الملخص
فإن حسن سیر القضاء یقتضی وجود " إجراءات " وأوضاع معینة ومواعید محددة یجب على الأفراد التزامها عندما یلجأون إلى القضاء ، کما یجب على القضاة أن یراعوها عندما یتناولون الدعاوى بالبحث والتحقیق والفصل . إذ لا یتصور أن تقوم فی الدولة محکمة واحدة تفصل فی جمیع المنازعات ، نظراً لاتساع الدولة . ومن اجل تبسیط إجراءات التقاضی وحسن سیر العدالة واختصار الوقت والجهد والنفقات وضعت قواعد الاختصاص وهی تلک القواعد الإجرائیة القانونیة التی تحدد المنازعات التی تدخل فی ولایة کل محکمة ، وعلى کل محکمة من هذهِ المحاکم أن تفصل فی المنازعات فی حدود اختصاصها الذی رسمه لها القانون
الكلمات الرئيسة
الموضوعات
أصل المقالة
A plea for lack of spatial jurisdiction during the interceptor
اجیاد ثامر نایف الدلیمی کلیة القانون/ جامعة الموصل Ajyad Thamer Nayef Al-Dulaimi College of law / University of Mosul Correspondence: Ajyad Thamer Nayef Al-Dulaimi E-mail: |
(*) أستلم البحث فی 13/9/2006 *** قبل للنشر فی 14/11/2006.
(*) Received on 13/9/2006 *** accepted for publishing on 14/11/2006.
Doi: 10.33899/alaw.2006.160464
© Authors, 2006, College of Law, University of Mosul This is an open access articl under the CC BY 4.0 license
(http://creativecommons.org/licenses/by/4.0).
مقدمة:
الحمد لله … والصلاة والسلام على سید المرسلین … وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهدیه إلى یوم الدین ، أما بعد :
فإن حسن سیر القضاء یقتضی وجود " إجراءات " وأوضاع معینة ومواعید محددة یجب على الأفراد التزامها عندما یلجأون إلى القضاء ، کما یجب على القضاة أن یراعوها عندما یتناولون الدعاوى بالبحث والتحقیق والفصل . إذ لا یتصور أن تقومفی الدولة محکمة واحدة تفصل فی جمیع المنازعات ، نظراً لاتساع الدولة . ومن اجل تبسیط إجراءات التقاضی وحسن سیر العدالة واختصار الوقت والجهد والنفقات وضعت قواعد الاختصاص وهی تلک القواعد الإجرائیة القانونیة التی تحدد المنازعات التی تدخل فی ولایة کل محکمة ، وعلى کل محکمة من هذهِ المحاکم أن تفصل فی المنازعات فی حدود اختصاصها الذی رسمه لها القانون .
وتوزیع الاختصاص إمِّا أن یکون على أساس الموضوع ( النوع أو القیمة) وإما على أساس المکان ، فیکون الاختصاص بذلک نوعیاً أو قیمیاً أو مکانیاً .
تساؤلات البحث :
فی حالة إیراد الدفع بعدم الاختصاص المکانی فی عریضة الاعتراض على الحکم الغیابی ، ومن خلال نتیجة التحقیق الذی أجرته المحکمة فی المرافعة الاعتراضیة اثبت المعترض عدم اختصاص المحکمة مکانیاً للنظر فی الدعوى .فهل تقرر المحکمة إحالة الدعوى إلى المحکمة ذات الاختصاص للنظر فی الحکم المعترض علیه موضوعیاً ؟ أم أنها تقرر إبطال الحکم الغیابی وتحیل الدعوى إلى المحکمة ذات الاختصاص المکانی لتنظر فیها من جدید وتصدر حکمها فی موضوعها ؟ أم أنها تقرر إبطال الحکم الغیابی وفی الوقت نفسه تقرر رد الدعوى لیقیم المدعی الدعوى فی المحکمة المختصة مکانیاً للنظر فیها ؟
وسوف نحاول الإجابة عن هذا التساؤل من خلال البحث وفی ضوء القرارات الصادرة عن القضاء العراقی .
أسباب اختیار البحث :
تکمن الأسباب التی دفعتنی إلى اختیار هذا الموضوع بصدور أحکام قضائیة مختلفة فی الموضوع نفسه ومنها القرار الصادر عن محکمة التمییز ذو العدد 273/هیئة عامة / 1998 فی 28/11/1998 والقرار الصادر عن محکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة ذو الرقم 619/ ت . ب / 2004 فی 1/12/2004 .
أما عن المنهج الذی اعتمدنا علیه فی کتابة هذا البحث ، فهو المنهج التحلیلی الذی یقوم على تحلیل الآراء ومناقشتها وترجیح الآراء السدیدة منها .
وعلیه اقتضت دراسة هذا الموضوع من أجل الإلمام والإحاطة به أن تکون خطة البحث مقسمة على مبحثین ، یتضمن المبحث الأول ماهیة الدفع بعدم الاختصاص المکانی . واختص المبحث الثانی لبحث إیراد الدفع بعدم الاختصاص المکانی فی الدعوى الاعتراضیة . وسنختم بحثنا هذا بخاتمة نوجز فیها أهم النتائج والتوصیات التی نتوصل إلیها .
المبحث الأول
ماهیة الدفع بعدم الاختصاص المکانی
لتحدید ماهیة الدفع بعدم الاختصاص المکانی فأنّ الأمر یقتضی تعریف الدفع بعدم الاختصاص المکانی أولا ثم بیان شروطه وتکییفه القانونی وآثاره، لذا نقسم هذا المبحث على المطلبین الآتیین :
المطلب الأول : تعریف الدفع بعدم الاختصاص المکانی.
المطلب الثانی: التکییف القانونی للدفع بعدم الاختصاص المکانی وشروطه وآثاره.
المطلب الأول
تعریف الدفع بعدم الاختصاص المکانی
لتعریف الدفع بعدم الاختصاص المکانی ، لابد من تعریف الدفع ثم تعریف الاختصاص المکانی وهذا ما سنتناوله فی الفرعین الآتیین :
الفرع الأول: تعریـف الدفــع.
