الملخص
من المعلوم أن الوسائل القانونیة تعد من أهم الوسائل الودیة لحل المنازعات الدولیة واقدرها على تحقیق المبادئ والأهداف التی یتطلع إلیها المجتمع الدولی والقائمة على أساس احترام القانون الدولی،لکن هذه الوسائل لا یمکن أن تحدث اثراً فعالا باللجوء إلیها فقط وإنما فی الالتزام بتنفیذ ما تسفر عنه هذه الوسائل من أحکام.
والأصل فی الأحکام القضائیة بصورة عامة سواء أکانت صادرة عن المحاکم الوطنیة أم المحاکم الدولیة أن تنفذ رضاءاً وبحسن نیة من طرفی الخصومة، وفی حالة الامتناع عن التنفیذ یتم اللجوء إلى الوسائل الجبریة للتنفیذ، وإذا کانت المحاکم الوطنیة فی الدول تمتلک من الوسائل التی تضمن تنفیذ أحکامها فی حالة امتناع الخصوم عن تنفیذ هذه الأحکام، وتتمثل هذه الوسائل بوجود دوائر تنفیذیة تتولى عملیة تنفیذ الأحکام الصادرة عن هذه المحاکم على اختلاف أنواعها
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
دور المنظمات الدولیة فی تنفیذ أحکام القضاء الدولی
The role of international organizations in the implementation of international judicial provisions
عبد الله علی عبو کلیة القانون/ جامعة الموصل Abdullah Ali Abbou College of law / University of Mosul Correspondence: Abdullah Ali Abbou E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 13/10/2006*** قبل للنشر فی 12/11/2006.
(*) Received on 13/10/2006 *** accepted for publishing on 12/11/2006.
Doi: 10.33899/alaw.2006.160465
© Authors, 2006, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
مقدمة:
من المعلوم أن الوسائل القانونیة تعد من أهم الوسائل الودیة لحل المنازعات الدولیة واقدرها على تحقیق المبادئ والأهداف التی یتطلع إلیها المجتمع الدولی والقائمة على أساس احترام القانون الدولی،لکن هذه الوسائل لا یمکن أن تحدث اثراً فعالا باللجوء إلیها فقط وإنما فی الالتزام بتنفیذ ما تسفر عنه هذه الوسائل من أحکام.
والأصل فی الأحکام القضائیة بصورة عامة سواء أکانت صادرة عن المحاکم الوطنیة أم المحاکم الدولیة أن تنفذ رضاءاً وبحسن نیة من طرفی الخصومة، وفی حالة الامتناع عن التنفیذ یتم اللجوء إلى الوسائل الجبریة للتنفیذ، وإذا کانت المحاکم الوطنیة فی الدول تمتلک من الوسائل التی تضمن تنفیذ أحکامها فی حالة امتناع الخصوم عن تنفیذ هذه الأحکام، وتتمثل هذه الوسائل بوجود دوائر تنفیذیة تتولى عملیة تنفیذ الأحکام الصادرة عن هذه المحاکم على اختلاف أنواعها.
وعلى صعید القضاء الدولی فإنه لیس هناک وجود لمثل هذه الدوائر التنفیذیة فی المجتمع الدولی حتى تتولى مهمة تنفیذ الأحکام الدولیة فی حالة الامتناع عن التنفیذ، ولکن هذا لایعنی افتقار القضاء الدولی نهائیاً إلى وسائل تنفیذ جبریة ترغم الطرف الممتنع عن تنفیذ الحکم الدولی رضاءاً على الانصیاع لمتطلبات هذا الحکم، إذ إن المتمعن فی آلیة تنفیذ الأحکام الدولیة سیجد أن المنظمات الدولیة تؤدی مهمة الدوائر التنفیذیة الموجودة لدى المحاکم الوطنیة،مع الاختلاف بالطبع بین الوسائل التی تتبعها الدوائر التنفیذیة لتنفیذ الأحکام الصادرة عن المحاکم الوطنیة والوسائل التی تتبعها المنظمات الدولیة لتنفیذ الأحکام الدولیة فی حالة امتناع الدولة التی صدر الحکم ضدها عن تنفیذه رضاءاً، وهذا الاختلاف بین وسائل التنفیذ أمر طبیعی لان الدوائر التنفیذیة فی المحاکم الوطنیة تعتمد فی تنفیذ الأحکام على ما تقرره قواعد القانون الداخلی فی هذا الإطار، أما المنظمات الدولیة فإنها تعتمد على ما هو ممنوح لها من صلاحیات بموجب میثاقها فی حالة امتناع دولة معینة عن تنفیذ حکم قضائی دولی.
إشکالیة البحث
نسعى من خلال هذا البحث إلى توضیح ما تقوم به المنظمات الدولیة من دور بارز فی مجال تنفیذ أحکام القضاء الدولی، ومحاولة بیان أسباب قصور وعدم فاعلیة الدور المنوط بالمنظمات الدولیة وبصورة خاصة ما یعتری دور مجلس الأمن الدولی التابع لمنظمة الأمم المتحدة فی هذا الإطار،و کذلک العیوب التی تشوب دور باقی المنظمات الدولیة المتخصصة والإقلیمیة فی تنفیذ الأحکام الدولیة.
أهمیة البحث
تأتی أهمیة البحث باعتباره محاولة لتحدید الوسائل المتاحة للمنظمات الدولیة على اختلاف أنواعها بموجب مواثیقها لتنفیذ الأحکام القضائیة، کما تأتی أهمیة البحث بصورة خاصة بدرجة أساسیة من کون تحقیق العدالة واحترامها من الأهداف الأساسیة للمنظمات الدولیة،الأمر الذی یتطلب معرفة ما یمتلکه التنظیم القضائی الدولی من وسائل تنفیذ جبریة لتنفیذ أحکامها بواسطة المنظمات الدولیة.
نطاق البحث
سیکون نطاق البحث محدداً بدور المنظمات الدولیة فی تنفیذ الأحکام القضائیة الصادرة عن محکمة العدل الدولیة، باعتبارها تمثل السلطة القضائیة الرئیسة للمجتمع الدولی وفقاً لمیثاق منظمة الأمم المتحدة، لذلک سیخرج من نطاق البحث تنفیذ أحکام محاکم التحکیم الدولیة،وأحکام المحاکم الدولیة الجنائیة.
منهجیة البحث
لعرض جمیع المسائل المتعلقة بالبحث فقد اتبعت منهجین،المنهج القانونی التحلیلی والمنهج التطبیقی.
1.المنهج القانونی التحلیلی: وقد اعتمدت على هذا المنهج لتحلیل النصوص الموجودة فی النظام الأساسی لمحکمة العدل الدولیة وفی مواثیق المنظمات الدولیة، التی توضح ما تقوم به المنظمات الدولیة فی مجال تنفیذ أحکام القضاء الدولی.
2. المنهج التطبیقی: لما کان موضوع البحث یتناول تنفیذ الأحکام الدولیة الصادرة عن محکمة العدل الدولیة، لذلک سأسترشد ببعض الأحکام الصادرة عن هذه المحکمة التی تم تنفیذها من خلال تدخل المنظمات الدولیة.
هیکلیة البحث
للإحاطة بکل ما تقدم فقد قسمت البحث على النحو الآتی:
المبحث الأول:ماهیة الحکم القضائی الدولی.
المطلب الأول:تعریف الحکم القضائی الدولی وشروطه .
المطلب الثانی:الأثر القانونی للحکم القضائی الدولی.
المبحث الثانی: تنفیذ الحکم القضائی الدولی بواسطة المنظمات الدولیة.
المطلب الأول:التنفیذ من خلال المنظمات الدولیة العالمیة.
الفرع الأول:تنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة بواسطة عصبة الأمم
الفرع الثانی: التنفیذ بوساطة منظمة الأمم المتحدة.
الفرع الثالث :التنفیذ بوساطة الوکالات الدولیة المتخصصة.
المطلب الثانی: التنفیذ من خلال المنظمات الدولیة الإقلیمیة.
المبحث الأول
ماهیة الحکم القضائی الدولی
إن تحدید مفهوم الحکم القضائی الدولی یتطلب منا تعریفه وبیان شروطه أولا،وتوضیح الآثار المترتبة على صدور الحکم القضائی الدولی ثانیاً.
لذلک سنقسم هذا المبحث إلى مطلبین،الأول لتعریف الحکم القضائی الدولی وشروطه،والثانی لأثر الحکم القضائی الدولی.
المطلب الأول
تعریف الحکم القضائی الدولی وشروطه
الحکم فی مفهوم القضاء الداخلی هو:قرار المحکمة الحاسم للنزاع المعروض أمامها توفیرا للحمایة القضائیة للحق،وتحقیقاً للنتیجة الاجتماعیة والاقتصادیة المبتغاة من رفع الدعوى.
أما فی مفهوم القضاء الدولی فإن الحکم القضائی الدولی عرف بأنه: القرار النهائی الملزم الصادر عن جهة لها ولایة القضاء،وفقاً لاحکام القانون الدولی،متضمناً حسماً لنزاع قانونی دولی.
والملاحظ على هذا التعریف انه واسع جداً بحیث یشمل إلى جانب الأحکام الصادرة عن محکمة العدل الدولیة، کل الأحکام القضائیة الصادرة عن جهات قضائیة لها ولایة القضاء وفقاً لقواعد القانون الدولی العام کالأحکام الصادرة عن محکمة التحکیم الدولیة الدائمة والأحکام الصادرة عن المحاکم الدولیة الجنائیة، لان هذه المحاکم أیضا لها ولایة القضاء بموجب قواعد القانون الدولی العام.
