوحدة وفی إطار عربی هو نص م (2) ف (3) إذ نصت على ان احد أغراض الجامعة هو (تحقیق التعاون بین الدول المشترکة فیها تعاوناً وثیقاً بحسب نظم کل دولة وأحوالها فی الشؤون الآتیة: الشؤون الاقتصادیة والمالیة بما فی ذلک التبادل الکمرکی والجمارک والعملة وأمور الزراعة والصناعة - شؤون المواصلات - شؤون الثقافة - الشؤون الصحیة- شؤون الجنسیة والجوازات والتأشیرات وتنفیذ الأحکام وتسلیم المحرمین- الشؤون الاجتماعیة. ویمکن هنا التعاون فی مسائل الأحوال الشخصیة التی تتعلق بأوضاع الأسرة فی المجتمعات العربیة. فالتعاون المستهدف من المادة المشار إلیها بین الدول العربیة سیأخذ عدة صور بدخل ضمنها التعاون فی المحال القانونی وتحقیق الوحدة فی التشریعات العربیة وعلى أساس یعتمد الشریعة الإسلامیة لینتهی إلى تحقیق الوحدة الإسلامیة والدلیل على الربط بین موضوع وحدة التشریعات العربیة والأسس الإسلامیة ما جاء فی المذکرة الإیضاحیة لمشروع القانون العربی الموحد للأحوال الشخصیة إذ نصت فی مقدمتها فی ف (2) منها (ان الأمة العربیة الأمة الإسلامیة امة واحدة فی هذه الدنیا تدین بعقیدة واحدة شرعها الإله العظیم الواحد الخبیر بخلقه العلیم بمصالحهم وأحوالهم، شرعة عالمیة عامة تصوغ الإنسان صیاغة إنسانیة مثالیة وتبنی المجتمع الموحد الفاصل القوی المتماسک) فضلاً عما أوردته من ذکر للمنطلقات الثلاثة التی أکد علیها المؤتمر العربی الأول لوزراء العدل العرب فی الرباط المنعقد فی 1977 أولها الإیمان بأن أساس وحدة الأمة العربیة وعنوان مجدها وعزتها ومصدر قوتها وأصالتها والربط الحقیقی المؤثر بین إفرادها ومجتمعاتها هو الشریعة الإسلامیة وثانیاً الإیمان بأن وحدة التشریع بین الدول العربیة هدف قومی ینبغی السعی إلى تحقیقه ولکن السبیل الأسلم إلى تحقیقه هو بإتباع الشریعة الإسلامیة بفضل ما اشتملت علیه من أحکام واجتهادات کانت ولا تزال مرجعاً للجمیع, ثالثاً وأخیراً الإیمان بأن تکویر الأنظمة القضائیة وتقریب العدل إلى المواطنین تحتاج إلى البحث العلمی والاستهداء بأحکام الشریعة الإسلامیة لما تحتویه من مبادئ وقیم، وبالفعل استخدمت المنطلقات الثلاثة لتکون أساساً للعمل الذی قامت به اللجنة الوزاریة المنبثقة عن المؤتمر العربی الأول لتوصی بتجمیع الجهود على المستوى العربی لتقنین أحکام الشریعة الإسلامیة فی مسائل الأحوال الشخصیة. فإمکانات تحقیق الوحدة الإسلامیة من خلال میثاق جامعة الدول العربیة موجودة ویظهر ذلک من خلال الجهود المبذولة فی إطار جامعة الدول ومن خلال مجلس وزراء العدل العرب المشکل فی إطارها الذی یهدف من قیامه إلى (تقویة وتعمیق التعاون العربی فی المجالات القانونیة والقضائیة ودعم ومتابعة الجهد المشترک لتوحید التشریعات العربیة وفق أحکام الشریعة الإسلامیة مع الأخذ بالاعتبار ظروف المجتمع فی کل قطر عربی وضع الخطط والمناهج لتحقیق هذا الهدف).وتم اعتماد هذا الهدف والسعی إلى تحقیقه خلال مؤتمر وزراء العدل العرب الثانی لعام 1981 المنعقد فی صنعاء فجاءت خطة صنعاء متضمنة توحید التشریعات العربیة التی اقرها مجلس وزراء العدل العرب على وفق أحکام الشرعیة الإسلامیة بما فیها وضع مشروع قانون موحد للأحوال الشخصیة، وإنشاء لجان فنیة لتحقیق ما تم الاتفاق علیه.الا انه یبقى ان نذکر ان هذه الإمکانات التی تنبثق عن میثاق الجامعة وجهودها تعتمد فی النهایة على الجدیة والرغبة فی تحقیقها والتی لن تکون بالمهمة السهلة نظراً للعقبات التی تضعها الدول العربیة من خلال ما تتبناه من مواقف من هذه الجهود وتأسیساً على ما منحته لنفسها من حقوق فی میثاق جامعة الدول العربیة.