الفرع الثانی: تعریـف الاختصاص المکانـی.
الفرع الأول
تعریـف الدفــع
الدفع لغة : من دفع ( دفعته ) دفعا نحیته فاندفع ودفعت عنه الأذى ودافعت عنه مثل حاججت ، ودافعته عن حقه ماطلته ، ودفعت القول رددتـــــــــــــه بالحجة ، والمُدَافَعَةُ : المماطلةُ ، والدَّفْعُ : ( فی المرافعات التجاریة والمدنیة ) : أن یدّعی المُدَّعَى علیه أمراً یرید به درءَ الحُکم علیه فی الدعْوَى "ج" دُفُوع .
وبعد أن بینا معنى الدفع لغة ، لابد من بیان معناه اصطلاحا :
أولا: الدفع فی الاصطلاح القانونی :
خلت معظم القوانین من تعریف المصطلحات القانونیة لأن التعریف یجب أن یکون جامعا مانعا وأن المشرع الوضعی لا یستطیع الإحاطة بکل عناصر ومکونات التعریف إحاطة شاملة لیسن التعریف الجامع المانع ، فضلا عن ذلک أن صیاغة التعریف هو من اختصاص الفقه والقضاء . وعلى الرغم من ذلک نجد أن المشرع العراقی قد عرف الدفع بأنه :" دعوى من جانب المدعى علیه تدفع دعوى المدعی وتستلزم ردها کلا أو بعضاً " .
ثانیاً: الدفع فی الاصطلاح الفقهی :
أمّا على صعید الفقه فلاصطلاح ( الدفع ) معنیان معنى عام : یقصد به جمیع وسائل الدفاع التی یجوز للخصم أن یستعین بها لیجیب على دعوى خصمه ، بقصد تفادی الحکم لخصمه بما یدعیه سواء أکانت هذه الوسائل موجهة إلى الدعوى أو بعض إجراءاتها أم موجهة إلى أصل الحق المدعى به أم إلى سلطة الخصم فی استعمال دعواه منکراً إیاها.
والمعنى الخاص فی قانون المرافعات یقصد به الوسائل التی یستعین بها الخصم ویطعن بمقتضاها فی صحة إجراءات الدعوى ، دون أن یتعرض لأصل الحق الذی یزعمه خصمه فیتفادى بها مؤقتاً الحکم علیه بمطلوب خصمه .
وعرفه جانب آخر من الفقه بأنه : ما یجیب به الخصم على دعوى خصمه.
بینما عرفه البعض الآخر بأنه : جواب المدعى علیه على دعوى المدعی ، الذی یبغی فیه رد الدعوى المقامة علیه.
والسؤال الوارد فی هذا الصدد هو : هل المشرع العراقی کان موفقاً فی تعریف الدفع ؟
یذهب جانب من الفقه إلى أن قانون المرافعات المدنیة لم یکن موفقاً فی تعریف الدفع ذلک لأن حقیقیة الدفع هی الوسائل التی یلجأ إلیها المدعى علیه للرد على طلبات المدعی سواء أکانت موجهة الى موضوع الحق المدعى به ، أم متعلقة بالخصومة ، أم لعیب فی الإجراءات القضائیة .
بینما یتجه جانب آخر من الفقه إلى القول بأن المشرع العراقی کان موفقاً فی تعریف الدفع ذلک أن الدعوى هی طلب شخص حقه من آخر أمام القضاء، فهی إجراءات قضائیة وخصومه وموضوع مدعى به ، ولما کان الدفع هو دعوى من جانب المدعى علیه فکل ما یبغی المدعى علیه رده فی دفعه یشمله التعریف ویدخل ضمنه سواء تعلق ذلک بإجراءاتها أم بموضوعها أم بأشخاصها من حیث توجیه الدعوى.
والحکمة من الدفع هو إقامته موازنة عادلة بین طرفی الدعوى انطلاقاً من مبدأ احترام حق الدفاع ، فکما یضمن القانون حق الادعاء للمدعی ویمکّنه من تقدیم ادعاءاته وتدعیمها بما لدیه من أدلة ، فإن القانون یضمن أیضا للمدعى علیه تقدیم دفاعه وتدعیمه بما لدیه من أدلة مضادة .
الفرع الثانی
تعریـف الاختصاص المکانـی
الاختصاص لغة التفضیل والانفراد وفی اصطلاح النظام القضائی معناه السلطة التی خولها المشرع لهیئة من الهیئات القضائیة للفصل فی المنازعات .
وقد عرفته المادة (20) من قانون المرافعات المدنیة والتجاریة العراقی الملغی ذی الرقم 88 لسنة 1967 بأنه ( أهلیة المحکمة لرؤیة الدعوى بمقتضى القانون ) .
وعُرِفَّ بأنه سلطة الحکم بمقتضى القانون فی خصومه معینة . واختصاص محکمـة ما ، معناه نصیبهـا مـن المنازعات التی یجوز لها الفصل فیها.
وقواعد الاختصاص، هی تلک القواعد الإجرائیة القانونیة التی تحدد المنازعات التی تدخل فی ولایة کل محکمة، وفکرة الاختصاص تفترض أساسا تعدد المحاکم داخل الدولة الواحدة، وذلک لأن تبسیط إجراءات التقاضی وحسن سیر العدالة ، یستلزم التعدد والتخصص ، إذ لا یتصور أن تقوم فی الدولة محکمة واحدة تفصل فی المنازعات جمیعها فالمشرع یوزع ولایة القضاء على المحاکم المختلفة وعلى کل محکمة من هذه المحاکم أن تفصل فی المنازعات فی حدود اختصاصها الذی رسمه لها القانون.
وتوزیع الاختصاص إما أن یکون على أساس الموضوع (النوع أو القیمة) أو على أساس المکان ، فیکون الاختصاص بذلک نوعیاً أو قیمیاً أو مکانیاً .