لذلک لا یمکننا الاعتماد على هذا التعریف لتحدید مفهوم الحکم القضائی الدولی الذی ینفذ عن طریق المنظمات الدولیة لان الاعتماد علیه سوف یخرجنا من نطاق البحث الذی حددناه بدور المنظمات الدولیة فی تنفیذ أحکام محکمة العدل الدولیة فقط، وهذا یطلب منا محاولة وضع تعریف یوضح معنى الحکم القضائی الدولی الصادر عن هذه المحکمة.
ولهذا الغرض فأن المقصود بالحکم القضائی الدولی هنا: القرار النهائی البات الصادر عن محکمة العدل الدولیة استناداً إلى قواعد القانون الدولی العام، بشأن نزاع قانونی بین دولتین أو اکثر اتفقتا أو اتفقوا على إحالته إلى المحکمة.
ومن خلال هذا التعریف یمکن القول بأن هناک شروطاً معینة یجب توافرها فی الحکم القضائی الدولی المراد تنفیذه من خلال المنظمات الدولیة وهی:
1.أن یکون الحکم القضائی الدولی صادراً عن محکمة العدل الدولیة الذی یعتبر الجهاز القضائی الرئیسی الذی یتولى مهمة الفصل فی النزاعات القانونیة التی تنشأ بین الدول فی المجتمع الدولی.
2. أن یکون الحکم القضائی الدولی الذی أصدرته المحکمة مستنداً إلى قواعد القانون الدولی العام،وهذه القواعد کما هو معروف هی المعاهدات الدولیة والقواعد الدولیة العرفیة ومبادئ القانون العامة التی أقرتها الأمم المتمدینة،وهذه القواعد تشکل المصادر الأصلیة للقانون الدولی العام،وأحکام المحاکم ومذاهب کبار المؤلفین فی القانون العام فی الدول،التی تشکل المصادر الاحتیاطیة لقواعد القانون الدولی العام،یجوز أن یطبقها القاضی الدولی فی محکمة العدل الدولیة على النزاع المعروض امامه مع مراعاة أحکام المادة (59) من النظام الأساسی.
کما یجوز للقاضی الدولی فی المحکمة أن یصدر الحکم القضائی الدولی وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف متى ما وافق أطراف النزاع على ذلک.( )
3.أن یکون الحکم القضائی الدولی صادراً عن المحکمة بمناسبة وجود نزاع دولی،وقد عرف النزاع الدولی(الخلاف الذی ینشأ بین دولتین على موضوع قانونی،أو حادث معین،أو بسبب تعارض فی مصالحهما الاقتصادیة أو السیاسیة أو العسکریة وتباین حججهما القانونیة بشأنها).( )
کما عرف النزاع الدولی بأنه، الادعاءات المتناقضة بین شخصین قانونیین دولیین أو اکثر،تتطلب تسویتها بموجب قواعد القانون الدولی.( )
ولکن لابد من الاشاره هنا الى أن المنازعات التی تصدر المحکمة بشأنها الأحکام القضائیة الدولیة هی المنازعات الدولیة القانونیة ولیس المنازعات الدولیة السیاسیة حیث إن المنازعات القانونیة فقط هی التی یمکن عرضها على محکمة العدل الدولیة للنظر فیها وفق قواعد القانون الدولی،أما المنازعات الدولیة السیاسیة فلا تنظر فیها المحکمة بل یمکن تسویتها بالطرق الأخرى کالوساطة أو التوفیق.
4. کما أن النزاع القانونی التی تصدر المحکمة فیها الحکم القضائی الدولی،یقتصر على المنازعات القانونیة بین الدول فقط،لان الدول وحدها لها الحق فی أن تعرض نزاعاتها على المحکمة،ولا یجوز للمنظمات الدولیة أن تکون مدعیة أو مدعى علیها أمام محکمة العدل الدولیة، کما لم یعط النظام الأساسی هذا الحق للأفراد الطبیعیین..
5.أن یصدر الحکم القضائی الدولی من محکمة العدل الدولیة فی نزاع أحیل أمامها بإتفاق إرادة أطراف هذا النزاع، لان ولایة المحکمة(الاختیاریة أو الجبریة) فی النظر فی المنازعات القانونیة الدولیة لیست تلقائیة بل لابد من اتفاق الأطراف على إحالتها للمحکمة.
المطلب الثانی
اثر الحکم القضائی الدولی
فی الأنظمة القضائیة الوطنیة یترتب على صدور الأحکام باختلاف أنواعها فی الدعوى المدنیة آثار قانونیة مختلفة، واهم هذه الآثار هی اکتساب الحکم حجیة الآمر المقضی فیه،إذ تعد حجیة الحکم آثرا قانونیاً مهماً للحکم القضائی، وقد قررت التشریعات المختلفة على اعتبارها قرینة قانونیة لاتقبل إثبات العکس،وترجع الحکمة لهذه الحجیة لأمور تتعلق بالمصلحة العامة، إذ لو أجیز لکل خصم خسر دعوى أن یجددها مرة أخرى لتأبدت المنازعات وتعددت الأحکام الصادرة فی نفس النزاع،مما یحتمل تضاربها وابتعاد القضاء عما یجب أن تتوافر له من قدسیة واحترام.
ولم یشذ التنظیم القضائی الدولی عن هذه القاعدة، إذ إن للحکم القضائی الدولی تأثیراً قضائیاً على أطراف النزاع،ویتمثل هذا التأثیر بتمتعه بقوة الإلزام وحجیة الشیء المقضی به، واعتباره دلیلاً قانونیأ.
وهذا هو الحال بالنسبة للأحکام القضائیة الصادرة عن محکمة العدل الدولیة، حیث أن هذه الأحکام هی نهائیة وغیر قابلة للاستئناف.، ویکون لها اثر قانونی فی أطراف النزاع إذ یجب علیهم الالتزام بتنفیذ مضمون هذه الأحکام القضائیة.
وینبغی الاشاره هنا إلى مسألة مهمة وهی، أن مفهوم نهائیة الأحکام القضائیة الصادرة عن محکمة العدل الدولیة ذو طبیعة قانونیة خاصة،أملتها إرادة المجتمع الدولی عند تأسیسه لهذا النظام القضائی،حیث لا یوجد ازدواج فی القضاء الدولی،أو بمعنى آخر لاوجود لمحاکم استئناف أو نقض على النحو المتعارف علیه فی القضاء الداخلی.
ورغم أن الأحکام الصادرة عن محکمة العدل الدولیة هی نهائیة ولا یوجد سبل للطعن فیها من قبل الأطراف إلا أن النظام الأساسی للمحکمة أجاز لأطراف النزاع طلب إعادة النظر فی الحکم عند اکتشاف واقعة حاسمة فی الدعوى،کان یجهلها عند صدور الحکم،کل من المحکمة والطرف الذی یلتمس إعادة النظر،على أن لا یکون جهل الطرف المذکور لهذه الواقعة ناشئاً عن إهمال منه، وفی کل الأحوال یجب تقدیم طلب إعادة النظر فی الحکم خلال فترة ستة اشهر من اکتشاف الواقعة المجهولة، إلا انه لایمکن الاستناد الیها لطلب إعادة النظر بعد مضی عشر سنوات على صدور الحکم.
ولکن لا یؤثر الطلب المقدم لاعادة النظر فی الحکم على تنفیذه، إذ لا یعتبر طلب الإعادة هنا استئنافاً للحکم حتى یوقف تنفیذه، إذ إن من شأن الاستئناف فی النظم القضائیة الوطنیة أن یوقف تنفیذ الحکم لحین البت من قبل محکمة الاستئناف فی طلب الاستئناف إما بتأیید الحکم الصادر من المحکمة المختصة، أو نقض الحکم واعادته للمحکمة المختصة للنظر فیه مرة أخرى،ما لم یکن الحکم مشمولاً بالنفاذ المعجل، حیث لا یؤدی الاستئناف فی هذه الحالة إلى تأخیر التنفیذ،إلا إذا قررت المحکمة عند النظر فی الاستئناف إلغاء القرار الصادر بالنفاذ المعجل.
وهذا ما لایمکن تصوره فی الحکم الصادر عن محکمة العدل الدولیة، فهذا الحکم غیر قابل للاستئناف أساسا مما یعنی انه واجب النفاذ مباشرة ولا یؤدی طلب إعادة النظر فی الحکم لاکتشاف واقعة مجهولة إلى تأخیر تنفیذ الحکم،إذ یجوز للمحکمة أن توجب العمل بحکمها الذی أصدرته، قبل أن تقبل السیر فی إجراءات إعادة النظر.
کما أجاز النظام الأساسی للأطراف طلب تفسیر الحکم النهائی الصادر عن محکمة العدل الدولیة، وذلک فی حالة نشوء نزاع بین الأطراف حول معنى الحکم أو فی مدى مدلوله.
المبحث الثانی
تنفیذ الحکم القضائی الدولی بواسطة المنظمات الدولیة
رغم أن النظام الأساسی لمحکمة العدل الدولیة لم یجز للمنظمات الدولیة أن تکون طرفاً فی الدعاوى المرفوعة أمام المحکمة سواء أکانت مدعیة أم مدعى علیها،فالدول کما قلنا هی التی خصها نص المادة (34) فی أن تکون - إن أرادت - أطرافا یمکنها التقاضی أمام المحکمة،وهذا هو الاختصاص القضائی الشخصی للمحکمة.
إلا أن المنظمات الدولیة یمکن أن تؤدی دوراً کبیراً فی تنفیذ الأحکام القضائیة الصادرة عن المحکمة، وهذا الدور غیر قاصر على المنظمات الدولیة العالمیة، کمنظمة الأمم المتحدة التی تشکل المحکمة الجهاز القضائی الرئیسی فیها،أو الوکالات الدولیة المتخصصة التابعة لها، بل للمنظمات الدولیة الإقلیمیة دور لا یستهان به فی هذا الإطار.