ثانیاً: العقبات التی یتضمنها میثاق جامعة الدول العربیة:
تبرز العقبة الأساسیة فی المبدأ الذی تمن به الدول العربیة (مبدأ سیادتها)، بالبناء القانونی والتنظیمی للجامعة یقوم على مبدأ المساواة بین الدول الأعضاء وعلى مبدأ احترام سیادة هذه الدول واستقلالها.وسیادة الدول العربیة التأکید علیها واحترامها ولو انه مبدأ لم ینص علیه بشکل صریح فی مادة خاصة فی المیثاق، إلا أن المیثاق تضمن بنوداً عدة تعکس هذا المبدأ احدها والتی تتعلق بالموضوع نص م/ 7من المیثاق والخاصة بالقرارات التی تصدر عن جامعة الدول العربیة حیث تنص إحدى فقراتها على الأخذ بقاعدة الإجماع عند التصویت لان الأخذ بقاعدة الأغلبیة یؤدی إلى التزام بعض الدول بقرارات لم توافق علیها فما سیقرره مجلس الجامعة بالإجماع یکون ملزماً لجمیع الدول المشترکة فی الجامعة فی الأحوال التی تتطلب الإجماع، ثم تضیف المادة بان ما یقرره المجلس بالأغلبیة یکون ملزماً لمن یقبله فقط وفی کلا الحالتین سواء صدر القرار بالإجماع أم بالأغلبیة حسب الحالة فأن تنفیذه فی کل دولة سیکون وفقاً لنظمها الأساسیة وهکذا فالدول لن تلتزم بالقرارات التی توافق علیها ولن یکون لما وافقت علیه أیة قوة تنفیذیة إلا بعد إقراره على وفق نظم الداخلیة الدستوریة والتشریعیة. وکان التأکید على سیادة الدول من خلال نص م (7) قبل تعدیل المیثاق فی2005، فبعد صدور التعدیل الغی النص الذی یعلق تنفیذ القرارات الصادرة بالإجماع أو بالأغلبیة على وفق النظم الأساسیة للدول العربیة الأعضاء. وبذلک تحررت الجامعة ولو قلیلاً من الشلل الذی کان یصیب اغلب قراراتها التی لم تشهد التنفیذ بسبب اصطدامها بالنظم الأساسیة للدول العربیة. وان کانت هذه خطوة جیدة إلا أنها تحتاج إلى بدیل المزید فی إطار المیثاق فلا تزال مواد المیثاق الأخرى والأنظمة الأساسیة للأجهزة التی تشکلت فی إطار الجامعة لمساعدتها فی تنفیذ مهامها تحوی من النصوص ما یجعل تحقیق أهداف الجامعة مرهوناً بقرارات کل دولة (سیادتها), منها نص م/2 ف(3) أی تقضی بأن أغراض الجامعة تعاون الدولة المشترکة فیها تعاوناً وثیقاً بحسب نظم کل دولة منها وأحوالها فی الشؤون المبنیة سابقاً، فالتعاون هنا لن یکون مجدیاً أیاًَ کان الشکل الذی یتخذه فی الأمور الاجتماعیة أو الاقتصادیة والمالیة.. الخ کلما کان مرهوناً بسیاسات کل دولة التی قد لا تتنازل فی سبیل التعاون إذا کان لدیها رؤیة مختلفة، فهو تعاون مرهون بإرادة