أما الاختصاص المکانی : فهو تعیین المحکمة المختصة للنظر فی الدعوى من حیث المکان .
والحکمة التی یتوخاها المشرع من وضع قواعد الاختصاص المکانی تقوم على الاعتبارات الآتیة :
1- تحقیق موازنة عادلة بین الخصوم فی الدعوى . فهو فی الوقت الذی یکفل للمدعی اختیار الوقت الذی یرفع فیه دعواه وفی سقف زمنی رحب یعد فیه مستنداته . یضمن للمدعى علیه عدم تحمل المشاق فی الدفاع مما یستلزم أن ترفع الدعوى إلى المحکمة القریبة منه ، لان المشرع یفترض براءة ذمته من الدعوى وعدم مسئولیته عنها ، ولهذا فأن المدعی یسعى إلى محکمة المدعى علیه .
2- توخی نظر الدعوى من القاضی الذی یکون بإمکانه أکثر من غیره الإحاطة بتفاصیل موضوع الدعوى لقربه منه .
3- لا یتصور أن تقوم فی الدولة محکمة واحدة تفصل فی المنازعات جمیعها ، نظراً لاتساع الدولة ومن اجل تبسیط إجراءات التقاضی وحسن سیر العدالة واختصار الوقت والجهد والنفقات .
4- مراعاة الاعتبارات الإنسانیة فی بعض الدعاوى ، کدعاوى الأحوال الشخصیة.
وبعد أن تناولنا تعریف الدفع ، وتعریف الاختصاص المکانی ، أصبح بالإمکان تعریف الدفع بعدم الاختصاص المکانی بأنه : دفع شکلی ، یطلب به الخصم من المحکمة أن تمتنع عن الفصل فی الدعوى المرفوعة أمامها لکونها غیر مختصة بنظرها طبقاً لقواعد الاختصاص المکانی .
المطلب الثانی
التکییف القانونی للدفع بعدم الاختصاص المکانی وشروطه وآثاره
سنقسم هذا المطلب على ثلاثة فروع ، نتناول فی الأول التکییف القانونی للدفع بعدم الاختصاص المکانی ، ونعالج فی الثانی شروط الدفع بعدم الاختصاص المکانی ، ونخصص الثالث لآثار الدفع بعدم الاختصاص المکانی .
الفرع الأول: التکییف القانونی للدفع بعدم الاختصاص المکانی.
الفرع الثانی: شروط الدفع بعدم الاختصاص المکانی .
الفرع الثالث: آثار الدفع بعدم الاختصاص المکانی .
الفـرع الأول
التکییف القانونی للدفع بعدم الاختصاص المکانی
لتحدید التکییف القانونی للدفع بعدم الاختصاص المکانی أهمیة کبیرة فی معرفة مدى تعلقه بالنظام العام من عدمه ، ولمعرفة الطبیعة القانونیة لهذا الدفع لابد من معرفة أنواع الدفوع أولا وتحت أی نوع یندرج هذا الدفع. وتنقسم الدفوع على ثلاثة أقسام هی:
أولا/ الدفوع الشکلیة : وهی الدفوع التی توجه إلى إجراءات الدعوى أو اختصاص المحکمة دون التعرض للحق المدعى به .
ثانیاً / الدفوع الموضوعیة : هی الدفوع التی توجه إلى ذات الحق المدعى به کأن ینکر وجوده کالدفع بانقضاء الدین بالوفاء أو المقاصة القانونیة .
ثالثاً / الدفع بعدم القبول : هو الدفع الذی یرمی إلى إنکار وجود الدعوى لعدم توافر الشروط التی یتطلبها القانون فیها ، کالدفع بسبق الفصل فیها ، أو لرفعها بعد مضی المدة القانونیة المحددة لرفعها ، أو سبق الصلح فیها . وهذا الدفع لا یوجه إلى إجراءات الدعوى ولا یوجه إلى ذات الحق المدعى به بل یرمی إلى إنکار سلطة المدعی فی استعمال الدعوى ، فهو یوجه إلى الوسیلة التی یحمی بها صاحب الحق حقه ، لعدم توافر الشروط العامة التی یتعین أن تتوافر لقبول الدعوى .
ولما کانت قواعد الاختصاص المکانی موجودة لتیسیر إجراءات التقاضی ، ولتصبح المحاکم قدر الإمکان قریبة من موطن الخصوم أو مکان النزاع، فأن هذه القواعد یراعى فیها إنها فی الغالب مقررة لمصلحة المدعى علیه ، ومن ثم لا تتعلق قواعد الاختصاص المکانی بالنظام العام . لذا یعد الدفع بعدم الاختصاص المکانی من الدفوع الشکلیة ( الإجرائیة ). ویستفاد المعنى المتقدم من نص المادة (74) من قانون المرافعات التی تنص على أن (الدفع بعدم الاختصاص المکانی یجب إبداؤه قبل التعرض لموضوع الدعوى وآلا سقط الحق فیه ).
ویترتب على اعتبار الدفع بعدم الاختصاص المکانی من الدفوع الشکلیة وعدم تعلقه بالنظام العام النتائج الآتیة :
1- یجوز للخصوم الاتفاق على مخالفة قواعد الاختصاص المکانی سواء أکان هذا الاتفاق صریحاً أم ضمنیاً بسکوت المدعى علیه عن الدفع بعدم اختصاص المحکمة بالدعوى التی یرفعها المدعی .
2- لیس للمحکمة أن تقضی بعدم اختصاصها اختصاصاً مکانیاً من تلقاء نفسها دون أن یقع دفع أمامها بعدم اختصاصها .لتعلق قواعد الاختصاص المکانی بمصلحة الخصوم ولیس بالمصلحة العامة.