ولغرض توضیح دور المنظمات الدولیة فی تنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة، سأقسم هذا المبحث إلى مطلبین،الأول لدور المنظمات الدولیة العالمیة فی التنفیذ،والثانی لدور المنظمات الدولیة الإقلیمیة فی التنفیذ.
المطلب الأول
التنفیذ من خلال المنظمات الدولیة العالمیة
المنظمات الدولیة العالمیة هی المنظمات التی تکون فیها العضویة مفتوحة لکل دول العالم،حیث یجوز لکل دولة تتعهد باحترام الالتزامات الواردة فی مواثیق هذه المنظمات وتنفیذها بحسن نیة أن تقدم طلباً للانضمام لعضویتها،ومن ابرز الأمثلة على هذا النوع من المنظمات الدولیة منظمة عصبة الأمم و منظمة الأمم المتحدة والوکالات الدولیة التابعة لها،ونتیجة للعضویة الواسعة فی هذه المنظمات وما تمتلکه من أجهزة متنوعة وسلطات قویة فإنها تؤدی دوراً کبیراً فی تنفیذ أحکام القضاء الدولی،وسنوضح ذلک فی ثلاثة فروع،الأول نبین فیه الآلیة التی کانت متبعة من خلال عصبة الأمم لتنفیذ أحکام محکمة العدل الدولیة الدائمة،والفرع الثانی نبین فیه آلیة التنفیذ من خلال أجهزة منظمة الأمم المتحدة بالنسبة لأحکام محکمة العدل الدولیة،والفرع الثالث لتنفیذ أحکام محکمة العدل الدولیة بوساطة الوکالات الدولیة المتخصصة.
الفرع الأول
تنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة بوساطة عصبة الأمم
عولجت مسألة تنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة لأول مرة فی عهد عصبة الأمم،حیث أشارت المادة(13/4) من عهد العصبة إلى انه فی حالة عدم تنفیذ حکم صادر عن محاکم التحکیم،أو حکم صادر عن محکمة العدل الدولیة الدائمة، فإن مجلس العصبة یقترح الإجراءات الکفیلة بضمان تنفیذه.
کما أشارت المادة (12/1) من عهد العصبة إلى انه(یتعهد الأعضاء أیضا بعدم اللجوء إلى الحرب قبل مضی ثلاثة اشهر بعد صدور الحکم).
وکانت تلک المرة الأولى فی تاریخ القانون الدولی التی یوجد فیها جهاز دولی مخول بسلطة تنفیذ الأحکام الدولیة، فلکی یکون عهد عصبة الأمم منطقیاً فی حظر اللجوء إلى الحرب فلابد من أن یقضی على مسببات تلک الحرب ومنها انتهاک حجیة الحکم الدولی وعدم الامتثال له وتنفیذه.
ویفهم من نص المادة (13/4) أن هناک إجراءات قد تتخذ من مجلس العصبة لتنفیذ الحکم بالقوة فی العلاقات الدولیة، ولکن یبین العهد ماهی الإجراءات التی یقترحها وهو یقوم بتنفیذ حکم قضائی دولی، ولکن یمکن القول إنها تتمثل بالضغوط السیاسیة من شجب وإدانة أو الدعوة إلى إجراء مفاوضات بشان النزاع بین الطرفین،أو اتخاذ إجراءات قسریة مثل إجراءات المقاطعة الاقتصادیة والجویة،وقطع العلاقات الدبلوماسیة وتجمید ووقف العضویة فی المنظمة، واخیرا قد یصل الآمر إلى استخدام القوة العسکریة لتنفیذ الحکم.
ویمکن إن ندون ملاحظتین بخصوص تنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة وفقا لعهد عصبة الأمم ، هما:
1. إجراءات المجلس فی هذا الصدد قاصرة على الاقتراح، وقد انتقد هذا اللفظ حیث انه یفید أن المجلس لا یقدم إلا اقتراحات غیر ملزمة فی حالة عدم تنفیذ الأحکام الدولیة،والاقتراح له قیمة أدبیة یأخذ شکل التوصیة وهی لا تتمتع بقوة إلزامیة ولذلک من العجب أن توصیة لا تتمتع بقوة إلزامیة تحاول تنفیذ حکم یتمتع بقوة إلزامیة رفضت الدولة الخاسرة فی الدعوى تنفیذه.
2. إن الإجراءات التی یقترحها المجلس بصدد تنفیذ الحکم القضائی الدولی إذا کانت تنطوی على استخدام القوة العسکریة ضد الطرف الممتنع عن تنفیذ الحکم قد یکون إجراءا جماعیا بواسطة أعضاء المنظمة أو فردیا بواسطة الدولة التی صدر الحکم القضائی الدولی لمصلحتها، وفی کلتا الحالتین واستنادا إلى المادة (12/1) لایمکن اللجوء إلى الحرب کوسیلة لتنفیذ الحکم إلا بعد مرور ثلاثة اشهر من صدور حکم التحکیم أو القضاء أو تقریر المجلس.
وتجدر الاشاره هنا الى أن المجلس لم یمارس سلطته فی تنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة الصادرة عن محکمة العدل الدولیة الدائمة إذ إن جمیع الأحکام التی صدرت فی تلک المدة تم تنفیذها من أطراف النزاع عدا قضیة السفینة ویمبلدون بین فرنسا وألمانیا عام 1923 بخصوص حق المرور فی قناة کییل امتنعت ألمانیا عن تنفیذ الحکم الصادر لمصلحة فرنسا، ولکن لم یتم إحالة الحکم إلى المجلس لتنفیذه،أما بشان تنفیذ أحکام محاکم التحکیم الدولیة فهناک العدید من هذه الأحکام کان للمجلس دور فی تنفیذها.
الفرع الثانی
التنفیذ بوساطة منظمة الأمم المتحدة
لمنظمة الأمم المتحدة دور کبیر فی تنفیذ أحکام محکمة العدل الدولیة، حیث إن هذه المنظمة قد جعلت من بین المسائل التی تسعى إلى الاضطلاع بها(تحقیق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات الدولیة وغیرها من مصادر القانون الدولی).
إن امتلاک منظمة الأمم المتحدة للوسائل التی بوساطتها ترغم الدول على تنفیذ القرارات التی تتخذها فی حدود اختصاصها،وقدرتها على توقیع الجزاءات الاقتصادیة أو العسکریة على الدول التی تنتهک المیثاق یساعد بدرجة کبیرة على وضع أحکام محکمة العدل الدولیة موضع التطبیق الفعلی، إذ انه فی حالة امتناع الطرف الصادر ضده حکم المحکمة أجاز المیثاق للطرف الذی صدر لمصلحته الحکم اللجوء إلى المنظمة الدولیة وفروعها من اجل تنفیذ الحکم الصادر جبراً من خلال وسائل الاکراة المذکورة فی المیثاق.
حیث نصت المادة (94) من المیثاق على انه (1-یتعهد کل عضو من أعضاء"الأمم المتحدة" أن ینزل على حکم محکمة العدل الدولیة فی أیة قضیة یکون طرفاً فیها.2-إذا امتنع أحد المتقاضین فی قضیة ما عن القیام بما یفرضه علیة حکم تصدره المحکمة،فللطرف الآخر أن یلجأ إلى مجلس الأمن،ولهذا المجلس،إذا رأى ضرورة لذلک أن یقدم توصیاته أو أن یصدر قراراً بالتدابیر التی یجب اتخاذها لتنفیذ هذا الحکم.) .
ومن خلال الاطلاع على محتوى المادة(94) یتبین لنا الآتی:
1.إنها قصرت الأحکام القضائیة الدولیة التی یمکن أن تنفذ بوساطة منظمة الأمم المتحدة على الأحکام الصادرة عن محکمة العدل الدولیة واستبعدت بذلک من مجال التنفیذ الأحکام الدولیة الصادرة عن محاکم التحکیم الدولیة، وصراحة المادة المذکورة فی الإشارة إلى أحکام محکمة العدل الدولیة هو الذی یدعونا إلى عدم تأیید الرأی القائل بان مفهوم النص یمتد لیشمل أحکام کل من القضاء والتحکیم الدولیین.،وعدم تأییدنا لهذا الرأی کان وراء تحدیدنا لنطاق البحث بتنفیذ أحکام محکمة العدل الدولیة فقط دون أحکام محاکم التحکیم الدولیة إذ أشرنا إلى ذلک فی مقدمة البحث.
2. لما کان تنفیذ الحکم الصادر عن محکمة العدل الدولیة فی هذه الحالة یحتاج إلى اتخاذ إجراءات قسریة قد تصل إلى حد استخدام القوة ضد الطرف الممتنع عن تنفیذ الحکم،کان من الطبیعی إذن أن یوکل المیثاق مهمة تنفیذ الأحکام القضائیة الصادرة عن محکمة العدل الدولیة إلى مجلس الأمن الدولی لانه الجهاز الذی له حق القیام بالإجراءات التنفیذیة،ولکن هذا لایعنی أن لا یکون للجمعیة العامة دور فی هذا الإطار حیث إن الولایة العامة للجمعیة على المسائل التی تدخل فی نطاق المیثاق،یعطیها الحق فی القیام بتنفیذ أحکام محکمة العدل الدولیة، وهذا یعنی أن الإجراءات اللازمة لتنفیذ الحکم الصادر عن محکمة العدل الدولیة قاصرة على أجهزة منظمة الأمم المتحدة ولا یجوز للدولة التی صدر الحکم لمصلحتها أن تقوم هی بتنفیذ الحکم من خلال اللجوء إلى الحرب على غرار ما کان معمولاً به فی ظل عهد عصبة الأمم.