الدولة العربیة وبمقتضى تفسیرها لطبیعته ومداه وهو ما یقوم عذرا وتبریراً قانونیاً تستطیع ان تتذرع به کل دولة لا ترغب فی هذا التعاون کما ویقلل من شأن التزامات الدول الأعضاء بعضهم البعض وتجاه الجامعة اذا ترک أمر تنفیذ القرارات الخاصة بالتعاون فی الشؤون المبینة إلى تقدیر أنظمة الحکم القائمة فیما تراه متفقاً أو غیر متفق مع أنظمتها وأحوالها وهو ما جعل البعض یذهب إلى القول بان هذا التحفظ یضع فی بد کل نظام سیاسی حق اعتراض یمکن استخدامه ضد أی تعاون ویمثل تراجعاً عن الفکرة الکامنة وراءه بإحباطها عندما یقرن بضرورة اتفاقها مع النظم السائدة فی الدول الأطراف, وهو حال التعاون فی المجال القانونی الذی یستهدف مجلس وزراء العدل العرب الذی علق فی م/ 2 من نظامه الأساسی على ان یأخذ بنظر الاعتبار ظروف المجتمع فی کل قطر عربی، لا نقول ان نضع بالخصوصیة التی یتمتع بها کل مجتمع عن الأحر جانباً ما ولکن قد تتسبب هذه الظروف فی ان تعیق کل تعاون بین الدول الأعضاء فی الجامعة فی حال لو کانت کل منها تأخذ بمذهب معین فی تشریعاتها وتعتمده دون غیره وهی اغلبها تسیر بهذا الاتجاه، وما یعقد الأمور عدم بذلها الکثیر لتهیئة مجتمعاتها لتقبل التوحید فی التشریعات انطلاقاً من النظرة الضیقة التی تتمیز بها، علماً ان م/2 تطلب من الدول تهیئة مجتمعاتها بأن تضع الخطط والمناهج الخاصة لتحقیق الوحدة فی التشریعات وهو الأمر الذی لم یتحقق إلى الآن على مستوى المجتمعات الداخلیة.فی حال لو قارنا بین ما تمتلکه الجامعة من اختصاصات وهی منظمة إقلیمیة وبین الاتحاد الأوربی الذی یملک إصدار قوانین تطبقها الدول الداخلیة ونجد ان الجامعة تحتاج إلى الکثیر لکی تصل إلى هذه المرحلة والأمر کله منوط بسیادات الدول العربیة التی لو تنازلت ومنحت الجامعة اختصاصات أوسع من خلالها فعلاً ولیس فقط بإهدار الحبر والأوراق.
المطلب الثانی
منظمة المؤتمر الإسلامی
تأسست هذه المنظمة عام 1972 یدخل فی عضویتها 57 دولة إسلامیة من دول عربیة، لتعمل على تحقیق أهداف ووفق مبادئ بینها میثاقها فی م/2، وبیان أحکام المیثاق خاصة الأهداف فیه على وفق المبادئ التی تسیر علیها المنظمة لتحقیقها وهی الدول الأعضاء فیها، ستتضح الإمکانات التی تمتلکها هذه المنظمة لتحقیق الوحدة الإسلامیة إلى جانب التعرف على الدور الذی یمکن أن تباشره الدول العربیة من خلال هذه المنظمة للسیر نحو الوحدة وفی إطار توحید مسألة الأحوال الشخصیة.