الفرع الثانی
شروط الدفع بعدم الاختصاص المکانی
إن شروط الدفع بعدم الاختصاص المکانی تنحصر بما یأتی:
أولا: وجوب إبداء الدفع بعدم الاختصاص المکانی قبل التعرض إلى موضوع الدعوى وإلا سقط الحق فیه . وتطبیقا لذلک قضت محکمة التمییز بما یأتی ( یسقط حق الدفع بعدم الاختصاص المکانی إذا لم یورد قبل التعرض لموضوع الدعوى ) .وقضت بأن (الدفع بعدم الاختصاص المکانی من الدفوع الابتدائیة التی تسقط بالدخول فی أساس الدعوى) .
ثانیا: إن الذی یدلی بالدفع بعدم اختصاص المحکمة المکانی هو المدعى علیه وحده ، وبالتالی فمن تدخل تدخلاً اختصامیاً لا یجوز له الدفع بعدم الاختصاص المکانی لا نه یعد فی حکم المدعی ، والمدعی لا یجوز له التمسک بهذا الدفع،لان تدخله یعد قبولاً منه لاختصاص المحکمة المکانی ، أما من یتم إدخاله إلى جانب المدعى علیه فیجوز له إبداء هذا الدفع ، لا نه یعد فی حکم المدعى علیه .
ثالثا: یجب على المدعى علیه أن یبدی الدفع بعدم الاختصاص المکانی مع سائر الدفوع الشکلیة قبل التطرق إلى الموضوع وقبل إبداء أی طلب وآلا سقط الحق فی الإدلاء به .
الفرع الثالث
آثار الدفع بعدم الاختصاص المکانی
إذا انتهت المحکمة من بحثها فی الدفع بعدم الاختصاص المکانی إلى أنها مختصة بنظر الدعوى قررت رفض الدفع واستمرت فی نظر الدعوى . أما إذا قضت بعدم اختصاصها المکانی وجب علیها أن تحیل الدعوى إلى المحکمة المختصة مع الاحتفاظ بما دفع من رسوم قضائیة . وتبلغ الطرفین أو الحاضر منهما بمراجعة المحکمة المحالة علیها الدعوى فی موعد تعینه على أن لا یتجاوز خمسة عشر یوماً من تاریخ الإحالة . فإن لم یحضرا أو لم یحضر المبلغ منهما أمام تلک المحکمة فی الموعد المعین . فإن المحکمة تترک الدعوى للمراجعة . فإذا بقیت الدعوى کذلک عشرة أیام ولم یطلب المدعی أو المدعى علیه السیر فیها تُعّد عریضة الدعوى مبطلة بحکم القانون . وقرار الإحالة الذی تتخذه المحکمة بعدم اختصاصها مکانیاً بنظر الدعوى لا یقبل الطعن فیه بطریق التمییز . ولکن القرار الصادر برفض الإحالة هو الذی یقبل التمییز .
والسؤال الذی یثار فی هذا الصدد ، هو : ما الحکم إذا قررت المحکمة المحالة علیها الدعوى رفض الإحالة وإعادة الدعوى إلى المحکمة التی أحالت الدعوى ابتداءً ؟
إن القرار الذی تتخذه المحکمة المحالة علیها الدعوى والقاضی برفض الإحالة قابل للطعن فیه بطریق التمییز من کلا الطرفین على وفق أحکام المواد (79 و 216) من قانون المرافعات . کما یحق لکل من المحکمتین ( التی أحالت الدعوى والمحال علیها ) إذا ما رأت وجود تنازع فی الاختصاص بینها وبین المحکمة الأخرى أن ترسل إضبارة الدعوى إلى محکمة التمییز مشفوعة بخلاصة من قراری المحکمتین وتطلب منها إصدار القرار بتعیین المحکمة المختصة بنظر الدعوى عملاً بحکم الفقرة ( أولا – ب /2 ) من المادة 13 من قانون التنظیم القضائی ذی الرقم 160 لسنة 1979 التـی أناطت بالهیئة الموسعة لمحکمة التمییز النظر فی النزاع الحاصل بشأن تعیین الاختصاص فی نظر الدعوى الذی یقع بین محکمتین . وهذا یتم بعد أن تقرر المحکمة المحالة علیها الدعوى رفض الإحالة . وتعید الدعوى إلى المحکمة الأولى التی أحالت الدعوى ابتداءً لعدم الاختصاص فأن لهذه المحکمة مفاتحة محکمة التمییز لتعیین المحکمة المختصة .
ومعنى هذا انه لیس للمحکمة المحالة علیها الدعوى وهی المحکمة الثانیة أن تطلب من محکمة التمییز تعیین المحکمة المختصة بل علیها أن تقرر رفض الإحالة لیتسنى للخصوم الطعن فیه تمییزاً . کما أن المحکمة الأصلیة (المحیلة ) إذ أخطأت بأن أصرت على رأیها وأحالت الدعوى مرة أخرى إلى المحکمة المحالة علیها الدعوى ففی هذه الحالة لیس للمحکمة الثانیة أن تصر هی الأخرى على رأیها وتقع فی الخطأ نفسه الذی یجعل الدعوى تدور فی حلقة مفرغة بین المحکمتین وإنما علیها أن تطلب من محکمة التمییز تعیین المحکمة المختصة .
المبحث الثانی
إیراد الدفع بعدم الاختصاص المکانی فی الدعوى الاعتراضیة
نصت المادة (74) من قانون المرافعات المدنیة العراقی على أن " الدفع بعدم الاختصاص المکانی یجب إبداؤه کذلک قبل التعرض لموضوع الدعوى وإلا سقط الحق فیه " .
ویتضح من هذا النص أن الدفع بعدم اختصاص المحکمة مکانیاً یجب إبداؤه قبل الدخول فی أساس الدعوى وإلا سقط الحق فیه لا نه دفع شکلی مقرر لمصلحة المدعى علیة ولا یتعلق بالنظام العام . ویترتب على ذلک انه یجوز للمدعى علیه أن یتنازل عنه، کما یجوز للخصوم الاتفاق على ما یخالفه ، ولیس للمحکمة أن تقضی بعدم اختصاصها المکانی من تلقاء نفسها . وتطبیقاً لذلک قضت الهیئة الموسعة لمحکمة التمییز بأنه " لا یجوز إحالة الدعوى إلى جهة الاختصاص المکانی بدون طلب مـن المدعى علیه – م 74 مرافعات ". وقضت بما یأتی ( لیس للمحکمة إحالة الدعوى إلى محکمة أخرى بحجة خروجها عن اختصاصها المکانی مادام الخصم لم یدفع بذلک).