أولا: دور مجلس الآمن فی التنفیذ:
مجلس الأمن الدولی هو الجهاز الذی یضطلع بالمسئولیة الرئیسیة فی الحفاظ على الأمن والسلم الدولیین،والمجلس یعمل فی کل التصرفات التی یقوم بها بالنیابة عن بقیة أعضاء الأمم المتحدة استناداً إلى نص المادة (24) من المیثاق إذ نصت على(رغبة فی أن یکون العمل الذی تقوم به الأمم المتحدة سریعاً وفعالاً،یعهد أعضاء تلک الهیئة إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئیسیة فی أمر حفظ الأمن والسلم الدولی،ویوافقون على أن هذا المجلس یعمل نائباً عنهم فی قیامه بواجباته التی تفرضها علیه هذه التبعات).
کما أن القرارات الصادرة عن هذا الجهاز واجبة الاحترام والتنفیذ من قبل الدول الأعضاء فی الأمم المتحدة، لأنها سبق أن تعهد بذلک عند انضمامها إلى هذه المنظمة.
ولعل أهمیة هذا الجهاز وما یمتلکه من وسائل تنفیذیة لإجبار الدول الأعضاء على الالتزام ببنود المیثاق،وفرض الجزاءات علیهم فی حالة الإخلال بالالتزامات التی سبق أن التزمت الدول بها عند انضمامها للأمم المتحدة، هو السبب وراء إعطاء هذا الجهاز الدور الأکبر فی عملیة تنفیذ الأحکام القضائیة الصادرة عن محکمة العدل الدولیة فی حالة امتناع أحد أطراف النزاع عن تنفیذه بحسن نیة.
ولکن تثار هنا بعض التساؤلات بشأن سلطة مجلس الأمن الدولی فی تنفیذ أحکام محکمة العدل الدولیة وهی: 1-متى یتدخل المجلس لتنفیذ حکم المحکمة وهل یجوز للمجلس أن یتدخل من تلقاء نفسه فی حال امتناع دولة معینة عن تنفیذ حکم المحکمة؟ 2-هل إن سلطة المجلس تقتصر على تنفیذ الأحکام النهائیة الصادرة عن المحکمة أم یشمل کذلک تنفیذ الأوامر التحفظیة الصادرة عن المحکمة؟ 3-ما هی قواعد التصویت المتبعة داخل المجلس لإصدار القرارات اللازمة لتنفیذ أحکام المحکمة؟ 4-ماهی الإجراءات المتاحة لمجلس الأمن الدولی التی یمکن أن یتخذها وهو بصدد تنفیذ حکم المحکمة؟
أما التساؤل الأول، فإنه من المعلوم أن مجلس الأمن الدولی هو الجهاز الذی یسهر على حفظ الأمن والسلم الدولیین،وقد زوده میثاق الأمم المتحدة فی سبیل تحقیق هذا الهدف بسلطة التدخل لتفحص أی نزاع أو موقف یهدد هذا الهدف، ونتیجة لذلک أصبحت هناک حالات عدیدة یتدخل فیها المجلس إذا رأى أن فیها تهدیداً للسلم والأمن الدولیین، دون أن یشکل هذا التدخل إخلالا بنص الفقرة(7) من المادة(2) من میثاق المنظمة.، کتدخل مجلس الأمن الدولی لوضع حد للعدوان الواقع من دولة أو مجموعة دول على دولة أو مجموعة دول أخرى، وتدخل المجلس لوضع حد للنزاعات الأهلیة داخل أراضی دولة معینة یخشى أن تتفاقم لتهدد الأمن والسلم الدولیین فی المنطقة الجغرافیة المجاورة، وتدخل مجلس الأمن لوضع حد للانتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان على أراضی دولة معینة (حیث إن هناک فی میثاق الأمم المتحدة فکرة الارتباط بین حمایة حقوق الإنسان وهدف حفظ الأمن والسلم الدولیین)، وهو ما یسمى بالتدخل لمصلحة الإنسانیة (التدخل الإنسانی).
وتدخل مجلس الأمن الدولی بموجب المادة (94) من المیثاق لتنفیذ الحکم الصادر عن محکمة العدل الدولیة هی صورة أخرى تضاف إلى صور التدخل السابقة،ولکن هناک فرق کبیر بین الصور السابقة لتدخل المجلس وصورة التدخل بموجب المادة(94) التی نحن بصددها الآن، ویتمثل هذا الفرق فی انه فی الصور الأخرى للتدخل هناک التزام على مجلس الأمن الدولی بالتدخل لوضع حد لأی نزاع أو موقف یهدد الأمن والسلم الدولیین استنادا إلى المادة(34) من المیثاق التی تنص على انه(لمجلس الأمن أن یفحص أی نزاع أو موقف یؤدی إلى احتکاک دولی أو قد یثیر نزاعا،لکی یقرر ما إذا کان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن یعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولی)، کالعدوان أو النزاعات الداخلیة أو انتهاکات حقوق الإنسان، إما تدخل مجلس الأمن الدولی لتنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة الصادرة عن محکمة العدل الدولیة، فلیس هناک التزام على مجلس الأمن بالتدخل ولا یتدخل المجلس من تلقاء نفسه بل إنه بعد لجوء الدولة التی صدر لمصلحتها حکم المحکمة من جراء امتناع الطرف الأخر عن التنفیذ والطلب من المجلس تنفیذ الحکم جبرا،عند ذلک یتفحص المجلس الطلب ویقرر التدخل من عدمه، وهذا یعنی أن لمجلس الأمن الدولی سلطة تقدیریة واسعة فی هذا الصدد، وهو ما أشارت الیه الفقرة الثانیة من المادة(94) بنصها(إذا رأى ضرورة لذلک)،ولاشک أن هذه السلطة التقدیریة لمجلس الأمن الدولی فی التدخل من عدمه هو محل انتقاد قد یؤدی إلى عدم تطبیق العدالة،ونحن نؤید الرأی القائل بأن تخویل مجلس الأمن الدولی السلطة التقدیریة بالتدخل أو الامتناع عن التدخل من اجل تنفیذ أحکام المحکمة من شأنه إضعاف المحکمة،وإضعاف لدور المجلس فی تنفیذ الأحکام الدولیة لأنه سیخضع للأهواء والرغبات السیاسیة للدول الکبرى التی تهیمن على المجلس وهی تجد الفرصة سانحة أمامها بوجود نص یلزم مجلس الأمن بالتدخل، لذا کان یجب إلزام المجلس بالتدخل لتنفیذ الأحکام الدولیة إذا ما تقدم دولة معینة بطلب إلى المجلس لتنفیذ الحکم الصادر لمصلحتها.
أما ما یتعلق بالتساؤل الثانی، هل إن سلطة مجلس الأمن یتعلق بتنفیذ الأحکام النهائیة الصادرة عن المحکمة أم یشمل کذلک الأوامر التحفظیة (التدابیر المؤقتة)، ویقصد بالأوامر التحفظیة: إجراء تلجأ الیه محکمة العدل الدولیة (استنادا إلى المادة(41/1) من النظام الأساسی للمحکمة) لحمایة حق یشکل عنصرا من عناصر موضوع الدعوى المطلوب الفصل فیه،ویترتب على هذا الإجراء أن المدعى علیه یبقى حقه قائما فی إبداء دفوعه واعتراضاته المتعلقة باختصاص المحکمة للنظر فی أساس الدعوى.
ولکی تقرر المحکمة هذه التدابیر المؤقتة یجب توافر عدة شروط:1-یجب أن تکون المحکمة مختصة أول وهلة بالنزاع.2-یجب أن تتأکد المحکمة من وجود ضرر لایمکن إصلاحه أو علاجه إذا لم تقرر هذه التدابیر المؤقتة.3-یتطلب الأمر بهذه التدابیر المؤقتة أن یکون عاجلا وان یکون ضروریا لمنع تفاقم أو اتساع النزاع.
ونذکر هنا على سبیل المثال،الإجراءات التحفظیة الصادرة التی أمرت بها محکمة العدل الدولیة فی قضیة شرکة البترول الانکلوایرانیة فی 28/9/1951، والأمر الصادر عن المحکمة فی القضیة المتعلقة بتطبیق اتفاقیة إبادة الجنس،المرفوعة من دولة البوسنة والهرسک ضد یوغسلافیا(صربیا والجبل الأسود) فی 8/4/1993.
وقد أثیرت مسألة مدى شمول مدلول المادة(94) للأوامر المؤقتة، وهل یجوز لمجلس الأمن تنفیذ هذه الأوامر لأول مرة عام 1951 فی قضیة شرکة البترول الانکلوایرانیة،حیث تقدمت بریطانیا بطلب إلى مجلس الأمن الدولی لتنفیذ الأمر الصادر عن محکمة العدل الدولیة لصالحها،واستندت إلى المادة(94/2) مدعیة أنها تشمل ضمنا الأوامر التحفظیة،وان هناک علاقة عضویة بین تنفیذ الأوامر التحفظیة و تنفیذ الحکم النهائی،بینما رأت إیران أن المادة(94/2) تقتصر على تنفیذ الحکم النهائی.
ولکن المشکلة انه لم یتم البت فی مدى امتداد سلطة مجلس الأمن الدولی إلى تنفیذ الأوامر التحفظیة الصادرة عن المحکمة، حیث إن تمسک کل من بریطانیا وإیران بتفسیرهما للمادة(94) أدى بمجلس الأمن إلى إرجاء التصویت على الطلب المقدم من بریطانیا،فی انتظار الحکم النهائی للمحکمة،وعندما حکمت المحکمة فی 22/7/1952 بعدم اختصاصها فی الدعوى،لم یعد هناک مبرر للتفکیر بتنفیذ الأوامر التحفظیة ومدى شمول المادة (94) لهذه الأوامر.