أولاً: إمکانات تحقیق الوحدة الإسلامیة فی میثاق منظمة المؤتمر الإسلامی:
أوضحت الدول الأعضاء فی المنظمة فی مقدمة المیثاق بان عقیدتهم المشترکة تشکل عاملاً واقیاً لتقارب الشعوب الإسلامیة وتضامنها وأضافت بأنها تقرر الحفاظ على القیم الروحیة والأخلاقیة والاجتماعیة والاقتصادیة الموجودة فی الإسلام والتی تظل عاملاً من العوامل المهمة لتحقیق التقدم بین أبناء البشر. وهو ما یمنح إمکانات کبیرة أمام هذه الدول للقیام بتوحید الأحکام الخاصة بالأحوال الشخصیة، تأسیساً على ما قدمته بان لهم عقیدة مشترکة تجمع بینهم وتحقق تضامنهم. فضلاً عما وافقت علیه من أهداف تعمل المنظمة على تحقیقها وهی تعزیز التضامن الإسلامی بین الدولة الأعضاء ودعم التعاون بین الدول الأعضاء فی المجالات الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة والعلمیة وفی المجالات الحیویة الأخرى والتشاور بین الدولة الأعضاء فی المنظمات الدولیة. والعمل على محو التفرقة العنصریة والقضاء على الاستعمار بکل إشکاله. وتطبیقاً لهذه الأهداف تطرقت المنظمة إلى الکثیر من الموضوعات وفی مجالات مختلفة سیاسیة، اجتماعیة، اقتصادیة، تجاریة، علمیة، ثقافیة، صیغ البعض منها على شکل برامج تعالج من المسائل ما یشغل العالم الإسلام وتقتضی الأمة الإسلامیة القیام بعمل جماعی نذکر منها برنامج العمل العشرین الصادر عن الدورة الطارئة المنعقدة فی مکة بتاریخ 7 – 8 دیسمبر 5/ 2005، الذی یتناول مسائل تتعلق بتعددیة المذاهب الإسلامیة والتأکید على ضرورة تعمیق الحوار بین المذاهب الإسلامیة وعلى صحة إسلام إتباعها وعدم جواز تکفیرهم وحرمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم ما داموا یؤمنون بالله سبحانه وتعالى وبالرسول علیه الصلاة والسلام ولا ینکرون معلوماً من الدین بالضرورة والاهتمام بالمرأة والقوانین التی تعالج وصفها فی المجتمع الأسرة، والطفل والشباب وغیرها من النواحی الفکریة والتکنولوجیة وحقوق الإنسان. ولا تتوقف أنشطتها عند إعداد البرامج الخاصة بالعالم الإسلامی وإنما تتعداه لتنظیم اتفاقیات تعرضها على الدول الأعضاء فیها لتوحید فیما بینها فی المسائل المبنیة فی میثاقها، کاتفاقیة التعاون الاقتصادی والفنی والتجاری بین الدول الأعضاء فی المنظمة، واتفاقیة الإطار بشأن نظام الافضلیات التجاریة بین الدول الأعضاء فی المنظمة ومعاهد مکافحة الإرهاب الدولی وعهد حقوق الطفل فی الإسلام. إلا أن مباشرة هذه المنظمة لاختصاصاتها محکومة بمبدأ أساسی ورد النص علیه فی م/2 ف (ب) التی تنص فی فقرتها الثالثة على (احترام سیادة واستقلال ووحدة أراضی کل دولة) وعلیه کل عمل یصدر عنها من برامج واتفاقیات مرهون بموافقة هذه الدول خاصة وان ف (2) منها أکدت على حق کل منها فی تقریر المصیر وعدم التدخل فی الشؤون الداخلیة، والمعروف ان تقریر المصیر بأخذ عدة جوانب بما فیها حریة اتخاذ شکل النظام السیاسی والاقتصادی والاجتماعی الذی یرتئیه کل شعب من الشعوب، لتفعیل دور المنظمات فی إطار العالم الإسلامی المرهون بوعی الدول الأعضاء فیها بضرورة الوحدة والسیر نحو خلق آلیات لتحقیقها.
ثانیاً: دور الدول العربیة فی اطار منظمة المؤتمر الإسلامی:
نهضت الجهود العربیة فی إطار جامعة الدول العربیة مشاریع وحدودیة قانونیة بین الدول العربیة، ویمکن للدول العربیة ان تطرح مثل هذه الجهود بل وان تستند إلى ما بذل فی إطار المنظمة العربیة التی تجمعها أمام منظمة المؤتمر الإسلامیة لتحقیق وحدة إسلامیة وعلى نطاق أوسع، وذلک بالاعتماد أولا على عضویتها فی المنظمتین (جامعة الدول العربیة ومنظمة المؤتمر الإسلامی) وثانیاً بالاعتماد على النصوص التی وردت فی میثاق منظمة المؤتمر الإسلامی وأهمها نص ف (2) ق (أ) م/2 من میثاق المنظمة الذی یشیر على التشاور بین الدول الأعضاء فی المنظمات الدولیة بما یفسح مجالات التعاون فی إطار المنظمتین من خلال الدول العربیة. فضلاً عن الإمکانیة التی توجدها اتفاقیة التعاون المعقودة بین جامعة الدولة العربیة ومنظمة المؤتمر الإسلامیة لعام 1989.ویمکن للاثنتین العمل على الآتی:
وهو ما ینبغی تحقیقه وإن کان عن طریق الخضوع لتشریع أو نص فی تشریع مخالفٍٍ لما یعتمدونه من مذهب فی مسائل لا تمثل إلا خلافاً اجتهادیاً فی الشریعة لا أساسیاً فی أحکامها خاصة إنه لا یوجد ومن کل ما أوردناه سابقاً کدلیل سبباً لعزوف غالبیة الدولة عربیة وإسلامیة هو القرآن والسنة والمذاهب الفقهیة من ناحیة وما یؤدی تحقیقه من قضاء على العدید من السلبیات سواء فی التشریع کما وضحنا أم فیما یخلق کسبب للفرقة الطائفیة من عوائق أوجدها الغرب ورسخها واقعنا الذی رضینا الخضوع له.