مما تقدم یتضح أن الهیئة الموسعة لمحکمة التمییز عدّت الدفع بعدم الاختصاص المکانی دفعاً شکلیاً لا یتعلق بالنظام العام وإنما هو مقرر لمصلحة المدعى علیه ولیس للمحکمة أن تقضی به من تلقاء نفسها.
ولکن قد یحصل أن تصدر المحکمة حکماً غیابیاً ضد المدعى علیه ویعترض المدعى علیه على هذا الحکم ، ومن جملة اعتراضاته دفعه بعدم اختصاص المحکمة مکانیاً ، وخلال المرافعة فی الدعوى الاعتراضیة یثبت هذا الدفع ، فهل تقرر المحکمة إحالة الدعوى إلى المحکمة المختصة مکانیاً لتنظر فی أمر الحکم الغیابی واصل الدعوى؟ أم إنها تبطل الحکم الغیابی ومن ثم تحیل الدعوى إلى تلک المحکمة لتصدر حکماً جدیداً فی موضوعها أم إنها تقرر إبطال الحکم الغیابی وترد الدعوى وتکلف المدعی بإقامة دعوى جدیدة ؟
وسنحاول الإجابة عن التساؤلات الواردة آنفاً فی المطلبین الآتیین فی ضوء القرارات الصادرة عن محکمة التمییز ، ومحکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة وفی ضوء ذلک سوف نقسم هذا المبحث إلى المطلبین الآتیین :
المطلب الأول / قبول الدفع بعدم الاختصاص المکانی فی الدعوى الاعتراضیة .
المطلب الثانی / رفض الدفع بعدم الاختصاص المکانی فی الدعوى الاعتراضیة .
المطلب الأول
قبول الدفع بعدم الاختصاص المکانی فی الدعوى الاعتراضیة
إذا دفع المعترض بعدم اختصاص المحکمة مکانیاً بنظر الدعوى وإصدار الحکم الغیابی فیها ، وتأکدت المحکمة من صحة دفعه هذا خلال المرافعة فی الدعوى الاعتراضیة ، فأنها تقرر إبطال الحکم الغیابی المعترض علیه لا نه صدر عن محکمة غیر مختصة اختصاصاً مکانیاً بإصداره .
ولکن السؤال الذی یثار فی هذا الصدد هو : إذا قضت المحکمة بعدم اختصاصها المکانی ، وأبطلت الحکم الغیابی المعترض علیه ، فما هو مصیر الدعوى الأصلیة ؟
لقد استقرت قرارات محکمة التمییز بأن على المحکمة إذا قضت بعدم اختصاصها المکانی عند نظر الدعوى الاعتراضیة أن تقرر إبطال الحکم الغیابی المطعون فیه ورد الدعوى وللمدعی إقامتها مجدداً أمام المحکمة المختصة مکانیاً فی نظر الدعوى . وهـذه الأحکام تستند إلى عبارة وردت فی الأسباب الموجبة للمادة (78) من قانون المرافعات المدنیة إذ جاء فیها : (… وحرصاً على تیسیر إجراءات التقاضی ذهب القانون إلى تلافی مساوئ الدفع بعدم الاختصاص فنص على انه إذا قضت المحکمة بعدم اختصاصها القیمی أو المکانی تحیل الدعوى إلى المحکمة المختصة ( م 78) حتى لا تنقضی الخصومة برد الدعوى لعدم الاختصاص وحتى لا یتحمـل رافعهـا عبء تجدیدها بدعوى مبتدئـة ورسوم قضائیة جدیـدة مع احتمال أن یکون رفع الدعوى أمام محکمة غیر مختصة نتیجة خطأ مغتفر فی تطبیق قواعد الاختصاص التی قد یخطئ فیها الکثیر0000 وظاهر أن حکمة النص على الإحالة إلى الجهة المختصة لا تتوفر ولا یکون للعمل بها محل إذا نظرت المحکمة فی أساس الدعوى وطُعن فی حکمها بطریق الاعتراض أو الاستئناف ففی هذه الحالة لا یکون للمحکمة المرفوع إلیها الطعن إلا أن تقضی بفسخ الحکم المطعون فیه ورد الدعوى لعدم اختصاص المحکمة التی أصدرته).
وسارت محکمة التمییز فی العدید من قراراتها بهذا الاتجاه ، حیث قضت بما یأتی : " ولدى النظر فی القرار البدائی الممیز المؤرخ 15/3/1997 وجد أن الممیز علیه / المدعى علیه / قد اعترض على الحکم الغیابی وطلب رد الدعوى شکلاً من جهة الاختصاص المکانی لما استند إلیه من أسباب جاء صحیحاً وموافقاً للقانون ذلک أن قواعد إحالة الدعوى للاختصاص لا تجری فی المرحلة الاعتراضیة من الدعوى وان محکمة البداءة وجدت إنها غیر مختصة بنظر الدعوى بناء على أسباب قانونیة عند حصول الدفع بعدم الاختصاص المکانی وتوفر الشروط القانونیة فیه فبوسعها آنذاک أن تقرر إبطال الحکم الغیابی ورد الدعوى شکلاً لعدم الاختصاص وللمدعی أن یقیم دعواه فی المحکمة المختصة وهذا ما قررته محکمة البداءة فی قرارها الممیز لذا قرر تصدیقه ورد الطعن التمییزی مع تحمیل الممیز رسم التمییز وصدر القرار بالأکثریة فی 9/ شعبان / 1419 هـ الموافق 28/11/1998م " . وجاء فی قرار آخر لها بأنه"إذا قضت المحکمة فی موضوع الدعوى غیابیاً فلا یجوز لها فی مرحلة الاعتراض على الحکم الغیابی أن تقرر إحالة الدعوى على محکمة أخرى بعد الدفع بعدم الاختصاص المکانی وإنما یتعین أن تقضی بإبطال الحکم الغیابی ورد الدعوى إذا کان الدفع المذکور وارداً وبعکسه تمضی فی نظر الدعوى الاعتراضیة وتفصل فیها "وبالمبدأ نفسه قضت بأنه"إذا اعترض الخصم الغائب على الاختصاص المکانی بعریضة أرسلها إلى المحکمة وکرر ذلک عند اعتراضه على الحکم الغیابی فلا یجوز إحالة الدعوى إلى المحکمة المختصة فی المرحلة الاعتراضیة بل یجب جرح وإبطال الحکم الغیابی ورد الدعوى من جهة الاختصاص " .