وإذا کان الخلاف بین الدول لم یتم حسمه بشان سلطة مجلس الأمن فی تنفیذ الأوامر التحفظیة، فأن المسألة محل خلاف أیضا على صعید الفقه الدولی ،حیث إن هناک رأیاً یذهب إلى أن المادة(94/2) تشمل تنفیذ حکم المحکمة وکذلک تنفیذ مایصدر من أوامر بالإجراءات التحفظیة مادام تطبیقها ضروریا من اجل المحافظة على الحق محل الدعوى،وحتى لا یستحیل تنفیذ الحکم النهائی،ویستند أصحاب هذا الرأی الى المادة (41) من النظام الأساسی لمحکمة العدل الدولیة التی تنص على انه( 1- للمحکمة أن تقرر التدابیر المؤقتة التی یجب اتخاذها لحفظ حق کل من الأطراف،وذلک متى رأت أن الظروف تقضی بذلک.2-إلى أن یصدر الحکم النهائی یبلغ فورا أطراف الدعوى ومجلس الأمن نبأ التدابیر التی یرى اتخاذها.)،وإلزام الفقرة(2) من المادة(41) المحکمة بإخطار مجلس الأمن بالتدابیر المؤقتة التی أمرت بها دلیل على أهمیة الإجراءات التحفظیة وأنها تتمتع بقوة إلزامیة.
أما الرأی الثانی فیذهب إلى القول، إن الأمر أو الحکم الوقتی لیس حکماً ولا قراراً فی نزاع،ولیس له قوة الأمر المقضی ولا الصفة الإلزامیة التی للحکم المشار الیه فی المادة(94) من المیثاق،ولو کان لمثل هذه الأوامر الوقتیة صفة ملزمة لوجب على الذین صاغوا النصوص أن یذکروها صراحة،لکن اقتصارهم على کلمة(حکم) یؤید انهم قصدوا الحکم النهائی الملزم الذی یضع حدا للنزاع بین المتقاضین ویرتب نتائج قانونیة فی مواجهتهما.
ونحن بدورنا نؤید الرأی الثانی،لانه حسب اعتقادنا أن التفسیر السلیم لنص المادة (94) یدل على أن سلطة مجلس الأمن تقتصر على تنفیذ الأحکام النهائیة الصادرة عن المحکمة، ولا یجوز التوسع فی مفهوم هذا النص وإعطاء المجلس سلطة إضافیة لم تعطه إیاها المادة (94)، إما ما قیل بشأن الفقرة (2) من المادة (41) من النظام الأساسی وضرورة أن تقوم المحکمة بإخطار مجلس الأمن بالتدابیر المؤقتة التی أمرت بها، فلا نعتقد أنها یمکن أن تکون أساسا لمنح المجلس هذه السلطة لان الأخطار هنا قد یکون بغرض إحاطة المجلس بالتدابیر المؤقتة التی أمرت بها المحکمة حتى یکون على علم بها مستقبلا إذا قام بتنفیذ الحکم النهائی فی الدعوى، ونقترح حسماً للخلاف أن یکون هناک تعدیل فی نص المادة (94) من المیثاق بحیث یتم إضافة کلمة التدابیر المؤقتة إلى جانب کلمة الحکم الواردة فی فقرتی هذه المادة، وعند ذلک فقط سیکون فی مقدور الدولة التی أمرت المحکمة لها بتدابیر مؤقتة أن تلجأ إلى مجلس الأمن الدولی لکی تجبر الطرف الثانی فی الدعوى على تنفیذ هذه التدابیر.
وأما التساؤل الثالث،حول ماهی القواعد المتبعة داخل مجلس الأمن لإصدار القرارات اللازمة لتنفیذ الحکم الصادر عن محکمة العدل الدولیة،فأن المسألة هنا فی غایة الدقة والخطورة، والخطورة تکمن فی طبیعة نظام التصویت داخل هذا المجلس حیث هناک عضویة دائمة لدول خمس کبرى مع تمتعهم بحق الاعتراض(الفیتو) من ناحیة، وعدم وجود معیار محدد یمکن الاعتماد علیه للتمییز بین المسائل الإجرائیة، والمسائل الموضوعیة (التی یمکن استخدام حق الفیتو ضدها) التی ینظر فیها مجلس الأمن الدولی وهل مسألة تنفیذ حکم صادر عن المحکمة هی مسألة موضوعیة أم إجرائیة؟
لقد حددت المادة (27) نظام التصویت المعمول به فی مجلس الأمن لإصدار القرارات فی المسائل المعروضة علیه حیث نصت على انه(1- یکون لکل عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد.2-تصدر قرارات مجلس الأمن الدولی فی المسائل الإجرائیة بموافقة سبعة من أعضائه.3-تصدر قرارات مجلس الأمن فی المسائل الأخرى کافة بموافقة سبعة من أعضائه،یکون من بینها أصوات الأعضاء الدائمین متفقة،بشرط انه فی القرارات المتخذة تطبیقا لأحکام الفصل السادس والفقرة 3 من المادة 52 یمتنع من کان طرفا فی النزاع عن التصویت.(نظرا لزیادة عدد الدول الأعضاء فی مجلس الأمن الى15 دولة فان الأغلبیة اللازمة لإصدار القرارات هی 9اصوت بدلا من 7).
أن المادة (27) بشأن نظام التصویت داخل المجلس هی مادة مبهمة، إذ إنها لم تبین ماهی المسائل الموضوعیة،وماهی المسائل الإجرائیة،وعدم وجود معیار للتمییز بین هذه المسائل قد یؤدی إلى خضوع نظام التصویت إلى تأثیر الاعتبارات السیاسیة.
کما أن المذکرة الصادرة عن الدول الکبرى فی 7 حزیران1945 لم تتضمن أی تحدید عن المقصود بالمسائل الموضوعیة، وأعطت هذه المذکرة امتیازاً أخر للدول الکبرى إذ اعتبر أن تکییف ماهیة المسائل المعروضة على المجلس لتقریر ما إذا کانت موضوعیة أو إجرائیة أمر یقرره المجلس،والتکییف ذاته مسالة موضوعیة،أی لابد من أن یتم التصویت بشأنه بأغلبیة تسعة أعضاء یکون من بینها أصوات (الخماسی الممتاز).
وبفضل مسالة التکییف هذه ینشأ ما یعرف باسم حق الاعتراض المزدوج،حیث تستطیع الدولة الدائمة استعمال حق الاعتراض سواء عند البحث فی موضوع التکییف أو عند دراسة الموضوع ذاته، وبذلک یکون للاعتراض المزدوج صورتان:الصورة الأولى تظهر فی حالة اعتراض العضو الدائم على الصفة الإجرائیة لمسالة معروضة على المجلس،هذا الاعتراض یجعل المسالة المشار إلیها مسالة غیر إجرائیة أی موضوعیة،وبالتالی یتعین إجماع الأعضاء الدائمین بشأنها وعندما یبدأ التصویت على تکییف المسالة یعود العضو المذکور إلى استعمال حق الاعتراض مرة ثانیة بمقولة أن المسالة موضوعیة،أما الصورة الثانیة، فهی اعتراض العضو الدائم لیس على تکییف المسالة ولکن على القرار الصادر بشأنها بحجة أن المسالة موضوعیة ومن ثم لا یجوز صدور أی قرار،وعند عرض المسالة للتکییف یستعمل حق الاعتراض مرة ثانیة،إذا کان هناک اتجاه عند المجلس على اعتبارها مسالة إجرائیة.
کما ازدادت المشکلة تعقیداً بعد عدم توضیح النظام الداخلی لمجلس الأمن الدولی أیضا ما المقصود بالمسائل الموضوعیة والمسائل الإجرائیة، حیث إن النظام الداخلی أحال بدورة مسالة التصویت ومشاکله إلى ما هو معمول به من نصوص فی میثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسی لمحکمة العدل الدولیة.
وإزاء هذا الوضع السائد فی نظام التصویت داخل مجلس الأمن الدولی یثار هنا سؤال یتعلق بموضوع البحث هو، هل مسألة تنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة هی مسألة موضوعیة أم مسألة إجرائیة؟
الحقیقة انه فی غیاب النص القانونی فی میثاق الأمم المتحدة الذی یضع المعیار الدقیق للتمییز بین المسائل الموضوعیة والإجرائیة، حاول الفقه الدولی الذی تناول بالشرح مسألة تنفیذ الأحکام الدولیة الصادرة عن محکمة العدل الدولیة من خلال مجلس الأمن أن یضع جواباً لهذا السؤال، ولدى اطلاعنا على عدة آراء لکتاب القانون الدولی تبین لنا أن الرأی السائد لدیهم أن المسائل التی تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن الدولی وفقاً للمادة(94/2) تعد من المسائل الموضوعیة،وبالتالی فإن الدول دائمة العضویة لابد ان توافق على مشروع القرار حتى یصبح قرارا ملزماً،ومن حقها أیضاً إذا کانت طرفاً فی النزاع أو متورطة فیه بشکل أو آخر أن تستخدم حق الاعتراض وفقاً للمادة (27/3) من المیثاق،وتمنع بالتالی صدور أی قرار لیس فی مصلحتها أو فی مصلحة الدول الموالیة لها.
وقد أثبتت الممارسة الواقعیة داخل مجلس الأمن الدولی فیما یتعلق بسلطة مجلس الأمن استنادا إلى المادة(94/2) صحة الرأی الثانی، ففی قضیة الأنشطة العسکریة وشبه العسکریة فی نیکاراغوا وضدها عام1986،أصدرت محکمة العدل الدولیة حکمها فی 27/6/1986، لمصلحة نیکاراغوا ضد الولایات المتحدة أدانت فیه المحکمة الولایات المتحدة بخمسة مخالفات للقانون الدولی العام، وهی جریمة شن العدوان ،وانتهاک قاعدة القانون الدولی الثابتة والمستقرة عرفاً والتی تمنع التدخل فی الشؤون الداخلیة للدول الأخرى، وانتهاک حرمة السیادة الإقلیمیة لدولة نیکاراغوا، وانتهاک مبادئ القانون الدولی الإنسانی، وهدم قدسیة المعاهدات والمواثیق الدولیة،وحملت المحکمة الولایات المتحدة مسؤولیة الضرر التی تعرضت له نیکاراغوا وألزمتها بالتعویض .