الخاتمة :
احتلت مسالة الوحدة الأهمیة البالغة على الصعیدین القومی والإسلامی فکانت محور کتابات المفکرین والعلماء وعنوانا لمؤتمراتهم وهی ومع تعدد أشکالها فانها لا تخرج عن کونها الهدف الأول بغض النظر عن مداه سواء أکان إقلیمیا متحددا بهذه المنطقة (أی المنطقة العربیة) أم عالمیا وغایته کل الدول الإسلامیة، کما هو الهدف فی هذا البحث وبما اخترناه من وسیلة نؤمن بانها قد تساهم فی تحقیق هذه الوحدة إلا وهی توحید قوانین الأحوال الشخصیة بقانون واحد تخضع له غالبیة الدول الإسلامیة، لوجود کل ما یساهم فی دعم هذه الغایة وتحقیقها من بوادر وهو ما لاحظناه وبیناه فی هذا البحث سواء فی التشریعات القانونیة للأحوال الشخصیة أم المشاریع الوحدویة الهادفة إلى تعمیم الخضوع لأحکام هذا القانون الذی تجمعه وحدة المصدر المتمثلة بالشریعة الإسلامیة. فقد أثبتت لنا المراحل التی مر بها تدوین وتقنین أحکام الشریعة فی هذا القانون من قیام الدولة الإسلامیة فی عهد الرسول (ص) وحتى تقنین غالبیة الدول العربیة لهذا القانون هذه الحقیقة وإمکانیة تحقیقها مرة أخرى لتوافر العدید من عناصر هذه الوحدة فی التاریخ الإسلامی، واللغة والعقیدة فضلا عن وحدة الخضوع للشریعة الإسلامیة وهی محور الدعوى للوحدة التشریعیة وما استنتجناه وندعو إلیه من خلال تعزیز دور الهیئات المعنیة بمؤتمراتها وندواتها من ناحیة مع ما یفترض أن تقوم به المرجعیات الدینیة ووسائل الإعلام من دور فی إقناع الرأی العام بأهمیة الالتقاء التشریعی والخروج من دائرة الخضوع والتقوقع فی ظل المذهب الواحد نحو تقبل الرأی الآخر وتقبل مسألة الانتقاء من هذا المذهب أو ذاک لیساعد ذلک فی خلق البیئة الملائمة نحو تقبل الخضوع لقانون واحد غایته مصلحة الأسرة الإسلامیة وبما یساهم فی حل ما اخذ یظهر فیها من مشاکل قد لا تجد الحل فی المذهب الواحد ولا یکون ذلک فضلا عما تقدم إلا بإلغاء کل العوائق داخلیة کانت أم خارجیة لتلغی بذلک کل فرقة طائفیة وتساهم فی تحقیق الوحدة الإسلامیة فی النطاق التشریعی وتحقیق قوله عز وجل فی هذه الأمة ولتکون کما أرادها (خیر امة أخرجت للناس) ولا یکون ذلک إلا بوحدتها (وان هذه أمتکم امة واحدة وأنا ربکم فاعبدون) من الناحیة الأخرى.
The Authors declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
The Holy Quran.