فی حین ذهب رأی فی الفقه إلى أنه على المحکمة إذا قضت بعدم اختصاصها المکانی خلال المرافعة فی الدعوى الاعتراضیة أن تقرر إبطال الحکم الغیابی وإحالة الدعوى إلى المحکمة المختصة مکانیاً فی نظر الدعوى ، ویستند فی ذلک إلى نص المادة ( 78) من قانون المرافعات المدنیة التی جاءت صریحة وقاطعة فی حکمها إذ ألزمت المحکمة إذا ما قضت بعدم اختصاصها القیمی أو الوظیفی أو النوعی أو المکانی أن تحیل الدعوى إلى المحکمة المختصة مع الاحتفاظ بما دفع من رسوم قضائیة حرصاً على تیسیر إجراءات التقاضی ولتلافی مساوئ الدفع بعدم الاختصاص وحتى لا یتحمل رافعها عبء تجدیدها بدعوى مبتدئة ورسوم قضائیة جدیدة وهذا ما ذهبت إلیه الأسباب الموجبة للمادة (78) من قانون المرافعات المدنیة ، فالدعوى الأصلیة إذا ما أبطل الحکم الصادر فیها نتیجة الطعن بعدم اختصاص المحکمة التی أصدرته مکانیاً فإنها تعود إلى حالها قبل صدور الحکم ، وإذا ما عادت کذلک فیلزم إحالتها إلى المحکمة المختصة للنظر فیها تطبیقاً لحکم المادة ( 78 ) المذکورة .
وهذا الرأی جدیر بالتأیید ذلک أن نص المادة ( 78) من قانون المرافعات المدنیة قد أوجب على المحکمة إذا قضت بعدم اختصاصها المکانی أن تحیل الدعوى إلى المحکمة المختصة ولیس فی نص المادة (78) ما یوجب أن تکون الدعوى حضوریة لکی تقرر المحکمة إحالتها إلى المحکمة المختصة ، ویستوی أن تکون الدعوى حضوریة أو اعتراضیه ، لان النص المتعلق بالإحالة جاء مطلقاً وهو یجری على إطلاقه کما أن هذا الرأی ینسجم مع الحکمة التی یتوخاها المشرع من نص المادة ( 78) ، وهی اختصار الوقت والجهد والنفقات التی تتطلبها إقامة الدعوى مجدداً فی حالة ردها . هذا من ناحیة ومن ناحیة ثانیة فإن المادة ( 184 ) من قانون المرافعات المدنیة تنص على انه " یجری على الدعوى الاعتراضیة ما یجری على القضایا المنظورة وجاهاً سواء فیما یتعلق بالإجراءات أم بالإحکام ما لم ینص القانون على خلاف ذلک وبما أن المادة (78) من قانون المرافعات المدنیة تعبر عن قاعدة عامة فی الدعاوى المنظورة وجاهاً لذا فإنها تطبق على الدعوى الاعتراضیة ، ونحن نعتقد أن القرارات التمییزیة تحتمل النقاش إذ ورد فیها أن قواعد الاختصاص المکانی لا تجری فی المرحلة الاعتراضیة وهذا الاجتهاد لا مبرر له إذ لا اجتهاد فی مورد النص وذلک لان المادة (78) جاءت صریحة وقاطعة من حیث إنها ألزمت المحکمة إذا ما قضت بعدم اختصاصها المکانی أن تحیل الدعوى إلى المحکمة المختصة ولم تقید ذلک فی الدعوى الحضوریة دون الدعوى الاعتراضیة کما أن المادة (78) تعبر عن قاعدة عامة لذا فإنها تطبق على الدعوى الاعتراضیة استناداً إلى أحکام ( المادة 184 من قانون المرافعات ) .
المطلب الثانی
رفض الدفع بعدم الاختصاص المکانی فی الدعوى الاعتراضیة
ذهبت محکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة إلى القول بأنه لا محل للدفع بعدم اختصاص المحکمة مکانیاً فی الدعوى الاعتراضیة إذ قضت:" فی الدعوى البدائیة المرقمة 44/ب/2004 ادعت المدعیة لدى محکمة بداءة الموصل بأنها والمدعى علیهم شرکاء على وجه الشیوع فی العقار تسلسل 83/1 سنجار ولعدم قابلیته للقسمة بالنسبة لأصغر حصة بین الشرکاء . لذا طلبت دعوتهم للمرافعة وإجراء الکشف والتقدیر وإصدار القرار بإزالة شیوعه بیعاً وتوزیع البدل بین الشرکاء کلاً حسب سهامه بعد طرح کافة الرسوم والمصاریف ونتیجة المرافعة فقد أصدرت محکمة الموضوع حکماً غیابیاً مؤرخاً فی 9/8/2004 تضمن الحکم بإزالة شیوع العقار بیعاً وتوزیع صافی الثمن بین الشرکاء ولعدم قناعة المدعى علیها بالحکم الغیابی فقد اعترضت علیه بلائحتها المؤرخة فی 25/8/2004 طالبة جرح وإبطال الحکم الغیابی وبنتیجة المرافعة فقد أصدرت محکمة الموضوع حکماً حضوریاً مؤرخ فی 18/10/2004 تضمن إبطال الحکم الغیابی ورد دعوى المدعیة ولعدم قناعة الممیزة بالقرار المذکور فقد طعنت به بواسطة وکیلها بلائحته المؤرخة 24/10/2004 طالباً نقضه لأسباب ذکرها فیها . القـرار :
لدى التدقیق والمداولة وجد أن الطعن التمییزی واقع ضمن المدة القانونیة فتقرر قبوله شکلاً . ولدى عطف النظر إلى الحکم الممیز وجد انه غیر صحیح ومخالف لأحکام المادة (74) مرافعات لان الدفع بعدم الاختصاص المکانی قد سقط الحق فیه لان المحکمة تعرضت لموضوع الدعوى لذا تقرر نقض الحکم الممیز وإعادة الإضبارة إلى محکمتها لملاحظة ما تقدم والنظر فی أسباب الاعتراض الأخرى وإصدار الحکم على ضوء ذلک على أن یبقى رسم التمییز تابعاً للنتیجة وصدر القرار بالاتفاق فی 20/شوال/1425هجریة الموافق 1/12/2004م.