وبسبب امتناع الولایات المتحدة عن تنفیذ حکم المحکمة لجأت نیکاراغوا إلى مجلس الأمن الدولی مطالبة المجلس بتنفیذ الحکم استنادا إلى المادة(94/2) من المیثاق، ولکن الفیتو الأمریکی أجهض مشروع القرار التی تقدمت به نیکاراغوا إلى مجلس الأمن ولم یلد القرار على أثر ذلک.
ولاشک أن استخدام الفیتو ضد قرار مجلس الأمن الدولی لعرقلة تنفیذ الحکم القضائی الدولی الصادر عن محکمة العدل الدولیة هو إخلال کبیر بقیم العدالة،واعتداء صارخ على مبدأ حجیة الأحکام القضائیة الدولیة، کما أن هذا یخالف قاعدة(لایجوز لأحد أن یکون قاضیاً فی دعواه أو أن یجمع بین صفة الخصم والحکم فی آنٍ واحد).
ونعتقد أن اعتبارات تحقیق العدالة وإلزام الدول بالأحکام الدولیة وحتى تتحق الفائدة من نص المادة (94) من المیثاق یتطلب الأمر الأخذ بإحدى الاقتراحین، أما أن یکون تکییف المسائل المتعلقة بتنفیذ الحکم القضائی الدولی هی أنها من المسائل الإجرائیة التی یحتاج إصدار القرار بشأنها من المجلس تسعة أصوات لا یشترط أن یکون من ضمنها الخمسة الدائمین، أو أن تستبعد الدولة التی هی طرف فی الحکم المراد تنفیذه من قبل المجلس من التصویت على مشروع القرار المقدم بخصوص تنفیذ الحکم القضائی الدولی حتى إذا کانت دولة دائمة العضویة.
وأخیراً فیما یتعلق بإلاجراءات المتاحة لمجلس الأمن الدولی وهو بصدد تنفیذ حکم قضائی صادر عن محکمة العدل الدولیة،لآن طبیعة هذه الإجراءات ونوعها کانت محل خلاف أیضا،فمن المعلوم أن مجلس الأمن الدولی یمتلک سلطات واسعة بموجب الفصلین السادس والسابع من المیثاق باعتباره الجهاز التنفیذی فی منظمة الأمم المتحدة، ویستطیع المجلس فی حالات تهدید الأمن والسلم الدولیین أن یستخدم جمیع السلطات الممنوحة له بموجب الفصلین المذکورین للحفاظ على الأمن والسلم الدولیین أو إعادتهما إلى نصابهما فی حاله خرقهما، ولکن اختلفت الآراء حول الإجراءات التی یمکن للمجلس اللجوء إلیها وهو بصدد تنفیذ حکم قضائی صادر عن محکمة العدل الدولیة،وظهرت عدة آراء فی هذا الصدد.
فهناک رأی یذهب إلى القول إن الإجراءات التی یمکن لمجلس الأمن اللجوء إلیها فی هذه الحالة تکون قاصرة على وسائل الضغط غیر العسکریة حیث یکمن لجوء المجلس هنا إلى الوسائل التی قررها المیثاق،کقطع المواصلات جزئیا أو بصورة کاملة،وقطع العلاقات الدبلوماسیة،وفرض عقوبات اقتصادیة.
ومن أنصار هذا الرأی الفقیه کوکنهایم الذی یرى أن الجزاءات الاقتصادیة والعسکریة تطبق فی الحالات الواردة فی المادة 39 من المیثاق وهی تهدید الأمن والسلم الدولیین أو خرقهما بسبب أعمال عدوانیة وهذه الجزاءات لا تطبق فی حالة عدم تنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة لأنها لاتدخل ضمن أحد المواقف المنصوص علیها فی المادة39 من المیثاق.
وقریب من هذا الرأی أیضا التفسیر الأمریکی لنص المادة 94/2 ،إذ ذکر ممثل وزارة الخارجیة الأمریکیة أمام الکونجرس عام1945 بمناسبة التصدیق على میثاق الأمم المتحدة،أن المجلس لا یستطیع اتخاذ إجراءات وفقاً للمادة 94/2 إلا إذا ثبت لدیه أولا أن عدم تنفیذ الحکم یهدد السلام والأمن الدولیین وفقاً للفصل السابع والسادس من المیثاق.
ولکن رغم أننا نؤمن بان عدم احترام الأحکام الصادرة عن المحکمة قد تؤدی إلى زعزعة العلاقات بین الدول وإثارة النزاعات التی قد تؤدی إلى تهدید الأمن والسلم الدولیین إلا أننا نعتقد فی نفس الوقت عدم صحة الرأی الذی یشترط لتدخل المجلس لتنفیذ الحکم الدولی وجود تهدید للأمن والسلم الدولیین لانه یتناقض مع مضمون المادة 94/2 التی تنص على(2- إذ امتنع أحد المتقاضین فی قضیة ما عن القیام بما یفرضه علیه حکم تصدره المحکمة،فللطرف الأخر أن یلجأ لمجلس الأمن،ولهذا المجلس إذا رأى ضرورة لذلک،أن یقدم توصیاته،أو أن یصدر قرارا بالتدابیر التی یجب اتخاذها لتنفیذ هذا الحکم).
إذن لا یوجد أی ربط بین تنفیذ الأحکام الصادرة عن المحکمة وتهدید الأمن والسلم الدولیین، ولایوجد سبب واحد معقول ولامبدأ عام یبرر مثل هذا التفسیر الضیق الذی یحد من حق مجلس الأمن فی التصرف من اجل تطبیق المادة(94/2) ،فمن حق المجلس ان یتخذ الإجراءات المناسبة لوضع حکم المحکمة موضع التطبیق الفعلی بحیث یفرض احترام الحکم على الدولة الممتنعة عن التنفیذ حتى فی الحالات التی لیس فیها تهدید للأمن والسلم الدولیین.
وفی هذا الإطار یحق لمجلس الأمن أن یمارس جمیع السلطات الممنوحة له بموجب الفصلین السادس والسابع من المیثاق، فله أن یصدر التوصیات إلى أطراف النزاع یدعوهم فیها إلى التفاوض من اجل التوصل إلى وسائل وطرق للتنفیذ وحل یرضی جمیع الأطراف،ویؤدی إلى التوفیق بین وجهات نظر الأطراف المتنازعة ویؤدی إلى تحقیق العدالة.
کما من حق المجلس أن یلجأ إلى وسائل الإکراه لإجبار الدولة الممتنعة عن التنفیذ على احترام الحکم،کقطع العلاقات الدبلوماسیة والاقتصادیة وجمیع وسائل المواصلات مع الدولة الجویة والبریة والبحریة قطعاً کلیاً أو جزئیاً، ویمکن أن یصل الأمر بالمجلس إلى استخدام القوة لوضع حکم المحکمة موضع التطبیق الفعلی.
وتجدر الاشاره إلى أن مجلس الأمن یتمتع وفقاً للمادة(94/2) والمواد 39،41،42 بسلطة تقدیریة فی تطبیق الإجراءات التی یراها مناسبة ولهذا فهو یستطیع التدرج فی هذه الإجراءات ویبدأ من التوصیات غیر الملزمة ومروراً بالمقاطعة السیاسیة والدبلوماسیة والاقتصادیة إلى اتخاذ الجزاءات العسکریة حتى تقبل الدولة بالشرعیة الدولیة وتنفیذ الالتزامات الواردة فی الحکم وبدون ذلک فلن تکون هناک جدوى من المادة(94/2) ولن تشکل ضمانة فی تنفیذ أحکام محکمة العدل الدولیة.
ثانیاً: دور الجمعیة العامة فی التنفیذ:
رغم أن نص المادة (94/2) لم یشر إلى حق الدولة التی صدر لمصلحتها الحکم فی اللجوء إلى الجمعیة العامة بغرض تدخلها فی تنفیذ الحکم الصادر عن المحکمة، بل قصرت هذه السلطة على مجلس الأمن الدولی، إلا أن حق الجمعیة فی النظر بمثل هذه الطلبات یستند إلى الولایة العامة للجمعیة فی مناقشة أیة مسألة أو قضیة تدخل فی نطاق میثاق الأمم المتحدة، حیث تنص المادة(10) من المیثاق على( للجمعیة العامة أن تناقش أیة مسالة أو أمر یدخل فی نطاق هذا المیثاق أو یتصل بسلطات فرع من الفروع المنصوص علیها فیه أو بوظائفه،کما لها فیما عدا ما نص علیه فی المادة12ان توصی أعضاء الهیئة أو مجلس الأمن أو کلیهما بما تراه فی تلک المسائل والأمور)، وکذلک استنادا إلى الفقرة (2) من المادة (11) التی تنص على (للجمعیة أن تناقش أی مسالة لها صلة بحفظ الآمن والسلم الدولی یرفعها إلیها أی عضو من أعضاء الأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو دولة لیست من أعضاءها وفقا للفقرة الثانیة من المادة 35 ،ولها-فیما عدا ما تنص علیه المادة الثانیة عشرة-أن تقدم توصیاتها بصدد هذه المسائل للدولة أو الدول صاحبة الشأن أو لمجلس الأمن أو لکلیهما معا، وکل مسالة مما تقدم ذکره یکون من الضروری فیها القیام بعمل ما، ینبغی أن تحیلها الجمعیة العامة على مجلس الأمن قبل بحثها أو بعده).
إذن من حق الجمعیة العامة بإعتبارها الجهاز الرئیسی لمنظمة الأمم المتحدة أن تنظر فی الطلبات المقدمة لها من قبل الدول لتنفیذ الأحکام الدولیة فی حالة امتناع الدولة التی صدر ضدها الحکم عن التنفیذ.