First: Arabic Dictionaries:
1. Abu Bakr al-Razi, Mukhtar al-Sahah, Dar al-Kitab al-Arabiya, Beirut, without a year printed.
2. Louis Maalouf, Locket in Language, Literature and Science, I 19, Catholic Printing Press, Beirut, unpublished year.
Second: Books Interpretation:
1. Local Jalaluddin, Jalal al-Din al-Suyuti, Tafsir al-Jalalin, 2, Dar al-Jil, Damascus, 1995.
Third: Legal Books:
1. Ahmed Abu Al-Wafa, mediator in the law of international organizations, Cairo, 1986.
2. Adib Estnaboli, Saadi Habib, Guide in the Syrian Personal Status Law, 1c, 2, Legal Library, Damascus, 1997.
3. Khalil Ismail al-Hadithi, The Arab Regime and Reform of the League of Arab States, Beit al-Hikma, Baghdad, 2001.
4. Said Hawi, Islam, C2, I 2, Dar Al-Tawfiq Model Printing, Cairo, 2004.
5. Subhi Al-Mahmasani, The Pillars of Human Rights, Comparative Research in Islamic Law and Modern Laws, 1, Dar al-Ilm for Millions, Beirut, Lebanon, 1979.
6. Subhi al-Mahmassani, The Legislative Situation in the Arab Countries, Past and Present, No. 4, Dar Al-Ilm for Millions, Beirut, Lebanon, 1981.
7. Abbas Ziad al-Sa'di and Muhammad Hassan Kashkoul, Explanation of Personal Status Law No. (188) for the year 959 and its amendments, Baghdad, without a year printed.
8. Abdulrahman Al-Sabouni, Explanation of the Syrian Personal Status Law, 1, 2, New Printing Press, Damascus, 1985.
9. Mahmoud Al-Sartawi, Explanation of the Jordanian Personal Status Law, First Section, Marriage Contract and its Effects, Dar Al-Adawi for Printing and Publishing, Amman, Jordan, 1981.
10. Mustafa Ahmed Zarqa, draft personal status law of the Egyptian and Syrian territories in the era of unity between them, 1, Dar al-Lame, Damascus, Dar al-Shamiya, Beirut, 1996.
11. Yousuf Delande, Algerian Family Code (revised by amendments made under Order No. 05/02 with the latest principles and jurisprudence of the Supreme Court in personal status and inheritance law, Hammouma Publishing House, Algiers, 2005).
Fourth: Research and Papers:
1. The Arab Unity in the Arab Way, A Symposium on Arab Unity in the Arab Way, a symposium organized by the Center for Arab Unity Studies, entitled "Arab unity and its experiences," issued by the Center for Arab Unity Studies, Beirut, 1989.
Journal of Law, Kuwait University, Kuwait, March, 2002. 2. Review of the Muscat Document on the Common System of Personal Status of the Gulf Cooperation Council states.
3. Muhammad Zneiber, The Concept of Islamic Civilization, Research in the Journal of the Arab Historian, Issue 17, issued by the General Secretariat of the Union of Arab Historians, Baghdad, Iraq, 1981.
4. Ali Al-Din Hilal, Charter of the Arab League between Qatar and the Arab World, a working paper for the seminar (Arab League Reality and Ambition), Center for Arab Unity Studies, Lebanon, I, 2, 1992.
5. Mustafa Al-Zalmi, The Effects of Islamic Law in Modern Arab Legislation, Journal of Legal Studies, First Issue, Second Year, Bayt al-Hikma, Baghdad, 2000.
Fifth: Periodicals:
1. The Arab Journal of Jurisprudence and Judiciary, second issue, second year, issued by the General Secretariat of the Council of Arab Ministers of Justice, October, October 1985.
Sixth: Laws:
1. Sabah Sadeq Al-Anbari, Iraqi Personal Status Law No. 188 of 1959 and its amendments, I. Baghdad, 2000.
2. Mamdouh Atri, Syrian Personal Status Law promulgated by Legislative Decree No. (59) for the year 1953 and his Explanatory Note, as amended by Law No. 34 of 1975, Al-Nouri Printing and Publishing Corporation, Damascus, 2005.
3. The Algerian Family Code No. (84-11) of 1984, amended and supplemented by Order No. 02-5 on 27 February 2005, First Edition, Dar Al-Aftash Publishers and Publishers, Algiers, 2006.
4. The Somali Personal Status Law No. 23 of 11 January 1975.
Seventh: Internet sites contained in the Charter of the Organization of the Islamic Conference:
www.oicioci.org/conferences.