ویتضح أن محکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة قد استندت فی إصدار قرارها المشار إلیه أعلاه إلى نص المادة (74) من قانون المرافعات المدنیة التی تقضی بأن الدفع بعدم الاختصاص المکانی یجب إبداؤه قبل التعرض لموضوع الدعوى وإلا سقط الحق فیه وذهبت محکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة إلى القول بأن حق المعترض بالدفع بعدم الاختصاص المکانی قد سقط لان محکمة بداءة الموصل قد تعرضت لموضوع الدعوى عندما فصلت فی الدعوى وأصدرت حکمها بإزالة شیوع العقار موضوع الدعوى .
وفی تقدیرنا إن قرار محکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة یحتمل النقاش ، وذلک للأسباب الآتیة :
أولا :إن محکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة قد فسرت عبارة "التعرض لموضوع الدعوى " الواردة فی المادة "74 " من قانون المرافعات المدنیة تفسیراً لا محل له ، وذهبت إلى أن التعرض لموضوع الدعوى من قبل المحکمة یؤدی إلى سقوط الحق فی الدفع بعدم الاختصاص المکانی . وهذا التفسیر محل نظر ذلک أن المسلم به تشریعاً وفقهاً وقضاءً أن الدفع بعدم الاختصاص المکانی مقرر لمصلحة المدعى علیه " المعترض ". وبالتالی فأن التعرض لموضوع الدعوى الذی أشارت إلیه المادة "74 " من قانون المرافعات المدنیة والذی یؤدی إلى سقوط الحق فی الدفع بعدم الاختصاص المکانی ، هو التعرض الذی یحصل من المدعى علیه " المعترض " لا من قبل المحکمة لا نه لم یقرر لمصلحتها .
ثانیاً: یتضح من قرار محکمة استئناف نینوى بصفتها التمییزیة إن الدفع بعدم الاختصاص المکانی لا محل له فی الدعوى الاعتراضیة طالما أن المحکمة قد تعرضت لموضوع الدعوى . وهذه النتیجة غیر صحیحة لان التسلیم بها یؤدی إلى تعطیل الدفوع الشکلیة کافة فی الدعوى الاعتراضیة ویتعارض مع نص المادة " 73/2 "من قانون المرافعات المدنیة التی أجازت إبداء الدفع ببطلان تبلیغ الدعوى والأوراق الأخرى فی عریضة الاعتراض على الرغم من أن الفقرة الأولى من ذات المادة قد أوجبت إبداء هذا الدفع قبل التعرض لموضوع الدعوى .
ثالثاً: إنَّ سقوط الحق فی الدفع بعدم الاختصاص المکانی فی الدعوى الاعتراضیة یتعارض مع نص المادة " 184 " من قانون المرافعات المدنیة التی نصت على أن: "یجری على الدعوى الاعتراضیة ما یجری من القواعد على القضایا المنظورة وجاهاً سواء فیما یتعلق بالإجراءات أم بالأحکام ما لم ینص القانون على خلاف ذلک " وبما أن الدفع بعدم الاختصاص المکانی الوارد فی المادة "74 " یعد من القواعد العامة بالنسبة إلى الدعاوى المنظورة وجاهاً ، لذا فأنها تنطبق على الدعوى الاعتراضیة أیضا.
الخاتمــة :
بعد أن انتهینا من کتابة هذا البحث توصلنا إلى جملة من النتائج والتوصیات نبینها بحسب ما یأتی :-
أولا – النتائج
أ- توخی نظر الدعوى من القاضی الذی یکون بإمکانه الإحاطة بتفاصیل موضوع الدعوى أکثر من غیره لقربه منه .
ب- مراعاة الاعتبارات الإنسانیة فی بعض الدعاوى ، کدعاوى الأحوال الشخصیة.
ت- تبسیط إجراءات التقاضی وحسن سیر العدالة واختصار الوقت والجهد والنفقات.
ث- الأصل براءة الذمة ، کما أن الدین مطلوب ولیس محمولاً . فالأصل أن الدائن (المدعی) هو الذی یسعى إلى المدین ( المدعى علیه ) .
أ- یجوز للخصوم الاتفاق على مخالفة قواعد الاختصاص المکانی سواء أکان هذا الاتفاق صریحاً أم ضمنیاً بسکوت المدعى علیه عن الدفع بعدم اختصاص المحکمة بالدعوى التی یرفعها المدعی .
ب- إن الذی یدلی بالدفع بعدم اختصاص المحکمة المکانی هو المدعى علیه وحده، وبالتالی فمن تدخل تدخلاً اختصامیاً لا یجوز له الإدلاء بالدفع بعدم الاختصاص المکانی لأنه یُعدّ فی حکم المدعی ، والمدعی لا یجوز له التمسک بهذا الدفع ولان تدخله یعد قبولاً منه لاختصاص المحکمة المکانی ، أما من یتم إدخاله شخصاً ثالثاً إلى جانب المدعى علیه فیعد فی حکم المدعى علیه وبالتالی یحق له الدفع بعدم الاختصاص المکانی .