وهناک فی الواقع العملی مثال على تدخل الجمعیة العامة فی مثل هذه المسائل، وقد کان ذلک بعد أن أصدرت المحکمة حکمها فی قضیة الأنشطة العسکریة وشبه العسکریة بین الولایات المتحدة ونیکاراکوا عام 1986، حیث صدر الحکم کما بینا سابقا لمصلحة نیکاراکوا ضد الولایات المتحدة وعند امتناع الاخیره عن التنفیذ لجأت نیکاراکوا إلى مجلس الأمن للتنفیذ ولکن الفیتو الأمریکی ضد مشروع القرار أدى إلى عدم نظر المجلس فی طلب نیکاراکوا.
لم یبق أمام نیکاراکوا سوى أن تلجأ إلى الجمعیة العامة لتعرض علیها القضیة وتطالب من خلالها الولایات المتحدة تنفیذ الحکم الصادر عن المحکمة، وبالفعل اجتمعت الجمعیة واتخذت القرار(41/31) فی شباط 1986 بأغلبیة 94 صوتاً ضد ثلاثة (الولایات المتحدة وحلیفتها إسرائیل والسلفادور) تطلب فیه الولایات المتحدة بالتوقف فورا عن جمیع الأنشطة غیر المشروعة التی حکمت محکمة العدل بعدم مشروعیتها تجاه نیکاراکوا.
بقی أن نشیر هنا إلى أن سلطة مجلس الأمن الدولی بالتدخل لتنفیذ الأحکام الصادرة عن المحکمة استنادا إلى المادة(94/2) وسلطة الجمعیة العامة أیضا فی التدخل للتنفیذ بموجب مالها من ولایة عامة بموجب المیثاق، یشمل کل المنازعات المحالة من قبل الدول الأعضاء فی المنظمة وهی بحکم عضویتها أطراف فی النظام الأساسی للمحکمة، والدول غیر الأعضاء فی المنظمة ولکنها أعضاء فی النظام الأساسی، بعد قبولها للشروط التی تضعها الجمعیة العامة بناء على توصیة من مجلس الأمن لهذه الدول والتی من ضمنها قبولها لأحکام المادة(94) من المیثاق بخصوص سلطة المجلس بالتنفیذ، وکذلک الدول التی هی لیست أعضاء لا فی الأمم المتحدة ولا فی النظام الأساسی للمحکمة، ولکنها ترغب فی عرض نزاع ما على المحکمة بعد قبولها للشروط العامة التی وضعها مجلس الأمن لهذه الحالة عام 1948،وهی ضرورة إخطار مسجل المحکمة بقبول هذه الدول لاختصاص المحکمة وفقا لمیثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسی، والتعهد بتنفیذ حکم المحکمة بحسن نیة،وقبول الالتزامات الواردة فی المادة(94) من المیثاق فیما یتعلق باختصاص مجلس الأمن فی تنفیذ أحکام المحکمة.
الفرع الثالث
التنفیذ بوساطة الوکالات الدولیة المتخصصة
الوکالات المتخصصة هی منظمات دولیة لها مقاصدها ولکل منها أعضاؤها ومیزانیتها الخاصة بها ومقرها وموظفوها،وهی تتعاون مع الأمم المتحدة فی المجالات الداخلة فی اختصاصها عن طریق التنسیق والاستشارة.
وتأتی أهمیة وجود الوکالات الدولیة المتخصصة فی المجتمع الدولی، کونها من الأدوات المهمة لتحقیق التعاون بین الدول فی المجالات الاقتصادیة والاجتماعیة والإنسانیة، مما یؤدی بالنتیجة إلى تنظیم العلاقات الدولیة السلمیة، فالسلام والأمن وهما المطلبان الأساسیان اللذان یسعى التنظیم الدولی لتحقیقهما، یتطلبان حلولا للمشکلات الاقتصادیة والاجتماعیة التی یعانی منها المجتمع الدولی،وهو أمر یستوجب تعاوناً دولیاً منظماً فی مجالات عدة،وهو ماتسعى المنظمات المتخصصة إلى تحقیقه.
کما أن المنظمات المتخصصة تساعد منظمة الأمم المتحدة فی تحقیق هدفها الرئیسی فی الحفاظ على الأمن والسلم الدولیین،من خلال العمل على تلافی الأسباب المباشرة وغیر المباشرة التی تؤدی إلى انتهاکها.
ولاشک أن العمل على تنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة من بین الأسباب التی تهیئ استقرار العلاقات الدولیة، وعدم تعریض الأمن والسلم الدولیین للخطر.
ووفقاً للأنظمة الأساسیة لبعض الوکالات الدولیة المتخصصة، یمکن أن تؤدی هذه الوکالات دوراً مهماً فی تنفیذ الأحکام القضائیة الدولیة.
نذکر هنا ما نصت علیه المادة (38) من النظام الأساسی لمنظمة العمل الدولیة، على حق مجلس الإدارة للمنظمة فی اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق الدولة العضو فی حال امتناعها عن تنفیذ الحکم الصادر بحقها من محکمة العدل الدولیة.
وکذلک ما أشارت الیه المادة (87) من میثاق منظمة الطیران المدنی الدولیة،بفرض عقوبة على الدولة العضو فیها التی لا تلتزم بالحکم النهائی الصادر عن محکمة العدل الدولیة،تتمثل بتعهد الدول الأعضاء البقیة بعدم السماح للدولة التی تنتهک الحکم باستخدام غلافها الجوی.
المطلب الثانی
التنفیذ بوساطة المنظمات الدولیة الإقلیمیة
التنظیم الإقلیمی مظهر جدید لنشاط العلاقات الدولیة،ووسیلة لإحکام الصلة بین الشعوب المتجاورة التی تربطها وحدة الأصل أو اللغة أو تجمع بینها مصلحة خاصة مشترکة،والمنظمات الإقلیمیة هی نوع من التعاهد الدولی لا یمس حریة واستقلال الدول الداخلة فیه،کما تستند إلیها للدفاع عن مصالحها وعن کیانها السیاسی والإقلیمی ضد کل عدوان أجنبی.
وإستنادا إلى القواعد العامة التی تنظم العلاقة بین منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقلیمیة وفقاً للفصل الثامن من میثاق الأمم المتحدة، وبصورة خاصة الفقرتین (2و3) من المادة (52) التی نصت على (2-یبذل أعضاء الأمم المتحدة الداخلون فی مثل هذه التنظیمات أو الذین تتألف منهم تلک الوکالات کل جهدهم لتدبیر الحل السلمی للمنازعات المحلیة عن طریق هذه التنظیمات الإقلیمیة أو بواسطة هذه الوکالات وذلک قبل عرضها على مجلس الأمن. 3-على مجلس الأمن أن یشجع على الاستکثار من الحل السلمی لهذه المنازعات المحلیة عن طریق هذه التنظیمات الإقلیمیة أو بواسطة تلک الوکالات الإقلیمیة بطلب من الدول التی یعنیها الأمر أو بالاحالة علیها من جانب مجلس الأمن).
والفقرة (1) من المادة (53) التی نصت على(یستخدم مجلس الأمن تلک التنظیمات والوکالات الإقلیمیة فی أعمال القمع،کلما رأى ذلک مناسباً،ویکون عملها حینئذ تحت مراقبته وإشرافه، أما التنظیمات والوکالات نفسها فانه لا یجوز بمقتضاها أو على یدها القیام بأی عمل من أعمال القمع بغیر إذن المجلس00000).
من خلال النصوص السابقة نستطیع القول انه یمکن للمنظمات الإقلیمیة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة أن تؤدی دوراً مهماً فی تنفیذ الأحکام القضائیة الصادرة عن محکمة العدل الدولیة، وخاصة إذا ما کان طرفا النزاع فی الحکم الصادر عن محکمة العدل الدولیة ینتمون إلى منظمة إقلیمیة واحدة وفی حالة امتناع الدولة التی صدر الحکم ضدها عن التنفیذ تلجأ الدولة الأخرى إلى مجلس الأمن للتنفیذ، فی هذه الحالة یمکن للمنظمة الإقلیمیة أن تساهم فی عملیة التنفیذ ویمکن تصور ذلک من خلال أسلوبین:
الأسلوب الأول: هو دور المنظمة الإقلیمیة فی تنفیذ الحکم بصورة سلمیة استناداً إلى الفقرة (3) من المادة (52) من میثاق الأمم المتحدة، حیث انه استکثاراً للحل السلمی یمکن أن یحیل مجلس الأمن النزاع إلى المنظمة الإقلیمیة،وهی التی بدورها تقرر الوسائل السلمیة لتنفیذ الحکم الدولی،کدعوة الأطراف إلى التفاوض من أجل التوصل إلى حل مقبول لوضع الحکم موضع التطبیق الفعلی.
الأسلوب الثانی: وفیه احتمالان، الاحتمال الأول أن یقوم مجلس الأمن بنفسه بالنظر فی النزاع المرفوع إمامه بخصوص الحکم الدولی من دولتین أعضاء فی نفس المنظمة الإقلیمیة،فإذا ما تم حلها بصورة سلمیة بوساطة مجلس الأمن ینتهی الأمر، أما إذا تطلب الأمر استخدام القوة العسکریة لوضع الحکم موضع التطبیق والاحترام، عند ذلک یمکن لمجلس الأمن الاستعانة بالمنظمة الإقلیمیة فی إتخاذ أعمال القمع التی تتطلبها القوة العسکریة، ویکون عمل تلک المنظمة عندئذ استنادا إلى الفقرة (1) من المادة (53) تحت رقابة وإشراف مجلس الأمن. الاحتمال الثانی: انه بعد إحالة النزاع إلى المنظمة الإقلیمیة عن طریق مجلس الأمن، یتبین للمنظمة الإقلیمیة أن تنفیذ الحکم یحتاج إلى اللجوء الى القوة العسکریة ضد الدولة الممتنعة عن التنفیذ لان الوسائل السلیمة لم تؤدِ إلى التنفیذ، ففی هذه الحالة لا یجوز للمنظمة الإقلیمیة أن تقوم بأی عمل من أعمال القمع استنادا إلى الفقرة المذکورة من المادة (53)،إلا بعد حصولها على إذن مسبق من مجلس الأمن الدولی، مع ضرورة التزام المنظمة الإقلیمیة فی حالة حصولها على الأذن من مجلس الأمن بمقتضیات المادة(54) من میثاق الأمم المتحدة.