ت- یجب على المدعى علیه إن یدلی بالدفع بعدم الاختصاص المکانی مع سائر الدفوع الشکلیة وقبل الدخول فی أساس الموضوع وقبل إبداء أی طلب وإلا سقط الحق فی الإدلاء به .
ث- لیس للمحکمة أن تقضی بعدم اختصاصها اختصاصاً مکانیاً من تلقاء نفسها دون أن یقع دفع أمامها بعدم اختصاصها.
نأمل من المشرع العراقی وحسماً لکل جدل یثار بشأن الموضوع تعدیل المادة (184) من قانون المرافعات بأن یصبح النص الحالی هو الفقرة ( أ ) فیه وتضاف إلیه فقرة ثانیة تنص على أنه : " ب – لا یعمل بقواعد الإحالة لعدم الاختصاص إذا قضت المحکمة فی أساس الدعوى وطعن فی حکمها بطریق الاعتراض أو الاستئناف،وعلى المحکمة المرفوع إلیها الطعن أن تقضی بإبطال الحکم المطعون فیه أو فسخه ورد الدعوى لعدم اختصاص المحکمة التی أصدرته".
The Author declare That there is no conflict of interest
References (Arabic Translated to English)
Language Books
1. Ibrahim Mustafa, Ahmed Hassan Al-Zayat, Hamed Abdel-Qader, Mohamed Ali Al-Najjar, the Medieval Dictionary, C1, the Islamic Library, Istanbul-Turkey, without a year printed.
2. Al-Ahmad Ahmed bin Mohammed Ali Al-Fayoumi Al-Muqri, Al-Mounir Lamp, Dar Al-Hadith, Cairo, 2003.
3. Imam Ismail bin Hammad al-Jawhari, Dictionary of the Sahih, I 1, Dar al-Maarifah, Beirut-Lebanon, 2005.
4. Sheikh Abdullah al-Bustani, Al-Bustan Linguistic Dictionary, Beirut, 1927.
Second: Legal books
5. Ibrahim Al-Mashahadi, Legal Principles in the Court of Cassation, Civil Proceedings, Al-Jahez Press, Baghdad, 1990.
6. Ibrahim Al-Mashahadi, chosen by the Court of Cassation, Civil Procedure Department, C3, 1999.
7. Ibrahim Al-Mashahadi, Lawyer of Lawyers, C1, in Pleadings and Evidence, Baghdad, 1999.
8. Dr. Ahmed Abu Al-Wafa, Commentary on the Texts of the Law of Pleadings, C1, I 2, Knowledge Establishment, Alexandria, 1975.
9. Dr. Ahmed Abu Al-Wafa, Theory of Defenses in the Law of Pleadings, I 8, Knowledge Establishment, Alexandria, 1988.
10. Dr. Ahmad Hindi, Civil and Commercial Trials, University House, Beirut, 1989.
11. Dr. Adam Wahib al-Nadawi, Civil Proceedings, Dar al-Kutab for Printing and Publishing, Mosul University, 1988.
12. Dr. Ramzi Saif Al-Waseet in explaining the Civil and Commercial Procedures Law, 1, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo, 1968.
13. Sadeq Haidar, Explanation of the Code of Civil Procedure, lectures given to students of the Iraqi Judicial Institute, drawn in Runeo, Baghdad, 1986.
14. Diaa Shit Khattab, Al-Wajiz in explaining the Civil Procedure Law, Al-Ani Press, Baghdad 1973.
15. Dr. Abbas Al-Aboudi, Explanation of the provisions of the Civil Procedure Law, Dar Al-Thaqafa, Amman, 2006.
16. Dr. Abbass Al-Aboudi, Explanation of Civil Procedure Law, Comparative Comparative Study of Judicial Applications, Dar Al-Ketub for Printing and Publishing, Mosul University 2000.
17. Abdul Rahman Al-Alam, Explanation of Civil Procedure Law No. 83 of 1969, C1, I 2, Al-Ani Press, Baghdad, 1996.
18. Abdul Rahman Al-Alam, Explanation of Civil Procedure Law, C2, Al-Ani Press, Baghdad, 1972.
19. Dr. Abdel-Monem El-Sharkawy and Dr. Fathi Wali, Civil and Commercial Pleadings, First Book, Dar Al-Nahda Al-Arabiya, Cairo 1977.
20. Mohamed El Ashmawy and Dr. Abdel Wahab El Ashmawy, Rules of Procedure in Egyptian and Comparative Legislation, C2, The Model Printing Press, Cairo, 1958.
21. Medhat Al-Mahmoud, Explanation of Civil Procedure Code No. 83 of 1969, C1, Al-Hussam Press, Baghdad, 1994.
22. Medhat Al-Mahmoud, Explanation of Civil Procedure Law No. 83 of 1969, Practical Applications, Part II, Judgments and Methods of Appeal, Al-Khairat Press, Baghdad, 2000.
23. Dr. Mamdouh Abdel-Karim Hafez, Explanation of Iraqi Civil Procedure Law No. 83 of 1969, C1, I 1, Baghdad 1972.
24. Mufleh Awad al-Qudah, Civil Procedure and Judicial Organization, vol. 3, Dar al-Thaqafa, Publishing and Distribution Library, Jordan 1998.
25. Dr. Nabeel Ismail Omar, The Fall of the Right to Take Action in the Procedural Law, Knowledge Establishment, Alexandria 1989.
Third: Periodicals
26. Collection of Judgments, Second Edition, Twelfth Year, 1981.
27. Collection of Judgments, No. 4, 1970.
Fourth: Judicial decisions
28. Decision 619 / BP / 2004 of 1 December 2004, Ninewa Court of Appeal as discriminatory (unpublished).
Fifth: Laws
29. Iraqi Civil Procedure Law No. 83 of 1969.
30. Iraqi Civil Code No. 40 of 1951.