الخاتمة :
فی نهایة هذا البحث الذی تناول موضوع دور المنظمات الدولیة فی تنفیذ أحکام القضاء الدولی، یمکن تدوین بعض الاستنتاجات واقتراح بعض التوصیات على النحو الآتی:
أولا: الاستنتاجات:
أ. إن المادة (94) من المیثاق قصرت سلطة المجلس على تنفیذ الأحکام الصادرة عن محکمة العدل الدولیة فقط واستبعدت أحکام التحکیم، بینما کان لمجلس عصبة الأمم سلطة تنفیذ الأحکام الصادرة عن محکمة العدل الدولیة الدائمة وأحکام التحکیم.
ب. هناک خلاف فی إمکانیة أن یشمل سلطة مجلس الامن بموجب المادة(94) تنفیذ الأوامر التحفظیة التی قد تأمر بها المحکمة قبل أن تحکم نهائیاً فی الدعوى لکی تحافظ على حقوق الأطراف فی الدعوى، ولکن الفقهاء یعتبرون أن من حق المجلس القیام بذلک لان الأوامر التحفظیة هی خطوة أولیة للوصول إلى الحکم النهائی.
ت. إن سلطة مجلس الأمن فی التدخل لتنفیذ الأحکام الصادرة عن محکمة العدل الدولیة هی لیست تلقائیة، بل إن للمجلس سلطة تقدیریة فی التدخل من عدمه،وهو ما أشارت إلیه الفقرة (2) من المادة (94) بنصها (إذا رأى ضرورة لذلک).
ث. إن طبیعة نظام التصویت فی مجلس الأمن الدولی، وخاصة وجود حق الفیتو وعدم وجود معیار للتمییز بین المسائل الموضوعیة والإجرائیة، قد یؤدی فی بعض الأحیان إلى عدم قیام المجلس بممارسة سلطته فی تنفیذ الحکم، خاصة إذا کان أحد أطراف الحکم دولة دائمة العضویة، وحصل ذلک بالفعل فی قضیة الأنشطة العسکریة وشبه العسکریة بین نیکاراکوا والولایات المتحدة عام 1986، عندما استخدمت الولایات المتحدة الفیتو ضد مشروع القرار الخاص بتنفیذ الحکم الصادر لمصلحة نیکاراکوا.
ج. إن من حق المجلس اتخاذ الإجراءات المنصوص علیها کافة فی الفصلین السادس والسابع، لتنفیذ الحکم بما فیها استخدام القوة حتى إذا لم یشکل الامتناع عن تنفیذ الحکم من قبل الدولة تهدیداً للأمن والسلم الدولیین.
ثانیاً: التوصیات:
فی اعتقادنا أن التوصیات التی یمکن تقدیمها فی نطاق هذا الموضوع تتعلق بسلطة مجلس الأمن الدولی فی تنفیذ الأحکام الصادرة عن محکمة العدل الدولیة، باعتبار أن المجلس هو جهاز تنفیذی مهم مزود بإجراءات تنفیذیة قویة وهو کذلک تابع لأکبر منظمة دولیة عالمیة شاملة،وهذه التوصیات هی:
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English) and References (English)
* Arab Sources:
First: Books
Dr. Ibrahim Ahmed Shalaby, Mediator in International Organization, University House, Beirut, 1985.
Dr. Ibrahim Mohammed Al-Anani, International Organization, General Theory, United Arab Thought House, Cairo, 1982.
3. Dr. Adam Wahib al-Nadawi, Civil Proceedings, University of Baghdad Edition, Faculty of Law, 1983.
4. Dr. Ibrahim Najjar, Dr. Ahmad Zaki Badawi and Yousef Shalala, Legal Dictionary Lebanon Library (TND).
5. Dr. Ahmed Abu Al-Wafa, Mediator in the Law of International Organizations, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, second edition, 1986.
6. Dr. Jamah Saleh Hussein Mohamed Omar, International Judiciary, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo 1998
7. Gerhard van Glan, Law between the Nations, Part II, translation and Wafik Zuhdi, Publications of the New Horizons House, Beirut 1970.
8. Dr. Hussein Hanafi Omar, International Judiciary Judgment and its Guarantees of Implementation, Dar al-Nahda al-Arabiya, First Edition, 1997.
9. Khalil Ismail al-Hadithi, mediator in international organization, University of Mosul Press, 1991.
10. Dr.Shail Hussein Al-Fatlawi, International Disputes, Dar Al-Qadisiya Press, Baghdad, 1985
11. Dr. Saleh Jawad Kazim, A Study in International Organizations, Al-Arshad Press, Baghdad, 1975.
12. Dr. Sabeeh Meskouni, International Court of Justice and International Law of International Organizations, Shafiq Press, Baghdad, 1968.
13. Dr. Abbass Al-Abboudi, Explanation of Civil Procedure Law, University of Mosul Press, 2000.
14. Dr. Abdul Wahid Mohamed Al-Far, International Crimes and the Punishment of Punishment, Dar al-Nahda al-Arabiya, Cairo, 1996.
15. Dr. Issam Al-Attiyah, International Public Law, Dar al-Kutub for Printing and Publishing, Baghdad, 6th Edition, 2001.
16. Dr. Ali Ibrahim, Implementation of International Judgments, Dar al-Nahda al-Arabiya, 1996-1997.
17. Dr. Ali Sadeq Abu-Hafez, General International Law, Al-Ma'aref Establishment, Alexandria, 1993.
18. Dr. Mohammed Bahaauddin Bachat, reciprocity in international criminal law, General Authority for Amiri Press Affairs, Cairo, 1974.
19. Dr. Mohamed Hafez Ghanem, International Organizations, Cairo, I, 3, 1967.
20. Dr. Mohammed Khalil Al-Mousa, Judicial Function of International Organizations, Dar Wael Publishing, Amman First Edition, 2003.
21. Dr. Mohammed Saleh Al-Musfer, United Nations Organization, Origins of Origin and Principles, Dar Al-Fath Library, Doha, First Edition, 1997.
Second: Research
1. Dr. Adam Wahib al-Ndawi, Executive Examinations and Editors, Comparative Law Journal, issued by the Iraqi Comparative Law Society, 15th issue, tenth year, 1983.
2. Dr. Jasem M. Zakaria, The Foundations of Dominance and Its Privileges in Contemporary International Law, Research published in the Journal of Law, issued by the Faculty of Law, University of Bahrain, Vol. II, No. 1, January 2005.
3. Jean-Philippe Lavoisier, Humanitarian Intervention, United Nations Charter and International Humanitarian Law, Research published in International Humanitarian Law and International Relations, Prepared by the International Committee of the Red Cross, Daoudi Press, Damascus, 2003.
4. Dr. Abdul Aziz Muqaimar Abdul Hadi, Commentary on the Order of the International Court of Justice in the Case Concerning the Application of the Convention on Genocide, Kuwait Journal of Rights, No. 1, Nineteenth Year, March 1995.
5. Dr. Ghassan Al-Jundi, The Effectiveness of the International Court of Justice on Disputes between States, Kuwait Law Review, 9th Year, Third Issue, September 1985.
6. Dr. Mohamed El-Said El-Dakkak, Human Rights in the UN System, Research published in Human Rights Book, Volume II, Studies on Global and Regional Documents, by Dr. Mahmood Sharif Bassiouni and Others, Dar Al-Ilm for Millions, Beirut, Second Edition, 1998. .
Third: Theses
1. Ibrahim Zuhair Darraji, The Crime of Aggression and the Extent of International Legal Responsibility, A Doctoral Thesis Presented to Ain Shams University, 2002.
Fourth: Documents and internal regulations
1. The Charter of the United Nations
2. The era of the League of Nations
3. The Statute of the International Court of Justice
4. The Statute of the International Labor Organization can be found on the Internet at:
http://www.ilo.org/public/english/about/ilocnst.htm.
5. The Charter of the International Civil Aviation Organization, available from the Internet at:
http://www.icao.int/cgi/goto_mpl?icaonet/dcs17300.html.
6. The rules of procedure of the Security Council can be accessed through the Internet at the following URL: htttp: www.un.org/arabic/sc/sc_files/intersc.htm
Fifth: Decisions and judicial proceedings
1. General Assembly resolution 41/31 in 1986, which can be obtained from the General Assembly documents on the United Nations web site: http://www.un.org
2. Nottebohm case on the website http://www.icj-cj.org/icjuwww/idecisions/isummarios/55046.htm.
3. Military and Paramilitary Activities between the United States and Nicaragua in 1986, on the website of the International Court of Justice (ICJ): http://www.icj-cj.org
* Foreign sources:
1) Samy Shubar, Journal of Kuwaiti Law, Third Issue, 10th Year, September 1986, in English
case relating military and paramilitary activities in and against nicaragua jurisprudence of the court and admissibility of the application.
2 - constanze schulte, compliance with decisions of international court of justice.p2.http: www.bsos.umd.edu/gvpt/ipbr/main.htm1.
3. Attila Tanzi, problems of enforcement of decisions of the internatinal court of justice and the law of the united nations: http://www.ejil.org/journal/vol6/no41idex.htm#. .